اتسمت زيارة نائب رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ إلى أوروبا بالأهمية لأسباب عدة. فهي تبرهن، أولاً، التزام الصين بالاتحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري. فقد بلغ حجم التبادل التجاري الصيني - الأوروبي عام 2009 نحو 300 بليون دولار وصادرات الصين الى الاتحاد الأوروبي تبلغ عشرين في المئة من إجمالي صادراتها. وهي تبحث الآن عن فرص استثمارية جديدة في أنحاء الاتحاد الأوروبي. ثانياً، توفر الزيارة فرصة لبداية جديدة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبين الصين التي تجاوزت مرحلة صعبة في الماضي القريب. وفي القمة الأوروبية - الصينية الأخيرة في تشرين الأول اكتوبر الماضي لم يحصل أي تقدم في شأن المطالب الصينية الرئيسة من الاتحاد الأوروبي لرفع الحظر المفروض على تصدير السلاح ومنحها وضع اقتصاد السوق. كما لم يحصل اتفاق في مسائل التجارة والسياسة الخارجية. وللصين مصلحة كبيرة للغاية في ازدهار واستقرار الاتحاد الأوروبي بصفته السوق الكبرى لصادراتها. وقد أرغمت أزمة الديون التي اجتاحت أوروبا وأثرت في اليورو في الأشهر الاثني عشر الماضية، حكومات الاتحاد الأوروبي على إعلان إجراءات تقشف صارمة. لكن الحكومات وجدت من العسير تطبيق الإجراءات هذه، وأكثرها يدخل في باب التخفيضات الاقتصادية، بسبب الاحتجاجات الواسعة النطاق التي امتدت من اليونان وإسبانيا الى إرلندا وإيطاليا. ويظل الوضع النقدي هشاً فيما تعاني دول عدة من معدلات ديون مرتفعة وهو ما زاد أعباء الاقتراض. وفي اجتماع في كانون الأول ديسمبر، وافق قادة الاتحاد الأوروبي على عرض آلية تثبيت دائمة لليورو كتعديل على معاهدة لشبونة. وأظهر ذلك التزام القادة السياسيين بضمان استقرار اليورو. وتتعين مراقبة كيف تتفاعل الأسواق إذا عادت الأزمة المالية واندلعت في واحد أو أكثر من بلدان الاتحاد الأوروبي. وتأثرت علاقات الاتحاد الخارجية باقتطاعات الموازنات وبدعاوى مكافحة سياسة الإغراق التي تمارسها الصين كإشارة إلى تصاعد المخاوف من البطالة في أوروبا. وأظهرت الصين الإرادة في مساعدة بلدان الاتحاد للخروج من صعوباتهم المالية. وعلق الاتحاد في مفاوضات مع الصين في شأن اتفاق استراتيجي جديد فيما تقف مسائل التجارة كالعقبة الأكبر. وتقول بروكسيل ان الصين لا تنفذ التزاماتها حيال منظمة التجارة العالمية في حماية حقوق الملكية الفكرية وتنتقد الصين لإنشائها الكثير من العقبات غير الجمركية، ما جعل من العسير على الكثير من الشركات الأوروبية الدخول الى السوق الصينية. أما الصين فتتهم الاتحاد الاوروبي بالمبالغة في اللجوء الى إجراءات منع الإغراق. وفي قمة عاصفة عقدت في تشرين الأول الماضي، اختلف الجانبان ليس فقط على حظر تصدير السلاح ووضعية اقتصاد السوق بل أيضاً على قضايا شبه الجزيرة الكورية وايران وافريقيا وحقوق الانسان. مع ذلك، شهد كانون الأول حواراً صينياً ? أوروبياً على مستوى رفيع، نوقشت فيه الخلافات الاقتصادية والتجارية. وأقرت المسؤولة عن سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، كاثرين آشتون، بأهمية تحسين العلاقات الصينية - الأوروبية. وقالت إن استمرار حظر تصدير السلاح"عائق كبير أمام تطوير تعاون صيني ? أوروبي قوي في مسائل السياسة الخارجية والأمن"وتابعت أن محاضرات الاتحاد الأوروبي عن الديموقراطية وحقوق الإنسان لن تستقبل استقبالاً حسناً في بكين. لذا، تأتي زيارة لي كيكيانغ الاتحادَ الأوروبي في لحظة مؤاتية وفي وقت يعيد فيه الجانبان تقويم أوضاعهما الداخلية والخارجية. * باحث عن "تشاينا ديلي" الصينية، 7/1/2011، إعداد حسام عيتاني