"نجمة البتاوين"رواية للكاتب شاكر الأنباري، صدرت حديثاً عن دار المدى. أبطال الرواية يعيشون في بغداد، بروح عدمية تتناغم مع الواقع الثقيل الذي ساد في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية، يمتصون حياة بغداد بقوة، يحلمون ويناقشون الأحداث التي تصاعدت لتصبح كابوساً يقود في كثير من الأحيان الى الموت أو الاختطاف. تبدأ الرواية بترتيبات رحيل عن البلد، واستذكارات لسنوات من الخوف والعشق في أماكن لا يتوافر فيها سوى الاشاعات، والخمر، والسيارات المفخخة، وفي مدينة تنام شوارعها منذ الخامسة مساء، لتنطلق بعدها قوى مجهولة تعيث فيها قتلاً وفساداً وتهجيراً. الروح العدمية تلك يفرشونها على الموائد في شقة تقع في حي البتاوين، أطلقوا عليها اسم النجمة، وهو لغز لا يعرفه سواهم. وكانت النجمة مكاناً لمعاشرة البغايا، والحوارات عن شؤون البلد، ومراقبة حيواتهم اليومية هم المرتبطون بأسر وأقرباء، وسيطهم مع العالم الخارجي كان الموبايل في معظم الأحيان. هو الذي يجيء لهم بأخبار الانفجارات، والاختطافات، وهو خيطهم الآني مع زوجاتهم وأبنائهم، وكأن الحياة التي يحيونها تتحرك عبر الموبايل فقط. شارع المتنبي، وحدائق أبو نواس، وسوق الشورجة، وشارع السعدون، هي مدارات لحركة علي محمد أمين وعمران المهندس، وأبي حسن، وغيرهم من شخصيات. اما شقة النجمة فكانت اشبه بمرصد لرؤية الحرائق التي تتصاعد من أبنية بغداد ومصفى النفط الواقع في منطقة الدورة، وهي الطريق التي تقودهم بعد اختطاف صديقهم عمران المهندس الى عالم بغداد السوريالي، على رغم واقعيته. وفي منتصف هذا الزمن الدائري تتركز الأحداث والشخصيات عند هذا الحدث، اختطاف عمران، فمصير صديقهم هو مصيرهم جميعاً، وهو حياتهم الطبيعية التي اختطفها الواقع المتغير، انهيار دولة، جيوش احتلال، وعصابات العالم السفلي في بغداد، والأحلام المجهضة في شوارع تتآكل مثل العاصمة ذاتها. انها رواية عن بغداد، وتحولاتها، شارع الرشيد، وشارع النهر، وحي البتاوين الذي تقطنه جاليات عربية فقيرة، وعاهرات أيام زمان، وصار متحفاً للحانات القديمة، والأبنية التاريخية، والشخصيات الهامشية. نشر في العدد: 17178 ت.م: 16-04-2010 ص: 21 ط: الرياض