أكد خبراء اقتصاد أن برنامج «نطاقات» الذي أطلقته وزارة العمل أخيراً، يسعى إلى سعودة «كمية» لا «نوعية»، مرجحين أن تعاني شريحة من شركات القطاع الخاص انخفاضاً في الأرباح خلال فترة قصيرة. واعتبر خبراء أن حل مشكلة البطالة مرتبط ب«إلغاء نظام الكفالة» و«تفعيل نظام عقود العمل»، وتحدثوا عما سموه «ازدواجية» بين سياسة برنامج «نطاقات» والسياسة الوطنية للتوظيف التي أطلقتها الحكومة على مدى 25 عاماً. وأوضح عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود الدكتور محمد الهذلول أن هدف برنامج نطاقات أن تقع غالبية المنشآت في النطاق الأخضر؛ لضمان قوة تطبيق البرنامج واستمرارية دوران عجلة الاقتصاد. واستبعد الهذلول إفلاس منشآت في القطاع الخاص، موضحاً: «لا أعتقد أن هناك شركات ستفلس، لكن ربما تتعرّض لانخفاض في الأرباح المحققة خلال فترة قصيرة لن تتجاوز العام». وأشار إلى أنه «يجب ربط النطاقات بالتوطين في كل قطاع بحسب معدل التوطين في ذلك القطاع، وربط النطاقات أيضاً مع معدل التوطين بحسب المواقع الجغرافية لتلك المؤسسات». من جهته، ربط الخبير في الموارد البشرية عبدالله الحمود حل مشكلة البطالة بإلغاء نظام الكفالة، وتفعيل نظام عقود العمل عبر «منع دخول أي شخص لا يملك عقد عمل مع جهة تعمل في السعودية»، كما اقترح تحصيل رسوم شهرية على هذه العقود من المشغلين والموظفين، وتفعيل نظام الغرامة على المشغلين المخالفين والمتلاعبين، وفرض غرامة على العمال والموظفين لمخالفة النظام. وقلل الحمود من شأن ما يتردد عن خطر إفلاس يهدد المنشآت الصغيرة بسبب تطبيق برنامج نطاقات، قائلاً: «لن تتعرض للإفلاس، وإنما ستنخفض أرباحها لفترة ربما تكون قصيرة أو طويلة نوعاً ما». وأكد أن المشكلة الحقيقية تكمن في نوعية الوظائف ودخلها، موضحاً: «هناك مَن يدعي أن مشكلة توطين الوظائف محاصرة برخص أجور العمالة الأجنبية، لكن هذا غير صحيح، وإلا نجح صندوق الموارد البشرية في توظيفهم؛ لأنه يدفع نصف أجر الموظف السعودي لمدة عامين، بينما تدفع المنشأة النصف الآخر، وهو رقم أقل من راتب العامل الأجنبي». من جهته، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الجديد أن برنامج نطاقات يسعى إلى سعودة «كمية» وليست «نوعية»، وقال: «السعودة الكمية أثبتت فشلها في السابق، فلماذا لا يتم تطبيق السعودة النوعية التي ستفيد الاقتصاد السعودي وتفيد القطاع الخاص بشكل خاص، خصوصاً أن الشركات لن تتضرر بانخفاض أرباحها؟». واعتبر أن هناك ازدواجية بين سياسة برنامج نطاقات والسياسة الوطنية للتوظيف التي أطلقتها الحكومة لمدة 25 عاماً مستقبلية؛ ف«برنامج نطاقات يتجه في طريق، والسياسة الوطنية للتوظيف في طريق آخر!»، متسائلاً: «إلى أين نتجه نحن؟». وذكر عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الإدارة البشرية الدكتور عبدالرحمن هيجان ل«الحياة»، أن القطاع الخاص ليس مسؤولاً عن السعودة، مشيراً إلى أن 80 في المئة من القطاع الخاص من المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي لا تستطيع أن تستوعب رواتب الموظف السعودي، «كما أن الموظف السعودي لا يرغب في البقاء في المؤسسة الصغيرة؛ إذ تمثل بالنسبة إلى كثيرين منطقة عبور فقط»، مرجعاً سبب بطالة الشباب السعوديين إلى «السعوديين أنفسهم». وأضاف هيجان: «السوق أصبحت مناسبةً جداً للعمالة الوافدة»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد عمل ونظام متكامل في كل المؤسسات». وعلى رغم امتداح هيجان للنظام ووصفه إياه ب«الأكثر مرونة» من سابقه، إلا أنه أكد وجوب إعطاء النظام الجديد فرصة؛ «لنرى مدى قدرته على الحد من البطالة وخفض نسبتها»، وطالب المؤسسات بالتعاون مع النظام الجديد ومحاولة تخطي الصعوبات لتطبيقه. ورأى الدكتور أن الحل لإرضاء كل الأطراف يكمن في إيجاد الشركات العامة التابعة للحكومة لتوظيف الأشخاص برواتب جيدة لتدريبهم وتعليمهم كيفية العمل، كلاً في مجاله، ثم تخييره بين البقاء في هذه الشركة والبحث عن عمل أفضل. من جهته، أكد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية الدكتور طلعت حافظ أن النظام لم يأتِ استعجالاً للأوامر الملكية في تطبيق السعودة في القطاع الخاص والحد من البطالة. واعتبر أن النظام يأتي في إطار جهود العاملين في وزارة العمل لتطبيق النظام، وقال: «برأيي الشخصي أن النظام لم يأتِ غامضاً؛ فهو واضح وصريح، ويجب على المؤسسات تطبيقه، وإذا وُجد غموض لدى أحد رؤساء المؤسسات فهو ليس عذراً لعدم تطبيقه؛ فأبواب الوزارة مفتوحة، ويستطيع أن يستفسر ويسأل عن النقاط غير الواضحة». وتشير إحصاءات صادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة عام 2009 إلى أن إجمالي القوى العاملة بلغ 8.6 ملايين عامل في العام ذاته، بينما بلغت القوى العاملة السعودية 4.2 ملايين عامل؛ أي بنسبة 49 في المئة من إجمالي القوى العاملة. وعند تحليل وضع المشتغلين، بحسب نوع النشاط الاقتصادي، فإن قطاع الصناعات التحويلية يعمل فيه 9 في المئة من القوى العاملة الأجنبية و3 في المئة من القوى العاملة السعودية مجموعهما 527 ألف مشتغل. أما قطاع التشييد والبناء فيعمل فيه 20 في المئة من القوى العاملة الأجنبية، و3 في المئة من السعوديين، من أصل 964.663 يعملون فيه. بينما قطاع تجارة الجملة والتجزئة يعمل فيه 26 في المئة من القوى الأجنبية، و8 في المئة من القوى السعودية من أصل 1.4 مليون. أما في قطاع الفنادق والمطاعم فيعمل فيه من القوى الأجنبية 5 في المئة، بينما القوى السعودية العاملة فقط 1 في المئة من أصل 243.725 يعملون فيه. ... وأصحاب منشآت صغيرة: لسنا وطنيين أكثر من «العمل»