قبل ستين عاماً كلمونا عن لاعب اسمه العربي بن بارك، وذكروا أنه لديه مهارات لا توصف، حرمتنا منها تكنولوجيا التلفزة والفيديو، وغطت عليها حرب الهند الصينية ومقاومة عرب شمال أفريقيا، وقالوا إنه لعب لمنتخبات فرنساوإسبانيا والمغرب، وهو ما يؤكد أن للرجل من الموهبة ما يجعله مطلوباً في أكثر من بلد... ومات المغربي الطيب منذ سنوات في وطنه المغرب محاطاً بأحفاده وذكرياته. ثم كلمونا عن لاعب اسمه دي ستيفانو، قدم من الأرجنتين واستقر به المقام في إسبانيا ليتحول إلى أسطورة في الريال، يتبرك به أنصار الفريق الملكي إلى اليوم، وهو في العقد التاسع يتابع ما صنعه زيدان وما يصنعه رونالدو وراموس وكاسياس... وقالوا إنه الأكثر تتويجاً في تاريخ الكرة الإسبانية، وأن له من المهارات ما يجعل جيل اليوم يندم على لعبه الكرة. وحدثونا أيضاً عن لاعب اسمه بيليه، قدم من كوكب الكرة البرازيل، لينهي مشواره بعد مسار طويل، في كوسموس الأميركي، ولقبوه بالملك، لأنه ظهر في زمن التلفزيون وانتشار الصحافة، وشارك في أربع كؤوس للعالم، وأبهر الدنيا بلعبه الجالب للمتعة والفرجة والإبداع والإمتاع. واعتقد الناس أن بيليه هو نهاية اللعب الجميل، كما قال صامويل هنتغنتون بنهاية التاريخ، إلى أن ظهر مارادونا في مطلع الثمانينات ليخرج الكرة من مجال الكرة الأرضية إلى عوالم أخرى، هي أن هذا الجلد المنفوخ يمكن للإنسان أن يتحكم فيه بأدوات غير مرئية، أي أن يتلاعب بالكرة واللاعب والجمهور بما يشبه أفلام هوليوود. وجعل مارادونا العالم يعشق الكرة وينفق من أجلها الكثير، ليتحول مع مرور الوقت «الفيفا» إلى أكبر شركة استثمار في العالم، ويتحول اللاعبون الموهوبون إلى سلع لا تقدّر بثمن. واعتقد الناس أن لا وجود للاعبين يزيحون مارادونا عن عرش الكرة الخيالية، فجاء زيدان ورونالدو ورونالدينيو، وأعطوا الانطباع بأن هناك أشكالاً أخرى للكرة الجميلة في جمالياتها واستعراضها، وصار المعيار هو قيمة الصفقة عند البيع أو الشراء. وظل مارادونا اللاعب الأكثر إثارة في العالم حتى بعد اعتزاله، وكان مرضه وتعاطيه المخدرات ودعمه لتشافيز وكاسترو من المسائل التي زادت في عمر مارادونا. وتواصل ذلك بعد إشرافه على منتخب بلاده، وإثارته لحفيظة الصحافة التي اتهمته بالفشل، وانتقامه منها بعد التأهل الصارخ. وجاء ميسي. ميسي هذا، يقولون إنه لا ينتمي لفصيلة بني البشر، فأبوه من سلالة عبس أو ذبيان مقلوباً، أي يتمنى ولادة بنت لا ولد. ولكن حظه كان في طفل ذي بنية صحية تتطلب تكفلاً طبياً متواصلاً، لقصر قامته، واعتقد الأب أن لعنة حلت به لأنه كان يريد بنتاً فجاء ولد، ولكن الفرج جاء على يد الإسبان حين تكفلوا به، ودفعوا من أجله الملايين، حتى صار اللاعب الأكثر جدلاً في العالم، إنه ليونيل ميسي، الذي قال بشأنه بيليه، عندما رآه أول مرة على التلفزيون، هذا لاعب لا يمكن لأي كان أن يوقفه، لأن من كانت قامته أقرب إلى الأرض صعب إسقاطه، وإذا سقط فسرعان ما يقف. ووقف العالم على لاعب من كوكب آخر وليكن اسمه «ميسي لاند». لاعب يحب الكرة، ويسجل في الوقت الذي تكون لديه رغبة في ذلك، ومن أي زاوية يشاء، وفي أي مرمى يريد، وبالعدد الذي يريد. ميسي لاعب، قد ينسي العالم طويلاً النجوم التي مرت قبله، والحل بأيدي اليابانيين الذين ليس أمامهم إلا تطوير «روبوت» يحاكي ميسي لعباً، لكنه لن يكون ببراءة الأطفال التي تعلو ملامح وجهه وهو يحمل كرة بعد تسجيل أربعة أهداف في مرمي الأرسنال. [email protected]