هيئة الاتصالات تكشف عن تخطي مكالمات مكة والمدينة 320 مليون مكالمة خلال النصف الأول من رمضان    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التونسية بذكرى استقلال بلاده    أسس توقع مذكرة تفاهم مع "منصة إحسان" لدعم المشاريع الوقفية وتعزيز العمل الخيري    تدشين حملة "قلبك حياتك" في القصيم لتوعية العمالة الوافدة بأمراض القلب    الذهب يسجل 16 مستوى قياسيًا في 2025.. بينها 4 تجاوزت حاجز 3000 دولار    لماذا تعتبر الأصالة أهم من العرض لزيادة تفاعل الجمهور مع العلامة التجارية خلال شهر رمضان المبارك؟    مختص ل "الرياض": مشكلة أسراب الطيور تؤرق خبراء سلامة الطيران والطيارين حول العالم    27% من تداولات الأسهم للمستثمرين الأجانب    2062 ريالا أعلى متوسط إنفاق للسياحة بالأحساء    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    الولايات المتحدة تواصل عملياتها العسكرية ضد الحوثيين    "النقل" تواصل حملاتها وتحجز25 شاحنة أجنبية مخالفة    ولي العهد والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفيًا تطورات الأحداث في المنطقة    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة الصين ضمن تصفيات كأس العالم    تكريم الجغيمان بجائزة جستن    آل خضري وخضر يحتفلون بزواج فهد    موائد إفطار في أملج    بحضور مثقفين وشعراء وإعلاميين.. فنان العرب يشرف مأدبة سحور الحميدي    سحور عواجي يجمع أهل الفن والثقافة    قرار بمنع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    5 مدن استثمارية لإنتاج البن والتين    هدية من "مجمع الملك فهد".. مصاحف بطريقة برايل للمكفوفين ب"أريانة"    دشن مشروع الطريق الدائري الثاني بالعاصمة المقدسة.. نائب أمير مكة يطلع على خطط الجاهزية للعشر الأواخر    بعد اتصالات ترامب مع زيلينسكي وبوتين.. العالم يترقب النتائج.. محادثات أمريكية – روسية بالسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    طاش مديراً تنفيذياً للمدينة الطبية    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية والإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة تدين وتستنكر الغارات الإسرائيلية على غزة    "عائشة" تعود لأحضان أسرتها بعد 100 يوم من الغياب    مشروع "إفطار الصائم" في بيش يستهدف أكثر من 800 صائم يوميًا من الجاليات المسلمة    نهج إنساني راسخ    رينارد: مرتدات الصين تقلقني    "الأخضر" جاهز للصين    مستشار خادم الحرمين يزور المعرض الرمضاني الأول بمدينة الرياض    "الصحة" تعلن نتائج النسخة الأولى من الدوري السعودي للمشي دوري "امش 30"    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    أخضر الشاطئية يفتتح مشواره الآسيوي بمواجهة الصين    بطولة غرب آسيا .. الأخضر الأولمبي يخسر أمام عمان بهدف    حرائق الغابات والأعاصير تهدد وسط الولايات المتحدة    جامعة خالد تُطلق معرضها القرآني الرمضاني الأول    نائب أمير جازان يقلّد مساعد قائد حرس الحدود بالمنطقة رتبته الجديدة    برامج ( ارفى ) التوعوية عن التصلب تصل لمليون و800 الف شخص    رمضان في العالم صلوات وتراويح وبهجة    القوات الخاصة لأمن الطرق.. أمان وتنظيم لرحلة إيمانية ميسرة    شركة الغربية تحتفل بتخريج المشاركين في برنامج القيادة التنفيذية بالتعاون مع أمانة جدة    رمضان في جازان.. تراث وتنافس وألعاب شعبية    ممتاز الطائرة : مواجهة حاسمة تجمع الاتحاد والنصر .. والخليج يلاقي الهلال    7800 مستفيد من المناشط الدعوية بمسجد قباء    جامعة الملك سعود تُطلق مبادرة لاستقطاب طلبة الدراسات العليا المتميزين    مكافآت طلاب عسير 28 من كل شهر ميلادي    2611 بلاغا وحالة إسعافية بجازان    دمت خفاقاً.. يا علمنا السعودي    مباحثات أمريكية - روسية فنية في الرياض بشأن الحرب بأوكرانيا    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى جدة    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي ال32 لأمراء المناطق    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربع ساعة الصواريخ الباليستية وإعداد الرد عليها
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2010

يبدو التهديد الباليستي مؤاتياً للمهاجم، ومرجحاً لكفته على الصعيد الإعلامي والصعيدين التقني والنفسي، حتى يبدو الجواب للوهلة الأولى من غير جدوى. وعلى خلاف التوقع، يبدو الاستغلال الإعلامي في مصلحة المعتدي. فمحطات التلفزة في العالم كله بثت إطلاق الصواريخ الإيرانية قدر ?1 وسجيل في ايلول سبتمبر 2009. ولم يحتج الإيرانيون الى تسويغ وقع الإطلاق وصوره إلى الإعلان عن مخزون من هذه الصواريخ يضمن فاعليتها في حرب فعلية. وعلى رغم هذا، اضطلع الإعلان عن الصواريخ الباليستية بدور في المفاوضة النووية، وعلى خلاف الحال هذه، يقوم التجهيز الدفاعي ضد الصواريخ على وسائل ثابتة لا تبعث صورها في الإعلام على الطمأنينة والشعور بالقوة والحصانة. وفي 1991، لم يُفهم من بث صور بطاريات"باتريوت"في اثناء الاستعمال إلا دوام نظام صدام ومقاومته الحملة الدولية على احتلال الكويت. وخدمت الصور الدفاعية إرادة النظام العراقي في إظهار ضعف التحالف الدولي.
والوضع الدفاعي حَرِج مادياً كذلك، فأجهزة إطلاق الصواريخ وانخراطها في حركة النقل المدني تعقد التدمير الاستباقي وتجعله مستحيلاً. ووصول الصاروخ الباليستي من طريق الفضاء، واقترابه السريع والخفي من هدفه، يحولان دون رد سريع في الوقت الضيق المتاح. واعتراض طيران قذيفة تهوي في سرعة خاطفة قريب من اعتراض رصاصة برصاصة. ولا شك في ان إنشاء قبة دفاعية على مدى بلد يكاد يكون مستحيلاً ويقتضي جهداً مالياً هائلاً. ويؤدي انعدام الإنذار والافتقار الى المبادرة، ودوام الخطر، الى حرب أعصاب مرهقة. والحق ان الرأي العام في البلدان المهددة هدف بارز من اهداف هذه الحرب. والذعر الذي تثيره الهجمات بالصواريخ الباليستية قد يضاعف الخسائر. والضحايا الأوائل بعد الحادثة النووية في لونغ آيلند، في 1979، سقطوا في حوادث سير.
والقواعد العسكرية العاملة، عموماً، وهي امتداد بعيد لمنازعات مركزية، تتهددها الصواريخ على النحو نفسه. وفي أفغانستان ولبنان، تقع قواعد قوات الأطلسي أو قوات"اليونيفيل" على بعد مئات الكيلومترات من بلدان كثيرة تملك صواريخ باليستية. ولا ريب في ان الهيئات السياسية التي تمثل بلدها في ميدان مهدد، والقوات المشاركة والمرابطة في الميدان العدائي، لا تطيق إلحاح هاجس"دراكار"قيادة اركان القوة الفرنسية التي شاركت في حماية الانسحاب الفلسطيني من لبنان وهاجمتها عملية انتحارية في خريف 1983 قتلت 54 جندياً فرنسياً الى نحو 250 اميركياً في الموقع الأميركي، إذا تبلور التهديد، وقد تبدو العلاقة بين كلفة جهاز دفاعي وبين مردوده ضعيفة الجدوى، وتدعو الى الإقلاع عن إنشاء مثل هذا الجهاز.
ولكن عدد صواريخ"سكود"الذي أطلق منذ نحو 40 عاماً، وبلغ 3 آلاف صاروخ، يدعو الى تجديد النظر في المسألة، وتخطي تقدير ضعف الجدوى، وقيمة الصواريخ الباليستية المضافة تسوغ تجاوز استعمالها إطار المنازعات الإقليمية، وتعظم الاهتمام بها وبطور استعمالها الجديد. فامتلاكها يتيح الإقدام على اشتباك مع أي قوة أخرى وقبول مباشرته. وابتكرت التقنية طرائق القصف الجوي من فوق ومن علٍ. ولا يحصن العدو من الطرائق هذه امتلاكه طيراناً عسكرياً قوياً. ولكن القصف الكثيف الذي أصلته طائرات V-2 الألمانية، في 1944 و1945، مدينتي لندن وأنفرس، قرينة على ضعف فاعلية حرب من بعيد. وينبغي، في هذه الحال، ان يتمتع الضربة المحتملة بمفاعيل تفوق مفعول الانفجار، وتضعف صحة الخصم وتماسكه المعنوي. فثمة مدن محاصرة انهارت حين تفشى فيها الطاعون. وعليه، فتحميل الصاروخ رؤوساً جرثومية أو كيميائية أو نووية يمنحه طاقة إرهاب تعظم مفعول قدرته على الالتفاف.
وواتت الحرب الباردة، ثم سقوط الاتحاد السوفياتي، انتشار هذه الأسلحة التي تتسلح بنماذج متفرقة منها معظم البلدان القائمة بين ليبيا وكوريا الشمالية. والخريطة هذه تجعل القواعد العسكرية الفرنسية بأبو ظبي وجيبوتي في مطال القصف الباليستي. وهي كذلك حال بلدان جنوب أوروبا الشرقي. وتربط معاهدة لشبونة فرنسا ودول غرب أوروبا الأخرى بهذه البلدان في أحوال صدور القصف عن دول بموجب مادة الدعم المتبادل، أو عن هجمات إرهابية، بموجب مادة التضامن في وجه الإرهاب. والنزاع غير المتكافئ لا يقتصر على بنادق كالاشينكوف أو على عبوات متفجرة، على شاكلة قصف"حزب الله"قطعة بحرية إسرائيلية بصاروخ مضاد للسفن في تموز يوليو 2006، فانتشار هذا النوع من الأسلحة محتمل ومرجح. والكشف عن مدرعات في حمولة السفينة الأوكرانية"فاينا"، على أثر قرصنتها في ايلول 2008، وتيه المركب"اركتيكاسي"في آب اغسطس 2009، شاهدان على ان التجارة البحرية لا تقتصر على النفط والشاشات الملساء. وتقع باريس ولندن على أقل من 250 كلم من سكك إبحار تعبرها 100 ألف سفينة في العام الواحد.
والتحسينات التقنية المحتملة تبعث على تعاظم العناية بهذا السلاح، وتوسع دائرة البلدان المهددة، وينصب الجهد على مدى الصواريخ. ولا ريب في ان المدى بلغ 3 آلاف كلم وتخطاها. ولعل نقله، وتعذر التستر عليه، يقيدان استعماله في يسر. فصاروخ شهاب-3 الإيراني يبلغ طوله 16 متراً. فهو وحده عملية نقل استثنائية صغيرة. ولا تؤدي زيادة المدى الى خسارة كبيرة في دقة الإصابة. وتترجح دقة التصويب بين 50 متراً و900 متر. النماذج المتطورة تسعى في تعظيم قوة الاختراق وعواملها، من خداع وخفاء وانفصال الى اجزاء حين دخول الطبقة الجوية الملائمة. فلا يسع بلداً ناشطاً على الساحة الدولية التخلي عن مجابهة الخطر الداهم هذا ومعالجته.
وجواب الدول الأوروبية، في ظرف مالي حرج، يتكيف ويتدرج على ركن أحلاف أولها منظمة معاهدة شمال الأطلسي "الناتو"أو"الأطلسي". ويتولى الاستخبار وعمليات تقييد الانتشار مراحل العلاج الابتدائية، بجوار المنبع، فرصد مواقع الأسلحة هذه، وإحصاؤها، وتقويم قدراتها، مقدمات لا غنى عنها. ويطاول الاستخبار أول ما يطاول امتلاك كيان ليس بكيان دولة مثل هذا السلاح. واضطرار أصحاب السلاح الى تجريبه واختباره ينبه أجهزة الإنذار المبكر ومنها الرادارات البعيدة المدى والأقمار الاصطناعية، الى أثر السلاح، ويقود الى مصادره ومواضعه على نحو قاطع. ويضطلع التشخيص من طريق الأقمار الاصطناعية بدور حاسم في إرساء صدقية الردع النووي، ركن الأمن الأوروبي والأطلسي الأول والرد على البلد المبادر الى الاعتداء. وحصر موضع تنزلة جماعة إرهابية، وتطلق منها صواريخها، يتيح رداً دقيقاً إما بواسطة قوات خاصة أو بواسطة قصف بعيد صواريخ بحرية. ولا ينجم عن تقليص مخزون الصواريخ، وتعيين مصادر القصف، محو الأثر السياسي الذي يتمتع به هذا السلاح. وينبغي حمل المهاجم بالصواريخ على الشعور بالخوف والقلق، واستبدادهما به هو وليس بالمهاجَم، جراء حماية مسرح العمليات والمناطق الحرجة. ويمزج هذا النهج رصد الرادار والتدمير بواسطة الصواريخ أو اللايزر. ويتوقع ان يؤول التجهيز الأوروبي بصاروخ"آستر 30"الى تقليص دائرة التهديد بواسطة التدمير المباشر. وتدعو الشبهة في شأن الهدف الذي يسعى الصاروخ الباليستي البعيد المدى في بلوغه، واجتيازه عدداً من البلدان والمناطق من بحر وجزر وقارات، يدعو الأمران الى تصدي عدد من الأمم، متحالفة، الى رد منظم ومنسق يدمج الاحتمالات كلها، بحراً وبراً وجواً.
وتعمل الولايات المتحدة واليابان وروسيا وإسرائيل وسبعة بلدان أوروبية ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا واليونان وإيطاليا وهولندا على تجهيز قواتها بسلاح مضاد مناسب. وقد تنسق هذه البلدان جهودها... ويتولى"الأطلسي"التنسيق منذ اليوم في إطار"نظام دفاع مسرح العمليات على نحو طبقات فاعلة". وهو يرمي الى شبك الوسائل المتفرقة والمتوفرة بعضها بالآخر. يسوغ ثمن التهديد الزهيد المبادرة الى تجهيز ردع تقني مجز وفاعل على رغم دائرته المتواضعة. ولا يعدم التجهيز هذا جدواه في مفاوضة آتية على حظر صواريخ أرض ? أرض لا مناص منها.
* نقيب بحري ومتخرج دورة تدريب"ماريشال ليوتاي"في معهد الدفاع العسكري المشترك، عن"ديفانس وسيكوريتيه انترناسيونال"الفرنسية، نيسان ابريل 2010، إعداد وضاح شرارة.
نشر في العدد: 17190 ت.م: 28-04-2010 ص: 25 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.