الحكاية من البداية تعود إلى خمس سنوات مضت عندما انضم اللاعب محمد أبوتريكة من نادي الترسانة إلى النادي الأهلي، ففي ذلك الوقت لم يكن أحد تقريباً يتكلم عنه بل إنه لم يكن ضمن لاعبي المنتخب الوطني على رغم أن عمره كان يقترب من الخامسة والعشرين وأذكر أنني كنت مشرفاً على المنتخب الأولمبي المصري وانضم هذا اللاعب إلى صفوف هذا المنتخب، ولمسنا جميعاً مدى موهبته غير العادية، إلا أن المدرب لم يشركه أساسياً إلا في مباراة واحدة وكانت بإستاد القاهرة أمام ساحل العاج، ويومها تعرض للهجوم اللاذع من معلق المباراة محمود بكر الذي سارت على دربه بقية وسائل الإعلام وطبعاً السبب معروف، فوقتها كان لاعباً في نادي الترسانة العريق الذي لعب في هذا الموسم بالدرجة الثانية. وأذكر أنني بذلت جهداً خرافياً مع المدرب الأجنبي هيلد لمنع استبعاده من صفوف المنتخب لإيماني الكامل بموهبته الكبيرة، واستمر اللاعب في صفوف المنتخب من دون المشاركة نهائياًَ في أية مباراة، وحتى عند انتقاله للنادي الأهلي رفض مانويل جوزيه في البداية فكرة الانتقال بحجة أنه لم يشاهد اللاعب، وصمم على أن يخضع للاختبار في صفوف الفريق، ولولا محمود الخطيب نجم الأهلي الكبير وإصراره على انتقاله للأهلي لأصبح أبوتريكة لاعباً بنادي الزمالك، ولأن موهبة أبوتريكة طاغية فقد ابتسم له الحظ باكراً وسجل مع الأهلي في أول مبارياته هدفين. وشاءت الأقدار أن يكون الهدفان في مرمى فريقه السابق الترسانة، ومن يومها بدأت قصة تألقه مع الكرة المصرية، فقد انضم سريعاً لصفوف المنتخب الأول وحقق نجاحاً باهراً وأدخل السعادة على نفوس الجميع بلا استثناء أهلاوية وزملكاوية بأهدافه القاتلة في المباريات الحاسمة، ما جعل الجميع يثق ويطمئن إلى أن القوة قادمة لا محالة طالما أن أبوتريكة موجود في الملعب. وارتبط أبوتريكة بعلاقة عاطفية من نوع خاص مع جماهير النادي الأهلي التي بادلته الحب بالحب، فأصبح في سنوات قليلة نجم النجوم الأهلاوية فأطلقت عليه عدداً من الألقاب منها القديس وأمير القلوب وتاجر السعادة وصاحب الابتسامة أيضاً وغيرها من الألقاب، وزادت شعبيته بالأعمال الخيرية الكثيرة التي اشتهر بها، ما جعل الكثير من لاعبي الكرة ونجوم المجتمع يسيرون على دربه وعلى رغم كل هذه النجومية وهذا التألق غير العادي إلا أنه لم يحصل على التقدير المادي الكافي الذي يستحقه على رغم توالي عروض الاحتراف عليه سواء من أوروبا أم العالم العربي، وكانت كلها تواجه بالرفض من إدارة الأهلى نظراً إلى حاجة الفريق القوية إليه وعلى رغم أن أبوتريكة تعرض الموسم الماضي لأزمة عنيفة بسبب إصابة في الركبة كادت تبعده عن الملاعب بل إن البعض راهن على اعتزاله، إلا أنه عاد أقوى مما كان وتألق مع المنتخب المصري في كأس القارات وتصفيات كأس العالم من جديد، فكانت مكافأة السماء بعرض خيالي من نادي أهلي دبي يضمن له تأمين مستقبله تماماً، وأحسب أن أبوتريكة كان ميالاً لقبول العرض لأسباب عدة، أهمها أن عمره تجاوز الثلاثين وأنها الفرصة الأخيرة له، كما أنه لم يقصر في حق النادي الأهلي وجماهيره التي تقبلت القرار بصدر رحب، إلا أن اللاعب فوجئ بأخبار في الصحف تؤكد بقاءه في الأهلي وبحسب ما علمت أنه غير مسؤول عنها ناهيك عن قصة تبرع أحد رجال الأعمال بمبلغ مليون جنيه له تقديراً لموقفه، ولسوء حظه وللارتباطات الإعلامية تم رد المبلغ من جديد لرجل الأعمال. واستمر سوء الحظ مع أبوتريكة حتى الآن، ويبدو أن المسلسل سيستمر، فاللاعب يريد السفر وتأمين مستقبله ولكنه حريص على مشاعر الجماهير، والإدارة ترفض تماماً خروجه من الأهلي، ولا أحد يستطيع أن يضع فصل النهاية لقصة العشق بين أبوتريكة والأهلي والجماهير حتى أصبح تاجر السعادة. [email protected] نشر في العدد: 16910 ت.م: 22-07-2009 ص: 26 ط: الرياض