تبدلت نبضاتي، وبقي قلبي مكانه في أزيز مسافة لا يردني نباحها إليك. وبعينين طال انتظارهما أذرف هيئة امرأة رشيقة سريعة في المنحدر وبطيئة في القعر. وأركض إلى عيون مفتوحة باتجاه قمر ما زال يخفي نقوده في جيبي. ما زلت في بطن الحوت أفتح فمي لظل يزفره. وبدهشة أصابعي أتلمس صوتاً أردّ بأعضائي مشاكسات أسلاك كبرت معي وتدلت كنجمة تركتها ذات صباح عند سريري فتحجرت، أرفع أشرعتها وأفتش عني في قائمة وجوه تصيد الهواء مع كثير من غراء... لذبول أحاسيسي احتفال يشبه فاكهة سقطت في بطانة صوتي ولسعات أطبقت عليَ مساميرها، من حولي الحياة مروحة أنط كضفدع بين أحضانها وبالرتابة نفسها ألوذ بالحب، بالأمل وأيضاً بالحرب أو بخيط دخان يعقد سبحة حياة ويعقدنا... أشرد فيه قبل أن يغمرني أو يغمرنا الهلع... لا زالت ملامحي تتقهقر وسط جموع أنفاس أتلفت وتكدست فوق جهاز كومبيوتر وكتب تجلدت كعيدان حطب تتخبط في زاوية ولا أزال أضع شارة زمن ربيته بعينين من حصى، يفرد أبخرته فوق ثيابي ويعلو... وأنا أترقب بزوغ أجنحتك، أفرك فشلي بزوايا معتمة، فشلي الذي يشبه تمثال محارب قديم متوهج داخل جوف حوت يرتطم بقدر من سنوات قد يقل أو يكثر كي أبدع أو لا أبدع... لشد ما أتمنى لو كنت خفية لأوقف كل حروب العالم... الآن وقد تفتحت كل شقوق الألم أولد تدريجاً كضوء يرتب شيئاً غامضاً ينطفئ في الماء. ما يتشظى منا يعطينا استدارات كثيرة للوصول إلى ولادة تتراجع قبل أن تشهق. الكرة الأرضية في رأسي تكومت وجليدها بات يتكسر فوق روحي السابحة بدونك. سرعة دورانها تزداد. أخاف أن أجهض، وهذا الهواء المشبع بثاني أوكسيد الكربون يمحو كل هنيهة ثنيات أغنيتي في تموجات الماء وفوق رؤوس النخيل. خطوط تحدد وجهي، تميع تحت ليل يزداد حلكة وازداد بحثاً عن صوت يتهادى وسط التلوث كموجة مصوبة نحوي. أصبحت بعيدة بعد أن داهمني ظل نافر للرخام والزجاج والألمنيوم. قلبي ما عاد يعلوه الدخان، لذا دسسته تحت معطفي القديم وتركته خلف ضجيج قنطرة بلا نهاية. أنظر إليها من خلف ضجيج شوارع. أسلكها كأنني أسدد ضربة محكمة إلى فوهة مدوخة. قد أكون فريسة أبواب مغلفة إلا أن شيئاً يقفز كسأمي الذي ابتلعته ذات ليل تحت سماء مبقعة بغيوم مقسمة بتقاطع شهوات تقبض عليّ وتعطيني طعنة في القلب. بحر ثمل كشوق لشيء يختبئ في الأعماق. كصوت استغاثة أخيرة... يا للأيام التي سلمتني لوصايا رمل منذور للسراب. لم يكن لينتظرني أي مجد في هذا العالم. مثلي العليا ونقائصي التي لم أبح بها قط وحكمة جدتي التي تقول إن الخبز أثمن الأشياء، لم أكن لأتطابق معها. لتبتلعني، لأصبح تابعة للماء كلياً وألحق سمكة مستميتة لأكون ذاتي التي لا أجدها وأنجدل مع موجة تغمرني قبل الموت وبعده. البحر مرة أخرى. ينقلني في سلك ملوحته لرائحة شجرة تفاح تورق وتتلون حتى تصل إلى قوس قزح، يبني مجده فوق مدينة قديمة أتواطأ معها ويصعب عليّ إسكاتها، تتصاعد من فجوة التاريخ لتصبح هذا العبق أعلى مني. عبق مدينة ليست مجرد ذرات تخضع لتيار هواء يدفعها نحوي. تأتي إليَ، وتخرج مني، تتمدد كأنها تريد مشاهدة البحر لأدرك انني قارورة تجري الحياة بداخلها مع قليل من الكثافة ربما. قد تنفق عمرك في نفس المكان، تتعكرّ وتصفو. تتدفق أو يصيبك الجفاف. تتدحرج ببطء أيام تتدفق بداخلك، عمرك كله، إضاءة واحدة، كمثل حبة كرز لو كانت مستوية لكنا ربما جميعنا سعداء.