شكّلت القمة الصينية - الأوروبية ال 15 التي استضافتها بروكسيل، فرصة لرئيس الوزراء الصيني وين جياباو، ليطالب بالتخلي عن كل أشكال الحماية التجارية، والحصول على الاعتراف بوضع اقتصاد السوق الذي تطالب به بكين منذ زمن طويل. ويمنح إسناد «وضع اقتصاد السوق» بكين ضمانات أفضل لوصول منتجاتها إلى السوق الأوروبية، ويجعل الصين في مأمن من بنود مكافحة إغراق السوق بالبضائع. لكن القادة الأوروبيين يعتبرون ذلك سابقاً لأوانه، خصوصاً أن معظم الشركات الكبيرة في الاقتصاد الصيني تابعة للدولة، وتتمتع بامتيازات مثل الوصول إلى قروض ميسرة. ويُتوقع أن تحصل الصين على وضع اقتصاد السوق عام 2016، بعدما وافقت على فترة انتظار تدوم 15 سنة إثر انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة. وأسف وين، في كلمة ل «استمرار الحظر على الأسلحة»، الذي فُرض على بكين بعد القمع الدامي للتظاهرات من أجل الديموقراطية في حزيران (يونيو) 1989. وينقسم الأوروبيون حول رفعه، إذ استبعد ديبلوماسي أوروبي حصول «أي تقدم في هذا المجال»، قائلاً: «نحن متفقون على عدم اتفاقنا». وأشاد رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية جوزيه مانويل باروزو، بدور رئيس الوزراء الصيني خلال السنوات العشر الأخيرة، الذي سينسحب من الحكومة الصينية بعد ستة شهور، وهو مثّل بلاده في كل القمم مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 2003. واعتبر فان رومبوي، أن دور وين «كان أساسياً في وصولنا إلى ما نحن فيه اليوم». ونوّه ب «نمو التجارة الضخم والعلاقات التي نسجت بين بروكسيلوبكين في السنوات العشر الأخيرة». المستورد الأول وتشكل بلدان الاتحاد الأوروبي وجهة الصادرات الصينية الأولى، والمزوّد الثاني للصين بعد اليابان، كما تمثل الصين الشريك التجاري الثاني للاتحاد الأوروبي بعد الولاياتالمتحدة. وأكد وين، أن «ليس بين الصين والاتحاد الأوروبي تضارب مصالح كبير»، مؤكداً أن «التنمية التي حققناها فتحت أسواقاً كبيرة أمام الاتحاد الأوروبي، كما ضاعفت الشركات الصينية استثماراتها في أوروبا وإيراداتها، ما أتاح مزيد من الوظائف في أوروبا». وتُعقد القمة الأوروبية - الصينية في جلسات مغلقة، من دون أن يتقرر عقد أي مؤتمر صحافي بعد الاجتماع نزولاً عند رغبة الطرف الصيني، الذي طلب إمكان اختيار الصحافيين الذي يطرحون الأسئلة. وأوضح ديبلوماسي أوروبي، أن القمة هي «قمة التعزيز (لما أُنجز) وليس قمة قرارات جديدة». وفضلاً عن تعزيز العلاقات التجارية، يبدي الأوروبيون ارتياحاً للدعم الكبير الذي تقدمه الصين في مكافحة أزمة الديون في منطقة اليورو. ووافقت الصين مع دول ناشئة أخرى، على تعزيز مساهمتها في صندوق النقد الدولي في مقابل الزيادة في حصتها، كما لم تتوقف بكين عن شراء سندات دول الاتحاد الأوروبي. ويعوّل الأوروبيون على الصينيين، لاستخدام المخزون الضخم من العملة المقدرة لأكثر من 3200 بليون دولار. لكن لا تزال الخلافات قائمة بين الطرفين، إذ فضلاً عن حظر الأسلحة ووضع اقتصاد السوق، توجد ملفات تجارية شائكة مثل الفولاذ ومعادن الأرض النادرة (الاستراتيجية التي تكاد تحتكر إنتاجها الصين)، والألواح الشمسية، والضرائب على انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للطائرات التي تحلق في سماء أوروبا. وأعلنت المفوضية الأوروبية، أن الصين «أبرمت اتفاقاً للعمل مع الاتحاد الأوروبي على خفض الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من خلال مشاريع تشمل تطوير الأنظمة الصينية للاتجار في الغازات المسببة للظاهرة». ولفتت المفوضية في بيان، إلى أن مفوض شؤون التنمية في الاتحاد الأوروبي أندريس بيبالغز ووزير التجارة الصيني تشين ديمينغ، «وقعا اتفاق تمويل يشجع فكرة التحول، في اتجاه اقتصاد يعتمد على قدر قليل من الكربون وخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري في الصين». واعتبرت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المناخ كوني هيديغارد، أن اتفاق التمويل الصيني «خطوة مهمة لتعاون أوثق في اتجاه إقامة سوق دولية قوية للكربون». وسيساهم الاتحاد الأوروبي في مبلغ 25 مليون يورو (33 مليون دولار)، ومساعدة فنية على مدى أربع سنوات لثلاثة مشاريع تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون. وعلى صعيد منطقة اليورو، أظهرت بيانات أن خطة البنك المركزي الأوروبي في شراء سندات حتى الآن «أخفقت في تحقيق أي تحسن كبير في عمليات الشركات التي تشهد مشاكل في منطقة اليورو». أرقام وأشارت مؤسسة «ماركت» لمديري المشتريات، إلى أن «تباطؤ النشاط في قطاع الخدمات في منطقة اليورو تزايد هذا الشهر بأسرع وتيرة منذ تموز (يوليو) عام 2009، وكان أداء الشركات الفرنسية هو الأسوأ». وانخفض مؤشر مديري المشتريات في قطاع الخدمات في منطقة اليورو، وهو مؤشر جيد على الأداء الاقتصادي، إلى 46.0 في أيلول (سبتمبر) الجاري من 47.2 في آب (أغسطس) الماضي، ليأتي أقل حتى من أكثر التوقعات تشاؤماً عند 46.5، في استطلاع أجرته «رويترز». وتشير قراءة دون مستوى 50 نقطة إلى انكماش النشاط. وأعلن كبير الاقتصاديين في «ماركت» كريس وليامسون، «كنا نأمل في أن يعزز إعلان المركزي الأوروبي التدخل في سوق السندات في حال طلبت أسبانيا وإيطاليا المساعدة، الثقة في مناخ الأعمال»، ملاحظاً أن «الأمر ليس كذلك». وعن أداء القطاع الخاص الصيني، أفاد مسح لمديري مصانع القطاع الخاص، بأن قطاع الصناعات التحويلية «انكمش للشهر ال 11 على التوالي خلال هذا الشهر، ما يؤشر إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم مستمر في التباطؤ للربع السابع». وأظهر مؤشر «أتش أس بي سي» لمديري المشتريات في الصين، استقرار النشاط في خلال هذا الشهر، بعدما بلغ أدنى مستوى في تسعة شهور في آب الماضي، إذ ارتفعت قراءة المؤشر في شكل طفيف إلى 47.8 من 47.6 الشهر الماضي». وأعلن كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «أتش أس بي سي» تشو هونغبين في بيان، أن نمو الناتج الصناعي «لا يزال يتباطأ»، لكن وتيرة التباطؤ «آخذة في الاستقرار».