في تقرير صدر أخيراً تحت عنوان"تقديرات عن تكاليف أمن النشاطات السرية للسنة المالية 2009"، تبيّن أن الحكومة الأميركية أنفقت مبلغاً قياسياً قدره 9.93 بليون دولار لحماية المعلومات السرية المتعلقة بها وبالقطاع الصناعي. وذكر"مكتب الرقابة والأمن المعلوماتي"الأميركي الذي أعدّ التقرير، أن هذا المبلغ شمل توفير الأمن الشخصي لحماية المواد السرية، وأمن أنظمة المعلومات السرية، وأمن الأفراد. وقدّر التقرير تكاليف توفير الأمن للموظفين بقرابة 1.21 بليون دولار، بزيادة قدرها 11 في المئة. ويرجع ذلك أساساً إلى التحقيقات الدورية للموظفين، والتكاليف المرتبطة بأمن المعلومات. وزادت تكاليف إدارة تصنيف المعلومات السرية بنحو 27.46 مليون دولار فيما ارتفعت تكاليف رفع السرية عن المعلومات حوالى 1.92 مليون دولار. تعطي هذه الأرقام فكرة عن صورة المعركة لحماية المعلومات على الانترنت، التي تشكّل الحماية من هجمات قراصنة الكومبيوتر"هاكرز"جزءاً أساسياً منها. ولا تكتمل الصورة عن التهديدات الأمنية التي تواجه بيئات الحوسبة الافتراضية، إلا إذا تذكرنا الاتجاه المتصاعد لتبني مفهوم"الحوسبة السحابية"Cloud Computing من قِبل المؤسسات والأفراد، على حد سواء. والمعلوم أن الحوسبة السحابية تعني تشجيع جمهور العصر المعلوماتي ومؤسساته على وضع المعلومات والبيانات على شبكة الإنترنت، التي تصبح هي"سحابة"محمّلة بالمعلومات عن الفضاء الافتراضي وناسه وشركاته ومؤسساته ونشاطاته وغيرها. وعلى رغم حداثة هذا المفهوم الذي ظهر قبل سنوات قليلة جداً، فإن ميل الجمهور لوضع معلومات على الشبكة يتعمّق باستمرار، كما يظهر في رواج مواقع الشبكات الاجتماعية مثل"فايسبوك"و"توتير"، إضافة الى بلايين الأشرطة التي يضعها الجمهور على مواقع مثل"يوتيوب"و"ماي سبايس"، ما يعني أن"السحابة"المعلوماتية محمّلة بأهرامات هائلة من المعلومات الفائقة التنوّع. تشهد مبادرات تكنولوجيا المعلومات في الأسواق الناشئة نمواً سريعاً، في ظل توقعات الأفراد والمؤسسات طرح أفكار ومنتجات جديدة في الأسواق العالمية بسرعة توازي هذا النمو. وتوفر البنى التحتية الديناميكية والخدمات المدارة منصات ملائمة وتتيح للشركات والمؤسسات على اختلاف أحجامها المنصة اللازمة لتقديم حلولها للعملاء بأسرع الطرق وأقلها تكلفة. وتتوقع مؤسسة"غارتنر"Gartner المتخصصة في إحصاءات الاقتصاد الرقمي، نمواً متواصلاً لنشاطات استضافة المواقع خلال السنوات الخمس المقبلة، بحيث تنمو إيراداتها من 14.9 بليون دولار في 2008 إلى قرابة 29 بليون دولار بحلول عام 2012. يرتبط مصطلح الحوسبة السحابية في شكل وثيق مع مفاهيم الحوسبة الشبكيةGrid Computing وهيكلية الخدمات الموجّهة. إذ يستعمل جمهور الحوسبة السحابية، برمجيات ومعدات تأتيه من مزودين مستقلين يقدمون هذه الخدمات في شكل متزامن، ما يعزز من تقنيات المحاكاة الافتراضية. وهذا يعني أن التطبيقات والبيانات لم تعد مستقرة في جهاز كومبيوتر خاص أو خادم مخصص، بل موجودة ضمن"السحابة". ولا بد من أن تتمتع الشبكة بمستوى عال من الأداء والكفاءة، كي تتمكن من ربط الخدمات المختلفة إضافة إلى ربط المستخدمين بالخدمات المتنوّعة. تعمل الشركات الرائدة في قطاع الشبكات الرقمية مثل"سيسكو"Cisco، مع الهيئات المُكلّفة رسمياً بتحديد المعايير، بهدف صوغ بروتوكولات محددة لهذا السوق، وبالتالي تحقيق الرؤية الواسعة للحوسبة السحابية. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى إعطاء منطقة الشرق الأوسط أفضلية كبرى في بناء قواعد بيانات متطورة تستند إلى بيئات افتراضية كلياً. كما يمكن أن تساهم الحوسبة السحابية في تزويد الشركات المحلية والإقليمية في المنطقة العربية بالمحتوى العالمي، مع الاحتفاظ بالطابع الإقليمي، ما يزيد سرعة الوصول الى البيانات، كما يرفع كفاءة استخدامها والثقة بها من الجمهور عربياً وشرق أوسطياً. * مدير في شركة"سيسكو سيستمز"