لا شك في ان تدشين محطة الطاقة النوية في بوشهر واقعة تسهم في إضفاء بريق على صورة روسيا في العالم، وتعزز مكانتها فيه. فالخطوة دليل على أنّ موسكو لاعب مستقل، ويمكنها الدفاع عن مواقفها ومصالحها الخاصة، على رغم ضغوط الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. ويشرّع تدشين محطة بوشهر سوق الطاقة في إيران بوجه روسيا، خصوصاً في المجال النووي الواعد بفرص كبيرة غير سانحة لغيرها من القوى العالمية صاحبة تكنولوجيا بناء محطات الطاقة النووية. والحكومة الايرانية تسعى في تشييد 20 محطة طاقة نووية تبلغ كلفتها نحو 65 بليون دولار. ولا يُستبعد أن يتبع افتتاح محطة بوشهر النووية الطلب من روسيا مباشرة، ومن غير اجراء مناقصة، توقيع عقد جديد لبناء ما لا يقل عن محطتين جديدتين للطاقة النووية تبلغ قيمتهما نحو 5 بلايين دولار. ويضعف احتمال الهجوم العسكري الاميركي والإسرائيلي، اثر تشغيل مفاعلات بوشهر النوويّة. وليس هناك ما يسوّغ هجوماً أميركياً أو اسرائيلياً. فخطر انتشار الإشعاع النووي كبير جداً. ولن يقبل المجتمع الدولي بمثل هذه الخطوة. ولا يُستبعد كذلك أن تتذرع موسكو بتدشين محطة بوشهر لإعادة النظر في موقفها من تسليم إيران منظومة"اس 300"الدفاعية الصاروخية. فالمنظومة هذه ضرورية لحماية المرفق الاستراتيجي الذي أسهمت روسيا في بنائه. ودول كثيرة في العالم، ترغب في تشييد محطات الطاقة النووية. ولكن الخطط تُرجأ أو تُستبعد جراء أسباب مختلفة أهمها العجز عن حماية المرافق. وعليه، قد يحدو تزويد روسياايران منظومة الصواريخ الدفاعية دول أخرى على الاحتذاء عليها. ولا يجوز أن تنجم عن تسليم ايران منظومة"اس 300"ضجّة دوليّة. فهي منظومة دفاعية غير مشمولة بالعقوبات الاممية، على خلاف الاسلحة الهجومية. وتجني روسيا من انجاز صفقة المنظومة هذه نحو بليون دولار. ويرى كثر أن احتمال توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية وأميركية الى مفاعل بوشهر قبل التدشين ضعيف. فثمة آلاف الخبراء الروس في المحطة. ولن تتجرأ اسرائيل أو الولاياتالمتحدة على مثل هذه الضربة، وإلا اضطرتا الى جبه روسيا. والاميركيون والاسرائيليون يعرفون العواقب المترتبة على ضربة عسكرية من هذا النوع. وبين الخبراء العسكريين في اسرائيل والولاياتالمتحدة، من يرى أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تدمير إسرائيل نفسها، وربما تكون بداية نهاية الإمبراطورية الأميركية. *خبير في الشؤون الإيرانيّة، عن وكالة أنباء "إيران" الروسية، 20 /8/ 2010، اعداد علي شرف الدين