خرج 29 شخصاً سالمين أمس بعد ان احتجزتهم السيول تحت الأرض في منجم للفحم الحجري في جنوب غربي الصين، في عملية انقاذ نادرة في هذا القطاع الذي يُتهم بعدم ايلاء اهتمام كبير بمتطلبات السلامة. وعرض التلفزيون الحكومي الصيني في بث حي صور العمال والمسعفين بعد خروجهم من المنجم، وهم ينقلون على حمالات وكان بعضهم لا يزال يضع خوذته المزودة بمصباح أمامي. وبدا الرجال بخير عموماً على رغم الإرهاق. ووضع مسعفون كمامات واقية على وجوههم قبل نقلهم في سيارات الإسعاف وسط تصفيق جمع من الناس. وذكرت"وكالة أنباء الصين الجديدة"أن الفيضانات تسببت باحتجاز 22 عاملاً و7 مسعفين داخل المنجم. وحصل الحادث قرابة الحادية عشرة بالتوقيت المحلي قبل ظهر أول من أمس في منجم باتيان للفحم الحجري قرب مدينة نيجيانغ في مقاطعة سيتشوان. ولم يتمكن سوى 13 عاملاً من الخروج عندما اجتاحت السيول المنجم من أصل 35 كانوا يعملون تحت الأرض. ويشكل إنقاذ العمال فأل خير لقطاع المناجم الصيني الذي غالباً ما يشهد حوادث قاتلة. وتوقع المسعفون أمس وجود وفيات بين العمال الذين احتجزوا إثر حصول انفجار في المنجم الجمعة الماضي. وأثارت عملية انقاذ 33 عامل منجم في تشيلي الشهر الماضي بعد أن أمضوا أكثر من شهرين على عمق 700 متر تحت الأرض، انتقادات في الصين في شأن جهود السلطات لتفادي مثل هذه المآسي وضمان سلامة العمال. وزدادت الانتقادات حدة لأن صور العمال التشيليين الفرحين بنجاتهم تزامنت مع حصول انفجار داخل منجم للفحم الحجري في 16 تشرين الأول أكتوبر الماضي في محافظة هينان في وسط الصين، أوقع 37 قتيلاً. لكن الصين شهدت عملية انقاذ وصفت بأنها"معجزة"في نيسان أبريل الماضي مع انقاذ 115 عاملاً بقوا لمدة أسبوع عالقين تحت الأرض بعد أن غمرت السيول المنجم في منطقة شانخي شمال. وتعتبر المناجم الصينية الأكثر خطورة في العالم بسبب الفساد وإيلاء الأهمية إلى متطلبات الإنتاج على حساب سلامة العمال. وقتل العام الماضي 2631 شخصاً في حوادث مناجم في الصين، وفق الأرقام الرسمية. وتشير منظمات مستقلة إلى أن هذه الحصيلة أقل من الواقع لأنه لا يتم الإبلاغ عن كل الحوادث خشية إغلاق المنجم. لكن المثال التشيلي أكد أهمية حفر حجرات للاحتماء بها ساعة الخطر تحت الأرض، وهو ما تفتقده معظم المناجم في الصين. والأربعاء الماضي، أعلنت الهيئة المكلفة السهر على شروط السلامة في مناجم الفحم الحجري أن على كل المناجم حفر مثل هذه الحجرات بحلول حزيران يونيو 2013. كما ينبغي تزويدها بوسائل اتصالات تحت أرضية وأنظمة لتحديد الموقع ومسارب للتهوئة واحتياط من الماء. وفي نيوزيلندا، أشار رجال الإنقاذ إلى"وفيات محتملة"بين 29 عاملاً عالقين منذ أربعة أيام في منجم، وسط مخاوف السلطات من تحول المنجم إلى مستودع للغازات السامة القابلة للاشتعال. وأوضح قائد الشرطة غاري نوليس"نبقى متفائلين وأذهاننا مفتوحة لكننا نستعد لكل الاحتمالات وضمنها ... احتمال حصول وفيات". وللمرة الأولى منذ وقوع الانفجار يتحدث مسؤولون صراحة عن احتمال فقدان أرواح في الانفجار الذي يقول خبراء إنه لا بد أن يكون قد أطلق كرة لهب داخل المنجم مخلفاً مزيجاً فتاكاً من الغازات السامة. وتتزايد مشاعر الغضب والإحباط من بطء عملية الإنقاذ بينما تواجه السلطات سيلاً من التساؤلات عن مدى استعدادات الأمان داخل المناجم النيوزيلندية التي كان يعتقد أنها من أكثر مناجم العالم حرصاً على اتباع إجراءات السلامة. ولم يحدث اتصال بالعمال المحاصرين منذ الانفجار الذي وقع في منجم بايك ريفر الذي حفر أفقياً وسط سلسلة جبال في منطقة وعرة على الساحل الغربي لجزيرة ساوث أيلاند. وبدا مدير المنجم بيتر ويتال أقل تفاؤلاً من رئيس الوزراء جون كاي في شأن فرص نجاة العمال. وقال:"الواقع اننا لم نحصل على معلومات عن أي كان منذ أن تمكن رجلان من الخروج من المنجم. بالنسبة للأسر يزداد الأمر صعوبة مع كل ساعة تمر". وكان رئيس الوزراء عزز الأمل بالعثور على عمال احياء. وقال لشبكة"سكاي نيوز"التلفزيونية"المعلومات التي أملكها تفيد بوجود عنصر الأوكسجين داخل المنجم، ولا تزال الآمال معقودة بالكامل في أن يكون العمال نجحوا في الوصول إلى جيب من هذا الأوكسجين وبالتالي أن يكونوا أحياء". لكن من غير الواضح في هذه الحالة ما إذا كان الماء والغذاء اللذان حملوهما معهم للاستعانة بهما خلال نوبة العمل يكفيان لإبقائهم على قيد الحياة. ولن تظهر قبل اليوم نتائج اختبارات لنوعية الهواء المأخوذ من حفرة جديدة، بينما يجرى إعداد إنسان آلي لدخول المنجم من الفتحة الرئيسة، بعد زاول أي خطر بحصول انفجار آخر.