فاز الشاعر ديريك والكوت بجائزة"تي أس أليوت"وأفاد أعضاء لجنة التحكيم بأن قرار منح الجائزة الى مجموعة ديريك والكوت"طائر البلشون الأبيض"White Egrets لم يتطلب منهم وقتاً طويلاً لأن اللجنة عدت مجموعته الفائزة"معياراً تقاس على ضوئه الأعمال المشاركة الأخرى". وفضلتُ ترجمة العنوان بالمفرد لأن العربية تميل الى استعماله هكذا على عكس الإنكليزية التي تميل الى استعمال الجمع غالباً. والبلشون الأبيض هو طائر يعيش قرب الماء من فصيلة طائر مالك الحزين نفسها المعروف بلونه الرمادي. وفاز الشاعر بالجائزة عن أفضل مجموعة شعرية منشورة في المملكة المتحدة وإرلندا وقد نافسه عليها شعراء كبار كان من ضمنهم الشاعر الإرلندي شيمس هيني الحائز على جائزة نوبل عام 1995 وعلى جائزة اليوت عام 2006 وبرين تيرنر الذي حارب في العراق وسام ويليتس الذي جاءت مجموعته الأولى بعد عشرة أعوام قضاها في إدمان الهيرويين والشفاء منه على ما ذكرت شارلوت هيغنس في صحيفة"الغارديان". وقد سلمت أرملة أليوت الشاعر خمسة عشر ألف جنيه استرليني في حفلة أقيمت في لندن. ووصفت رئيسة لجنة التحكيم الشاعرة آن ستيفنسون المجموعة الفائزة"بالمؤثرة شعرياً والمحكمة تقنياً". وأوضحت بأنهم لم يحتاجوا الى وقت طويل كي يقرروا بأن مجموعة والكوت هي معيار شعري تقاس على ضوئه المجموعات الأخرى المشاركة التي ضمت شعراً جميلاً أيضاً. وقد كان والكوت موضوعاً لعناوين الصحف عام 1992 عندما سحب ترشيحه من منصب أستاذ كرسي الشعر في جامعة أوكسفورد بسبب ادعاءات قدمت ضده اتهمته بالتحرش الجنسي. وأنكرت ستيفنسن بأن يكون لتلك القضية أي تأثير في لجنة التحكيم التي لم تأخذها بالاعتبار وامتدحت براعة الشاعر والتقنية بقولها:"إنه عمل متكامل من البداية الى النهاية"فكل قصيدة جاءت مرتبطة تماماً بالأخرى". وتضيف:"إنه شاعر كبير جداً ? أحد أفضل شعراء الإنكليزية". وبينما تصف الكاتبة سارة كراون في جريدة"الغارديان"مجموعة والكوت"بالتأمل والموت والحزن وانقضاء العمر"، بحيث تعدّى مزاج والكوت فيها مزاجاً رثائياً. فطائر البلشون الأبيض في عنوان الديوان هو استعارة متحولة، فطيور البلشون"تتبختر في المطر كما لو أن لا شيء مميتاً يمكنه النيل منها". تنظر ستيفنسون الى نصوص والكوت في شكل مغاير فهي تبين عودته الى محيطه الكاريبي بعد إقامات موقتة قضاها في إنكلترا وأميركا وتعلن عن مباركته العالم بدلاً من التشكي منه. إلا أن ما أعجب الكاتبة كيت كيلاوي في هذه المجموعة هو تصويرها ما تسميه، في مقال سابق لها في جريدة الأوبزرفر، اللحظات العرضية للجمال النبيل والقصيدة الأخيرة فيها التي جاءت تحت عنوان"بلا عنوان"، تنظر ترجمتها في نهاية المقال، لها منظور من الجو أثيري aerial: إنها وداع لعالم أزرق. إذ تمنحك القصيدة شعوراً بأن كاتبها شيخ بحر جليل. وما تجب على المرء تحيته في الأخير هو الشجاعة التي تلزمنا أن نرى الفشل بالعين كما يفعل والكوت ويكتب عنه"فالشاعر كان على الدوام قاسياً بخصوص محاولاته في الرسم، ويمكنني أن أضيف ان الشاعر استعمل في بناء هذه القصيدة تقنية عين الكاميرا في تصوير مشهدي للبحر والمدينة ومينائها عبر حركة طائر البلشون الأبيض وتجميع هذه الجزيئات التي تبدو للوهلة الأولى متناثرة يمنحك مشهداً بانورامياً تستطيع من خلاله قراءة تحولات الزمن قراءتين: إحداهما عمودية من الأعلى الى الأسفل الطائر في مقابل الوديان بظلالها العميقة والأخرى أفقية تتمثل بالمسح التصويري عبر الكاميرا للمدينة ببحرها ومينائها وطرقها المتعرجة. وقد ضمت القائمة القصيرة عشرة شعراء فضلاً عن شيمس هيني وبرين تيرنر وسام ويليتس، وهم: سيمون ارمتاج وفيونا سامبسون وباسكال بيتيت وآني فرويد وجون هينز وبرين روبرتسون. وتقول ستيفنسون إنه يمكن أن تختار لجنة التحكيم مجموعتين أو ثلاثاً من القائمة القصيرة لتنوه بها بصفتها مجاميع تحتوي"شعراً ذا مستوى رفيع جداً". واستأثرت الجائزة باهتمام جمهور واسع حضر يوم الأحد الماضي الى إحدى قاعات لندن الشهيرة Royal Festival Hall لسماع شعراء القائمة القصيرة وهم ينشدون قصائدهم. ولد والكوت في سانت لوتشيا إحدى جزر البحر الكاريبي عام 1930 وحصل على نوبل عام 1992. عمله الكبير"اوميروس"1990 ملحمة شعرية استعادت إلياذة هوميروس وأوديسه بنسيج جديد يصور فيه الشاعر محيطه الكاريبي"حياة البحر ويوميات الناس اليومية. وله أعمال شعرية أخرى، منها:"25 قصيدة"1948 و"في ليلة خضراء"1962 و"قصائد مختارة"1964 و"الخليج وقصائد أخرى" 1969 و"حياة أخرى"73 و"عنب البحر"1976 و"المسافر المحظوظ"1981 و"منتصف صيف"1984 و"قصائد مختارة"1993 و"المبذر"2004 فضلاً عن أعمال مسرحية ومقالات وحوارات كثيرة. وتمنح جمعية الكِتاب الشعري Poetry Book Society جائزة"تي أس اليوت"وقد فاز في هذه الجائزة العام الماضي فيليب غروس عن مجموعته"طاولة الماء"The Water Table. وفاز قبل ذلك آخرون مثل دون باتيرسون وكارول آن دافي شاعرة البلاط الملكي الحالية وتيد هيوز شاعر البلاط الملكي الأسبق وشيمس هيني وأليس اوسوالد.