في صيف عام 2006 أعلن أكثر من 2500 من بين أعضاء الاتحاد العالمي لعلم الفلك موت الكوكب بلوتون، وإزالته من قائمة الكواكب التي ظلت كتب الجغرافيا والفلك تقول لنا إن عددهم تسعة كواكب الأرض، الزهرة، عطارد، المريخ، المشتري، زحل، نبتون، أورانوس، بلوتون... وبعد أن تطورت أدوات الرؤية والمشاهدة، قال العلماء، إن بلوتون لا يرتقي إلى مصاف الكواكب السيارة... وأصدروا شهادة وفاة هذا الكويكب في براغ... ولأنه صغير الحجم لا يحق له أن يلعب مع الكبار. غير أن المفارقة جاءت بعد وفاة بلوتو من خلال ميلاد كوكب اسمه ميسي لاند. ويطلق عليه العرب عقلة الإصبع، لقصر قامته، لكن العلماء وغير العلماء في الفلك وبيع الفاصوليا يجمعون على أن هذا الميسي لا يمكن تصنيفه في خانة اللاعبين العاديين لأنه ببساطة غير عادي. ففينغر يقول إنه من طينة البلاي ستيشن أي أنه منتوج إلكتروني. بينما يقول خبير كرة سابق عندما شاهده يعبث باللاعبين والحراس كيفما شاء ووقتما شاء"هذا لاعب لا يوقفه إلا الرصاص"، وليت الأمر توقف هنا، فالشهادات في هذا اللاعب الأعجوبة وصلت ملك الكرة، البرازيلي"بيليه"الذي قال بلغة فيها شيء من الغيرة"نقول عن لاعب إنه الأفضل في العالم عندما يسجل ألف هدف"ويقصد أن كل ما سبقوه أو جاؤوا بعده لم يسجلوا نصف ما سجل خلال مشواره مع سانتوس والسامبا وكوسمومس. ونذكر جميعاً الملاسنة التي وقعت بين بيليه وروماريو عند تراجع هذا الأخير عن اعتزاله بهدف اللعب بعد الأربعين وبلوغ الألف هدف. وهو ما لم يعجب بيليه الذي نصحه بعدم المغامرة فكان رد روماريو عنيفاً، إذ تجرأ وقال للملك"ضع حذاء في فمك..."، وشعر بيليه بأن كرامته تعرضت للإهانة ولم يقل شيئاً بعدها... ولكن كثيرين قالوا ما بال الملك يمنع غيره من مواصلة اللعب لتحطيم رقمه؟ أم أنه الشعور بالمستحيل، أو ربما هي غيرة الرجال. ميسي يلعب كرة كتلك التي نشاهدها في أفلام الكرتون اليابانية، لهذا يمكنه تسجيل ألف هدف وهدف، خصوصاً أن سنه تسمح بذلك، إذ يكفي أنه سجل هذا الموسم 50 في المئة من أهداف فريقه. فلو قلنا إنه سجل منذ بدء مشواره 300 هدف، فإن أمامه ما يسمح له بتسجيل ضعف ذلك، وبالتالي يمكنه أن يتجاوز الملك بيليه، ويتربع على عرشه، وحينها ربما يكون الأرجنتينيون قد أخرجوا للعالم من ينسيهم نجوماً غطت طويلاً على مملكة الكرة في أرض تحت كل حجر لاعب. وعلى رغم ذلك فإن ميسي يقول لبيليه كما قال يوليوس قيصر لصديقه بروتس وهو يطعنه"حتى أنت يا بروتس". إن تصريحات بيليه، وهو اللاعب الذي يحوز احترام العالم كله شأنه في ذلك شأن محمد علي كلاي، لم تأت في وقتها، لأن ميسي اليوم يستفيد من هذا التطور الرهيب الذي تعرفه تكنولوجيا الاتصال، ويدخل البيوت دون استئذان. وهو ما لم يحزه بيليه، أو ربما حازه في زمن بدأ أهله في الانقراض. وكان عليه أن يصفق لميسي ويقول مثلما يقول الأب العربي عندما يقال له إن ابنك لا يختلف عنك"أتمنى أن يكون ابني أفضل مني...". وإذا كنا في زمن تموت فيه كواكب وتحل محلها أخرى، فلا غرابة أن يمحو مارادونا بيليه، ويزحزح ميسي مارادونا، وينتظر ميسي من يزيحه عن عرشه. ولا نملك إلا أن نردد مع غاليليو"ومع ذلك فإنها تدور". [email protected] نشر في العدد: 17179 ت.م: 17-04-2010 ص: 31 ط: الرياض