دان المغرب بقوة اعتقال المنشق الصحراوي مصطفى سلمى، وجاء في رسالة وجهتها سفارة المغرب في بروكسيل أن الرباط طلبت من بلجيكا ولوكسمبورغ «التدخل لدى السلطات الجزائرية للإفراج عن مصطفى سلمى»، وكذلك ضمان سلامته وأفراد أسرته وقبيلته المقيمين في مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر. وتنفي الجزائر علاقتها باعتقال المنشق الصحراوي، على رغم أن جبهة «بوليساريو» تحظى بدعم واضح منها وتتخذ من أراضيها قاعدة لها. ووصفت رسالة مغربية رسمية وُجّهت إلى وزيري خارجية بلجيكا ولوكسمبورغ اعتقال سلمى بأنه «اختطاف مشين» كونه يطاول حقه الطبيعي في «التعبير عن رأيه بكل حرية»، في إشارة إلى تأييده علناً الاقتراح المغربي لمنح الصحراء حكماً ذاتياً. واتهمت الرسالة الجزائر وجبهة «بوليساريو» بأنهما «لم يتوقفا عن القيام بمناورات تضليلية» هدفها «التضييق على الأصوات المنادية بدعم خيار الحكم الذاتي داخل مخيمات تندوف». واعتُقل المنشق الصحراوي بعدما عبّر عن إصراره على العودة إلى تندوف لشرح رأيه الداعم للحكم الذاتي، وقالت جبهة «بوليساريو» إنها ستحاكمه بتهمة «الخيانة» والتعامل مع «العدو»، في إشارة إلى المغرب. وصرّح المنشق الصحراوي إبراهيم حكيم الذي كان «وزير خارجية» ما يُعرف ب «الجمهورية الصحراوية» قبل التحاقه بالمغرب، بأن اعتقال مصطفى سلمى ولد مولود «يُعتبر تحدياً للشرعية الدولية وجهود الموفد الدولي كريستوفر روس». وحمّل بدوره الجزائر «مسؤولية ما يتعرض له» المنشق، وقال إن مخيمات تندوف «تشهد أوضاعاً مأسوية في انتهاكات حقوق الإنسان». ورأى أن سياسة «بوليساريو» في المخيمات «غير مقبولة»، في إشارة إلى انشقاق أعداد كبيرة من القياديين والكوادر. وتحدثت مصادر في الرباط عن رسالة وجهها أعضاء في الكونغرس الأميركي إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تمنوا عليها التدخل لمعرفة مكان اعتقال مصطفى سلمى والتدخل للإفراج عنه. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية عبّرت أيضاً عن انشغالها إزاء وضع مصطفى سلمى وقالت إنها «ترصد حالته باهتمام». وفيما خصت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الذي يتزعمه رئيس الوزراء عباس الفاسي حيّزاً واسعاً لتطورات القضية في اجتماع سياسي، دانت قيادة الاتحاد الاشتراكي بزعامة رئيس مجلس النواب عبدالواحد الراضي استمرار اعتقال المنشق الصحراوي. ويسود اعتقاد أن الجدل المتزايد بين المغرب والجزائر و «بوليساريو» حول هذه القضية سيلقي بظلاله على جهود تُبذل لاستئناف جولة ثالثة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب و «بوليساريو» برعاية كريستوفر روس، بخاصة في ضوء تعليق جلسات تبادل الزيارات التي ترعاها مفوضية اللاجئين والتي كانت تهدف إلى معاودة بناء الثقة. ورفضت «بوليساريو» في وقت سابق زيارة وفد من الأهالي الصحراويين لتندوف، واحتجت الرباط لدى المفوضية على قرار الحظر. فيما نفت مصادر رسمية في العيون، كبرى حواضر الصحراء، أن يكون أي من النشطاء الإسبان الذين رافقوا عودة صحراويين مساندين ل «بوليساريو» تعرّضوا إلى أي اعتداء. وأكدت السلطات المحلية لمدينة العيون في بيان أن قوات الأمن لم تمارس أي «عنف أو عدوانية» في حق مواطنين إسبان ومواطن من دولة الأوروغواي ومواطنين مغاربة، كما أنها «لم تعتقل ولم تستجوب» أي أحد من هؤلاء. واعتبر البيان الأنباء التي نشرت بهذا الصدد بأنها «زائفة». وكان زعيم «بوليساريو» محمد عبدالعزيز قال في رسالة الى الأممالمتحدة نشرتها وكالة الأنباء الصحراوية الجمعة إن مواطنين إسباناً ومواطناً من الأوروغواي و24 ناشطاً صحراوياً في مجال حقوق الإنسان، تعرضوا الأربعاء الى «العنف» على يد شرطيين في المطار، بينما كانت المجموعة عائدة من مؤتمر عقد في الجزائر حول الصحراء الغربية. إلى ذلك، ذكرت مصادر أسبوعية «الصحراء» أن السلطات الجزائرية اعتقلت اثنين من الصحافيين في مطار الجزائر لدى محاولتهما التوجه إلى تندوف لرصد تطورات قضية المنشق مصطفى سلمى. وذكرت المصادر أن هشام المضراوي ومحمد الفروي كانا يعتزمان القيام بمهمة معينة هناك، لكنهما «احتجزا في غرفة في المطار الجزائري» تحت رقابة رجال الأمن. وأبدت استغرابها للحادث بعدما كانت قد حازت على موافقة السلطات الجزائرية على زيارة الصحافيين. وتُعتبر هذه المرة الثانية التي يتعرض فيها صحافيون مغاربة زاروا الجزائر إلى «الاحتجاز». وانتقل ملف مصطفى سلمى الى الواجهة الحقوقية، إذ من المتوقع أن ينفّذ أفراد من عائلته إضراباً عن الطعام أمام مقرات الأممالمتحدة في جنيف ونيويورك ومدريد، وما زال ناشط في الحزب الليبرالي المغربي يواصل إضراباً عن الطعام أمام مقر السفارة الجزائرية في الرباط تضامناً مع مصطفى سلمى ولد مولود.