شكّل الحضور الدولي في حفلة توقيع"الاتفاق الإطاري"بين الحكومة السودانية و"حركة العدل والمساواة"في الدوحة مساء أمس مشهداً يؤشر إلى حرص المجتمع الدولي على طي ملف دارفور. وسُجّل في هذا الإطار حضور مبعوث الرئيس الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن إلى جانب ممثلين دوليين آخرين بينهم ممثل فرنسا الخاص بدارفور عيسى مارو. وشهدت الدوحة أمس قبيل توقيع الاتفاق الذي نص على وقف إطلاق النار في دارفور بين الحكومة السودانية و"حركة العدل"، نشاطاً ديبلوماسياً كثيفاً كشف دعماً إقليمياً ودولياً لدور الدوحة ووساطتها بين الأطراف السودانية، فجرت اجتماعات بين أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي رعى التوقيع على"الاتفاق الإطاري"ورؤساء السودان عمر البشير وتشاد إدريس دبي واريتريا أسياس أفورقي. وقالت مصادر متابعة للتطورات السودانية إن مشاركة هؤلاء القادة تؤكد دعمهم عملية السلام في دارفور ودور الدوحة كمنبر تفاوضي بين الأطراف السودانية. وسجلت ليبيا أيضاً حضوراً داعماً للسلام في دارفور، وعلمت"الحياة"أن رئيس"حركة العدل"الدكتور خليل ابراهيم التقى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي قبيل وصوله الى قطر. وقال الناطق باسم الحركة أحمد حسين آدم إن الرئيس الليبي أكد دعمه لتوقيع"الاتفاق الاطاري"في الدوحة. في غضون ذلك أكد الأمين العام ل"حركة العدل والمساواة الديموقراطية"ابراهيم بينغ"أننا موجودون في الدوحة ولم ننسحب... ونؤكد نزاهة الوساطة القطرية". وقال إن رئيس الحركة إدريس أزرق طالبهم بالسفر"لكننا رفضنا وسنستمر في منبر الدوحة بناء على مشاورات مع قيادات حركة العدل والمساواة الديموقراطية". وأكد أيضاً"دعم الحركة التوحيدية الجديدة التي تشكلت في قطر تضم 14 فصيلاً وسنعمل تحت رئيسها التجاني سيسي". وأوردت وكالة"رويترز"أمس أنها اطلعت على وثائق تُحدد شروط المفاوضات وفيها أن السودان سيعرض على"حركة العدل والمساواة"مناصب حكومية ضمن اتفاق سلام. والوثائق هي الإشارة الأولى الملموسة إلى أن الخرطوم مستعدة لاقتسام السلطة مع خصمها اللدود في دارفور، في تطور يمكن أن ينفّر حلفاء الحكومة الحاليين في المنطقة وقد يعقّد الاعداد للانتخابات المقررة في نيسان أبريل. لكن متمردين من"حركة العدل"قللوا من احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بحلول 15 آذار مارس، كما تم تحديد ذلك في"الاتفاق الاطاري"لمحادثات السلام. ونقلت وكالة السودان للأنباء عن الرئيس السوداني عمر حسن البشير قوله في وقت متقدم مساء الاثنين"السلام سيعم كافة ربوع دارفور قبل الانتخابات". ووفقاً لنسخة باللغة الفرنسية ل"الاتفاق الاطاري"، اتفقت"حركة العدل والمساواة"مع الخرطوم على"مشاركة الحركة في الحكومة على كل المستويات سواء كانت تنفيذية أو تشريعية أو غير ذلك... بطريقة سيتفق الطرفان عليها لاحقاً". وقالت"حركة العدل"أمس إن القوات الحكومية هاجمتها الاثنين في انتهاك للهدنة لكنها ستمضي قدماً في توقيع اتفاق السلام. ونفى الجيش السوداني دخوله في أي اشتباكات مع"حركة العدل"، ولم تؤكد مصادر مستقلة تقرير المتمردين. وقال أحمد حسين آدم الناطق باسم الحركة ل"رويترز":"هاجمت قوات وميليشيات حكومية تدعمها طائرات أنتونوف وطائرات هليكوبتر رفاقنا وحاميتنا شرق جبل مون"الواقع قرب حدود غرب دارفور مع تشاد. وقال ناطق باسم الجيش السوداني ل"رويترز"عند سؤاله عما أعلنته الحركة، إن الجيش السوداني لم يدخل في أي اشتباكات معها وأكد التزام الجيش بالاتفاق معها. وفي الخرطوم، أفيد أن مناطق عدة في السودان شهدت مواجهات دامية خلّفت قتلى وجرحى بسبب نزاعات قبلية واختراق مجموعات مسلحة حدود البلاد الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، كما سجلت أول أعمال عنف في الحملة الانتخابية بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم ومنافسيه. واندلعت مواجهات دامية بين انصار حزب مؤتمر البجا برئاسة مساعد الرئيس موسى محمد أحمد وميليشيا مسلحة تتبع الى القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، سليمان علي بيتاي، في منطقة تلكوك في ولاية كسلا القريبة من الحدود الاريترية، ادت الى اصابة 7 من أفراد حزب مؤتمر البجا، حال احدهم خطيرة. كما قتل 6 أشخاص، بينهم أحد افراد الشرطة واثيوبيان، جراء اشتباكات وقعت على الحدود السودانية - الإثيوبية اثر اختراق مجموعة مسلحة اثيوبية الحدود ونهب 600 رأس من الماشية من مواطنين سودانيين قرب الحدود. الى ذلك، قال"الجيش الشعبي لتحرير السودان"الذي يسيطر على جنوب السودان إن عدد ضحايا الاشتباكات الاخيرة بين مجموعة قبلية مسلحة مع الجيش الجنوبي في مدينة شويبات في ولاية البحيرات ارتفع الى 66 من الطرفين. وقال الناطق باسم"الجيش الشعبي"كوال ديم كوال ل"الحياة"ان كبار قادة جيشه وصلوا الى مدينة شويبات أمس للتهدئة، موضحاً أن عدد القتلى من جانبهم في الاشتباكات والاطلاق العشوائي للنار في الاحداث سبعة منهم ضابطان برتبة نقيب وملازم الى جانب اصابة سبعة آخرين. وأشار الى مقتل 21 مواطناً من ضمنهم اثنان من الزعماء القبليين في المنطقة واصابة اكثر من ثلاثين. نشر في العدد: 17127 ت.م: 24-02-2010 ص: 19 ط: الرياض