اجتاز رئيس الوزراء الإيطالي المكلف ماريو مونتي بنجاح أمس، تجربته الأولى في الأسواق وانهمك في تشكيل فريقه الحكومي بعد استقالة سيلفيو بيرلوسكوني المتهم بنسف صدقية البلاد. وبدأ مونتي، الاقتصادي الذي يحظى باحترام جامع، مشاوراتٍ أمس وتتواصل اليوم، مع الأحزاب السياسية الرئيسة والشركاء الاجتماعيين، لتخلُص إلى طرح لائحة من 12 وزيراً. ولقي اختيار مونتي استحساناً في الأسواق، إذ سجلت بورصة ميلانو ارتفاعاً كبيراً نسبته 2 في المئة بعد الافتتاح، وارتياحاً في فوائد السندات لأجل 10 سنوات بالغة 6.35 في المئة. كما تمكنت ايطاليا أمس، ومن دون أي مشكلة من طرح 3 بلايين يورو قروضاً للدولة لأجل خمس سنوات. وكانت نسب الفائدة على قروض مماثلة تجاوزت 7 في المئة الأسبوع الماضي، بالغة مستوى قياسياً ومعززة المخاوف من إفلاس الاقتصاد الثالث في منطقة اليورو. حكومة تكنوقراط ويُتوقع أن يشكل مونتي فريق حكومته خلال 48 ساعة، وهو المشهود له بحذره، وتتألف بأكثريتها من التكنوقراط وربما تشمل نحو 30 وزير دولة"سياسياً"لضمان دعم واسع في البرلمان. وبعدما تشاور مونتي أمس مع التشكيلات السياسية الصغيرة، سيكمل مشاوراته اليوم مع الأحزاب الأكبر ونقابات العمال وأرباب العمل. وأشار محللون، إلى أن"سوبر ماريو"سيبحث مع القوى السياسية في برنامج حكومي، يوازن بحكمة بين الإجراءات المقبولة لدى أكثرية اليمين المنتهية ولايتها، وتلك التي تطالب بها معارضة اليسار. وتبقى مجهولة مدة عمل هذا الجهاز التنفيذي. وكان الرئيس جورجيو نابوليتانو أعلن أنه يفضل"تجنب الانتخابات المبكرة في الربيع المقبل"، فيما يُفترض أن تطرح ايطاليا حتى نيسان ابريل عام 2012 سندات خزينة بقيمة 200 بليون يورو. لكن افترض بيرلوسكوني سواء كان من قبيل التحدي او لتجنب تفكك حزبه"شعب الحرية"، أن"يسحب الأخير الذي لا يزال الأكبر في مجلس النواب حيث يشغل 200 مقعد على رغم حركة الانشقاق الأخيرة، دعمه لمونتي في أي لحظة". ويتولى بيرلوسكوني تصريف الأعمال حتى أداء الحكومة الجديدة القسم، وربما قد يستخدم سلطته للتخريب في حال تجاوزت حكومة مونتي تطبيق خطة الاتحاد الأوروبي لتبدأ إصلاح القانون الانتخابي. على الصعيد الاقتصادي، لا يُستبعد أن يعلن مونتي بسرعة إجراءات لتصحيح الموازنة بطلب من الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى احتمال عجز روما عن تحقيق طموحاتها في التوازن المالي مع حلول عام 2013 ، على رغم خطط التقشف التي أُقرّت الشهور الماضية بسبب انعدام النمو. وفي هذا الاطار يمكن أن يقرر إعادة الضريبة العقارية على مقر السكن الرئيس التي ألغاها بيرلوسكوني، وفرض ضريبة على الثروة التي ترغب فيها نقابة أرباب العمل حتى، لكن بيرلوسكوني وهو ثالث أثرياء ايطاليا كان يعارضها، كما يعتبر إصلاح نظام التقاعد إحدى المهمات المرتقبة، كما على مونتي تحرير أسواق العمل لإنعاش النمو، ما يمكن أن يثير استياء النقابات. الصحافة واعتبرت الصحف الايطالية الصادرة أمس، أن رجل الاقتصاد ماريو مونتي يمثل"تحدياً جدياً"و"ايطاليا الاخرى"مقارنة بسلفه المستقيل سيلفيو بيرلوسكوني، معتبرة أن حكومة التكنوقراط التي يستعد لتشكيلها هي"تغيير في الحقبة". ورأت صحيفة"لا ريبوبليكا"، أن"نبرة وشكل"تعيين مونتي لقيادة ايطاليا يشكل"تغييراً في الحقبة وليس فقط تغييراً حكومياً، إذ غابت الابتسامات وساد القلق العارم والقناعة بقدرة ايطاليا على النجاة". واعتبرت صحيفة"ايل سولي 24 اوري"الاقتصادية، أن وصول مونتي الى السلطة"يرمز إلى عملية انتقال تمت في أيام قليلة وأخيراً في ساعات قليلة. انها صورة تحيل إلى ايطاليا الأخرى، فمنذ النهضة التي ادت الى التوحيد لطالما وجدت ايطاليا معناها التاريخي وهويتها في أفضل الأشكال، عندما تتمكن من التمدد نحو اوروبا". وأعلنت صحيفة"كورييري ديلا سييرا"الصادرة في ميلانو، أن هذا الإنصاف في الإصلاحات"كلما كان أوسع نطاقاً ازداد تقبل المواطنين لها، وكلما زادت الإصلاحات إنصافاً ستتضاعف الأكثرية التي تؤيد الحكومة". واشارت صحيفة"لا ستامبا"، إلى"المسؤولية الجماعية"للايطاليين في أزمة الثقة الحالية، مشيرة الى"الحديث عن التحرير الوطني كما لو أن ديكتاتوراً سقط من السماء وخرب البلاد بمفرده". لكن صحيفة عائلة برلسكوني"ايل جورنالي"أكدت أن"الأمر لم ينته"بالنسبة الى رئيس الوزراء المستقيل، إذ وصف كاتب افتتاحياتها فيتوريو فيلتري رئيس مجلس الوزراء الجديد بمجرد"محاسب". بيرلوسكوني وأكد بيرلوسكوني، عدم استسلامه حتى تحديث إيطاليا، وأن حزبه"شعب الحرية"سيدعم إدارة مونتي، وقال:"أود القول بوضوح كبير لمن هللوا لما سمّوه خروجي من الساحة، إنني سأضاعف جهودي حتى غد لتحسين إيطاليا، لن أستسلم إلى حين تحديثنا إيطاليا". وأشار إلى أنه لم يفقد أي أصوات ثقة في البرلمان، لافتاً إلى أنه استقال ل"منع تعرّض الأسهم والسندات الإيطالية لهجوم جديد في السوق المالية". ودعا إلى الوحدة من أجل"مواجهة الأزمة التي لم تولد في إيطاليا".