يتفق محللون إسرائيليون في الشؤون الحزبية على أن قرار زعيم"ليكود"رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو المفاجئ إجراء انتخابات داخلية مبكرة لزعامة الحزب بنهاية الشهر المقبل، يمهد لتتويجه زعيماً للحزب لسنوات طويلة في غياب من يمكن أن يكون منافساً حقيقياً له داخل الحزب، وبالتالي يمهد أيضاً لبقاء نتانياهو على كرسي رئيس الحكومة لسنوات كثيرة في غياب شخصيات على رأس الأحزاب المنافسة تتمتع بثقل حقيقي، أو في غياب شخصيات قيادية بوزن القيادات التي عرفتها إسرائيل في القرن الماضي، كما يرى بعض المراقبين. وخلافاً لولايته الأولى رئيساً للحكومة التي لم تتعدَّ ثلاثة أعوام 1996-1999 انتهت بسقوط حكومته وبهزيمة مدوية له في الانتخابات، يبدو الائتلاف الحكومي الحالي مستقراً للغاية، بل أكثر الائتلافات الحكومية استقراراً منذ نحو عقدين من الزمن. وتبيّن أمس أن معركة نتانياهو على زعامة الحزب محسومة مسبقاً. إذ يُستبعد أن يخوض نائبه الأول ومنافسه التقليدي سيلفان شالوم المنافسة بداعي أن الوقت المتبقي حتى موعد الانتخابات لا يتيح له الاستعداد لها، لكنه يعلم في الواقع أن نتانياهو، الذي سبق أن هزمه في منافسات سابقة، قد يلحق به هزيمة كاسحة هذه المرة حيال الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها داخل الحزب. وعليه، من المتوقع أن تنحصر المنافسة بين نتانياهو وعضو الحزب المتطرف من غلاة المستوطنين موشيه فيغلين الذي يتمتع بنسبة بسيطة جداً من التأييد. ولاقت خطوة نتانياهو، أو"الضربة الخاطفة"كما يصفها معلقون حزبيون، الترحيب من سائر أركان الحزب باستثناء شالوم. وجاء الترحيب الأبرز من وزير التعليم جدعون ساعر، إحدى أبرز الشخصيات النافذة في الحزب الذي يعتبره كثيرون الزعيم المقبل للحزب، بعد أن يقرر نتانياهو التنحي. كما لم ينبس نائب رئيس الحكومة موشي يعالون ببنت شفة حول طموحه للمنافسة على زعامة الحزب، ما يضمن جولة انتخابات هادئة لنتانياهو. ونجح نتانياهو في بسط نفوذه على مختلف المعسكرات داخل الحزب، خصوصاً الجناح اليميني المتشدد. ويستفيد نتانياهو من جمود العملية التفاوضية مع الفلسطينيين التي يعارضها المعسكر المتشدد، الذي يبدي ارتياحه أيضاً لاستمرار الاستيطان اليهودي في القدسالمحتلة. كذلك أطلق نتانياهو، سواء بالتشجيع المباشر أو بالصمت الموافِق، يد نواب هذا المعسكر لتشريع مجموعة قوانين تستهدف نشاط الحركات والمنظمات اليسارية والإعلام الحر والمواطنين العرب. وإذ أحكم نتانياهو قبضته على الحزب، فإن شعبيته في أوساط الإسرائيليين ما زالت في وضع جيد، إذ يأتي في استطلاعات الرأي في المرتبة الأولى بين الشخصيات الأنسب لقيادة الحكومة متقدماً على منافسيه بفارق كبير. وإلى الآن لا يبدو حزب"كديما"المعارض المحسوب على يمين الوسط قادراً على هزم"ليكود"في الانتخابات المقبلة المقررة رسمياً أواخر عام 2013، أولاً لأن الشارع الإسرائيلي يفضل ائتلافاً يمينياً بزعامة"ليكود"، على غرار الائتلاف الحالي، ثم حيال الوضع الداخلي المأزوم في"كديما"والمنافسة الشديدة المتوقعة لزعيمته حالياً تسيبي ليفني في الانتخابات المقبلة على زعامة الحزب. وتشهد الأشهر الأخيرة خلافات حادة بين أقطاب الحزب، إذ يتصرف كل منهم على هواه ويكادون لا يتفقون على أية مسألة، حتى البسيطة منها، ما يؤشر إلى القيادة الضعيفة لليفني. وتراجعت شعبية الحزب في الاستطلاعات الأخيرة لمصلحة حزب"العمل"الذي يمثل يسار الوسط، وذلك في أعقاب انتخاب الشخصية الناشطة في المجال الاجتماعي النائب شيلي يحيموفتس زعيمة له خلفاً لوزير الدفاع ايهود باراك الذي انشق عن الحزب وشكل حزباً جديداً "عتسمؤوت" لا تتوقع الاستطلاعات أن يجتاز نسبة الحسم، الأمر الذي استدعى تكهنات بأن باراك قد ينضم الى حزب"ليكود"في حال ضمن له نتانياهو موقعاً متقدماً على لائحته الانتخابية. وعلى رغم الاستطلاعات المشجعة لحزب"العمل"، إلا أنها لا تمنحه موقعاً متقدماً في الانتخابات المقبلة. وتشير هذه الاستطلاعات إلى أن تعزيز شعبية"العمل"ستكون على حساب"كديما"وحزب باراك المنشق، وهذا لن يحول دون توافر غالبية يمينية في الكنيست الجديد ستمنح الحكم مرة أخرى ل"ليكود"وشريكه الأبرز"إسرائيل بيتنا"بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، والأحزاب الدينية اليمينية المختلفة.