كشف مصدر في وزارة الخارجية المغربية أن المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء التي استضافتها"ارمونك"في ضواحي نيويورك الأسبوع الماضي، في حضور وفود المغرب والجزائر وموريتانيا و"بوليساريو"، كانت"صريحة ومكثفة"عرضت لوجهات النظر حول التصورات المطروحة لإنهاء نزاع الصحراء. وقال في بيان أمس إن وفد بلاده إلى المفاوضات عرض إلى"المضمون الجوهري لمبادرة الحكم الذاتي"التي اقترحتها الرباط منذ عام 2006، ضمن مقاربة"الحل السياسي"الذي ترعاه الأممالمتحدة. وأوضح ناطق باسم الخارجية المغربية أن وفد الرباط الذي ضم وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، والمدير العام للدراسات والمستندات محمد ياسين المنصوري، والكاتب العام للمجلس الاستشاري الصحراوي ماء العينين بن خلي هنا، أكد"استحالة"تنفيذ اقتراح جبهة"بوليساريو"، لناحية العودة إلى خطة الاستفتاء التي ترى الرباط أن"الزمن تجاوزها"وأنها تُناقض مفهوم الحل السياسي ضمن مقاربة"لا غالب ولا مغلوب". وانتقد الوفد المغربي ما سمّاه"استراتيجية توظيف حقوق الإنسان من الأطراف الأخرى"واعتبرها محاولة"لنسف مسلسل المفاوضات"، مؤكداً أن الأمر يتعلق ب"حالات انفرادية لا يمكن أن تحجب الوضع الجماعي المأسوي لسكان المخيمات في تندوف"جنوب غربي الجزائر. وزاد قائلاً:"إن الرفض الممنهج للجزائر إزاء تسجيل وإحصاء أولئك السكان، لا يتماشى والإجراءات التي تسبق مهمة الحماية الإنسانية للاجئين". وأبدى استغرابه حيال رد"بوليساريو"بأن"قوانينها تُنفّذ في المخيمات"، مشيراً إلى أن الأمر"يتعلق بواقع متناقض وغير مسبوق في العالم". وجاء رد"بوليساريو"في مقابل تمسك الرباط بأن قوانينها يسري مفعولها على المحافظات الصحراوية. إذ أقرت مدريد وباريس وواشنطن بهذا الوضع، على خلفية اندلاع أزمة الناشطة أميناتو حيدر. فيما رأى الناطق باسم الخارجية المغربية أنه لا يمكن"تحويل اختصاصات دولة ذات سيادة إلى مجموعة مسلحة"، في إشارة إلى الجزائر التي تؤوي مخيمات"بوليساريو". ويطلب المغرب، كما الأممالمتحدة، إلى مفوضية اللاجئين التي ترعى إجراءات معاودة بناء الثقة بين الأهالي المتحدرين من أصول صحراوية، عبر تبادل الزيارات، القيام بإحصاء دقيق لسكان المخيمات، غير أن ذلك لم يحدث إلى الآن. وأكدت مصادر رسمية مغربية ل"الحياة"أنه إذا كانت هناك حالات محدودة يُثار حولها الجدل بسبب إشكالات حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية، فإن الأوضاع في المخيمات التي تسيطر عليها"بوليساريو"في جنوب غربي الجزائر"لا تخضع لأي رقابة". وارتفعت أصوات خلال مفاوضات ارمونك ترى أن في حال توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لرعاية أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء فإن البداية"يجب أن تكون من مخيمات تندوف"التي يجب أن تخضع لرقابة المينورسو، غير أن معاودة النظر في صلاحيات البعثة الدولية يحتاج في رأي مراقبين إلى صدور قرار بذلك من مجلس الأمن الذي يلتزم بالبحث في تسوية سلمية مقبولة، وترك أوضاع حقوق الإنسان للجنة تابعة للأمم المتحدة في جنيف. إلى ذلك، عقد وفد من مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي في الحزبين الديموقراطي والجمهوري اجتماعات مع منشقين عن"بوليساريو"وتنظيمات صحراوية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان في العيون كبرى مدن المحافظات الصحراوية، وشكلت الأوضاع في مخيمات تندوف محوراً بارزاً في النقاش. ولفت مراقبون إلى تزايد الجدل بين المغرب من جهة و"بوليساريو"والجزائر من جهة ثانية حول أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء وقالوا إنه يسبق الزيارة المرتقبة للموفد الدولي كريستوفر روس إلى المنطقة التي سيبحث خلالها في أفق استئناف المفاوضات. ويأمل روس في تحقيق تقدم على هذا المستوى قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي في نهاية نيسان أبريل المقبل لدرس التمديد لولاية المينورسو وتقويم مسار المفاوضات العالقة، وقد يبادر روس في غضون ذلك إلى الدعوة لجولة ثالثة من المفاوضات غير الرسمية بعدما آلت الجولتان الأولى والثانية إلى استمرار تباين المواقف. نشر في العدد: 17122 ت.م: 2010-02-19 ص: 13 ط: الرياض