وجه الكونغرس الأميركي رسالة قوية للنظام السوري بموافقته وبغالبية مطلقة على المصادقة لإبقاء روبرت فورد سفيراً في دمشق ولاستكمال دوره المحوري هناك والذي يزعج إلى حد كبير الحكومة السورية. وفي تصويت لم يكن على جدول الأعمال مسبقاً، قام مجلس الشيوخ وفي وقت متأخر من ليل الاثنين - الثلثاء بالتصويت على تعيين فورد سفيراً في دمشق. وحاز التصويت على غالبية مطلقة من أصوات ممثلي الحزبين الجمهوري والديموقراطي وفي تحول صارخ عن العام الفائت، حين اضطر الرئيس باراك أوباما إلى تعيينه بمرسوم رئاسي بعد الفشل في حصد ثلثي الأصوات في الكونغرس ونظراً إلى رفض النواب وقتها سياسة الانخراط مع نظام الأسد واستراتيجية دفع المسار السوري في عملية السلام والتي كانت في صلب توجه الإدارة. وجاءت الحركة الشعبية في سورية والتحول الجذري في سياسة الرئيس باراك أوباما الذي دعا الأسد إلى التنحي في نهاية الصيف الفائت، لتضع وجود فورد في سورية في إطار مختلف ولتعيد خلط الأوراق في الكونغرس. إذ لم يعد ينظر لدور فورد كأداة ديبلوماسية للانخراط مع الأسد بل كمحرك فاعل للضغط على النظام للدخول في المرحلة الانتقالية، وللالتقاء مع شرائح المجتمع المدني من معارضة وتجار وحقوقيين ودعم الشعب السوري في مسيرته التغييرية. وكانت زيارة فورد حماه ودرعا للتعزية بمقتل الناشط غياث مطر ومن ثم الهجوم على السفارة في حزيران (يونيو) ووصولاً للاعتداء على موكبه الأسبوع الفائت، دوافع رئيسة لتغيير رأي الكونغرس والتصويت على إبقائه. ويمثل التعيين تبنياً من الكونغرس لسياسة أوباما حيال سورية، ورسالة تحدٍّ ضمني للنظام السوري بإبقاء السفير الأكثر ازعاجاً للنظام في دمشق. وكانت صحيفة البعث السورية هاجمت فورد منذ أيام واتهمت واشنطن بالتدخل في الشؤون السورية الداخلية. وكانت توقعات السلطات السورية تصب في عدم مصادقة الكونغرس على تعيين، وخصوصاً أن بعض النواب الجمهوريين طالب بسحبه منذ أشهر. وتعيد المصادقة خلط الأوراق السورية، وإعادة احتمال قيام دمشق بطرد فورد في المرحلة المقبلة. وعكست أجواء الإدارة الأميركية حالة ارتياح بالغة من المصادقة على تعيينه، وبعد أشهر من الاجتماعات مع نواب الكونغرس لإقناعهم بجدوى دور فورد في دمشق وضرورة استكمال مهامه الديبلوماسية هناك. وأكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن تصويت الكونغرس الداعم لفورد هو «مناسب ومرحب به»، واعتبر أن السفير الأميركي «كما كلنا يعرف هو مقدام في عمله وفي تسليط الضوء على الوضع في سورية، وفي الرد على الدعاية السياسية للنظام، ولإيصال رسائل قوية للحكومة السورية». كما أشاد المسؤول بقدرة فورد على «التضامن مع الشعب السوري وضمان أن جميع الأطراف لديها صوت». كما رحب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جون كيري بالتصويت معتبراً أن «حضور روبرت فورد في دمشق يضع ضغوطاً أكبر (على النظام) من سحبه ولأنه يعبر عن التضامن الأميركي مع الشغب السوري”. واعتبر كيري الذي كان وسيطاً سابقاً بين واشنطن ونظام الأسد أن تعيين فورد هو «رسالة قوية من الكونغرس للنظام» وأن فورد «سلط الضوء على الوحشية وساعدنا في فهم المعارضة المنبثقة» في سورية. ورأى كيري أن «أياماً صعبة تنتظرنا، ومن المهم أن نستمر في دعمنا لجهود الشعب السوري وأن نطالب الحكومة بوقف فوري للعنف».