الإثارة والحماسة حتى اللحظة الأخيرة كانت عنواناً لأكثر الانتخابات اللبنانية حدة وتنافساً. انتخابات من النوع الفريد بامتياز، فللمرة الأولى تكون خريطة التحالفات السياسية محددة ومفصلة مسبقاً قبل خوض الانتخابات بين فريقي الرابع عشر والثامن من آذار بامتداداتهما الخارجية وانعقادهما تحت لواء المحورية، سواء اعتدالاً أم ممانعة. هذان الفريقان اللذان تبادلا كل شيء بدءاً من أقذع التصريحات والاتهامات وانتهاء بالمواجهات المسلحة. الحال هي تماماً كما وصفها ميشال عون"حرب كونية". فلم تبق قوة في العالم تابعة لهذا المحور أو ذاك إلا ووضعت يدها وتدخلت داعمة الفريق الذي يمثل محورها بمختلف الأشكال سياسياً أو مادياً أو لوجستياً أو إعلامياً أو حتى ترهيباً وتهديداً. المال السياسي كان حاضراً وبقوة ومن الطرفين المتصارعين عكس ما يشاع وما يروج له أنه حكر على الأكثرية وحدها، فمن تابع الحملات الانتخابية وبذخها يدرك تماماً ما يُضخ من أموال لترجيح كفة هذا الفريق أو ذلك. أما المغتربون فكان حضورهم هذه المرة مؤثراً ومرجحاً، فلأول مرة يكون للمغتربين هذا الوزن والدور الكبير في الاقتراع، فقد تنافس الطرفان في تجييش أكبر قدر ممكن من المغتربين كل لمصلحته. لكن في النهاية تنكب كل طائفة على نفسها وتنتخب الزعيم ابن الزعيم، جميع القادة وزعماء الطوائف في لبنان يخرجون علينا وهم يقولون انهم يمقتون الطائفية وينعتونها بالمرض الخبيث الذي ينخر البلاد ويثقل كاهله وينصبون أنفسهم إصلاحيين مطالبين بتغيير طبيعة النظام السياسي في البلاد المبني على مبدأ الحصص الطائفية، لكن وما إن يشعر أي زعيم بخطر ما أو يمر بلحظات صعبة أو حرجة إلا ويعود الى طائفته محذراً من مؤامرة ما ضد الطائفة، مطالباً إياهم بحمايته بصفته زعيم الطائفة وبالتالي حماية الطائفة. لكن ما يحق للبنانيين أن يفخروا به ويباهوا به نظراءهم العرب حريتهم وقدرتهم على التعبير عن رأيهم والاقتراع واختيار من يمثلهم في شكل ديموقراطي عز مثيله عربياً، وهذا ما أشار إليه النائب سعد الحريري عند اقتراعه حين دعا الناخبين للاقتراع والتصويت للمرشح الذي يريدونه لأن الاقتراع شعور جميل لا يملكه الكثير من المواطنين في العالم ولكن لبنان يملك هذا الحق. حسام وعدي العسّال - الأردن - بريد إلكتروني