أعلن رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة انه لطالما أمل بأن"تكون طريق بيروت - دمشق خالية من المطبات وسالكة على خطين"، مشيراً الى ان" أيام المحن والتحديات على مدى كل السنوات الماضية أثبتت ان ليس هناك من يحمي اللبنانيين سوى الدولة"، وقال:"ليس لنا الا الدولة التي تضم بجناحيها كل اللبنانيين والتي يستطيع اللبناني ان يشكو امره اليها لا ان يعود الى منطق الدوليات"، معلناًَ أن"لبنانُ السيد المستقل كان ولن يكونَ إلاّ عربياً، حامل لواء العروبة الحضارية، عروبة الحداثة والمستقبل والبناء والإعمار والتواصُل والتضامُن والتقدم". وشكر السنيورة خلال وضعه حجر الأساس لمشروع الأوتوستراد العربي لوصلة المديرج - تعنايل أمس في حضور القائم بالأعمال السعودي عادل البخش، والقائم بالأعمال الكويتي طارق الحمد، وحشد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية، المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والمسؤولين في المملكة"التي لطالما حرصت على ان تكون بجانب لبنان ودعمه في كل المراحل الصعبة التي مررنا بها، وهي مستمرة بحمد الله وفضله". وقال:"نقف هنا بالقرب من قلب لبنان، لنبارك ضخَّ الدماء في أحد الشرايين الأساسية في شبكة الطرق الدولية. صحيحٌ أنها الطريقُ التي تربط الساحل بالجبل والبقاع، لكنها أيضاً طريق بيروت - دمشق، طريق التاريخ وطريق الجغرافيا. طريق لطالما أردناها مميزة وخالية من العوائق والمطبات. وما زلنا نريدُها اليوم. نريدها مَبْنيةً على أُسُسٍ صَلْبة، واضحةِ المعالم والحدود وسالكة على خطين، كل فصول السنة وفي كل المواسم"، مؤكداً أن الحكومة جهدت"خلال السنوات الأربع الماضية وعلى رغم كل الظروف المستحيل، من أجل إيلاء المشاريع التنموية الاهتمام". وقال السنيورة:"على رغم اللغَط الذي دار حول الهِبات والمساعدات التي قدمت للبنان، فقد تعاملْنا مع الموضوع بكل شفافيةٍ وأعلنّا بوضوحٍ عن استخدامات الهبات بما يتوافقُ مع مشيئة الجهاتِ المانحة وحاجات المناطق"، معلناً أن"المشروعُ الذي نحتفلُ به اليومَ هو خيرُ مِثالٍ على ذلك". وأضاف:"الهبةُ التي قَدّمتْها المملكةُ العربيةُ السعوديةُ للبنان، بعد عدوان تموز، إضافة إلى مبلغ الخمسين مليون دولار المخصصة لأعمال الإغاثة السريعة، بلغت500 مليون دولار أميركي. وقد جرى تخصيص هذا المبلغ وبناءً على مشيئة الواهب، على الشكل التالي: 350 مليون دولار لتبنّي إعادة إعمار العدد الأكبر من البلدات والقرى المتضررة وفي الضاحية الجنوبية وكذلك البُنى التحتية بما يتخطى إعادة إعمار أكثر من 55 ألف وحدة سكنية، أي نحو نصف عدد الوحدات السكنية المدمرة والمتضررة في مختلف أنحاء لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي. اما ال150 مليون دولار الأخرى، فخصصت لتمويل مشاريع تنموية ملحة وبعض منها ما تضرر بفعل العدوان الإسرائيلي كالجسور وغيرها وبعضها الآخر كان يُعاني عجزاً تمويلياً مثل هذا المشروع أو أنه أصبح في حاجة لاستكمال أو هي مشاريع كانت مموَّلةٌ أَصْلاً من الصندوق السعودي للتنمية وأصبحت في حاجة إلى تمويل إضافي بسبب ارتفاع كلفة إنشائها". وأوضح أن"من هذه المشاريع التنموية، المشروعُ الذي نحن بصدد الاحتفال بإطلاقه اليوم وهو يمتد من المديرج وحتى تعنايل والبالغة قيمتُهُ الإجمالية 153 مليون دولار أميركي. فالصندوقُ السعوديُّ كان قد أَسْهَمَ في تمويل هذا المشروع، في وقت سابق، بمبلغ 45 مليون دولار أميركي بموجب قرض ميسّر، كما ان صندوق الأوبك تقدم بمبلغ 15 مليون دولار كقرض ميسّر أيضاً. إلى جانب ذلك ولتغطية جزء من العجز في التمويل جرى تخصيص مبلغ 40 مليون دولار من أصل رصيد الهبة السعودية المخصصة للمشاريع التنموية، وذلك من أصل مبلغ المئة والخمسين مليون دولار. ذلك ما يجعل إجماليّ المبلغ المتوافر لهذا المشروع 100 مليون دولار. على أن يجري تأمينُ الرصيد المتبقي والبالغ 53 مليون دولار بموجب قرض إضافي ميسر من الصندوق السعودي للتنمية سيصار إلى تدبيره وذلك لاستبدال مساهمة لبنان في كلفة المشروع ولتمويل القسم منه الذي يمتد من المديرج حتى جسر النملية والذي لم يعط بعد أمر المباشرة بالعمل فيه إلى أن يستكمل التمويل بكل مراحله، علماً ان الاتفاق تم مع الصندوق السعودي للتنمية". ملياران ونصف وودائع وذكر السنيورة بأن المملكة"قدّمت مساهماتٍ ماليةً مباشرةً للبنان تقدَّرُ بمليارين ونصف المليار دولار أميركي نصفُها تقريباً عبارة عن مِنَح والنصف الآخر على شكل قروض ميسرة وذلك منذ عام 1980، ويُضافُ إليها الودائع المالية في مصرف لبنان على مدى السنوات الماضية والتي كان آخرها البليون دولار في مصرف لبنان"، معلناً عن"موافقة المملكة والصندوق السعودي للتنمية على تخصيص مبلغ 27 مليون دولار أميركي لتمويل مشاريع إنمائية في مناطق لبنان كافة كمثل هذا المشروع منها الإسهام في معالجةُ مشكلة جبل النُفايات في صيدا، بمبلغ 20 مليون دولار أميركي من أصل ال27 مليوناً. أما المشروعان الآخران فهما مشروعان في طرابلس ممولان من المملكة ويعانيان من عجز تمويلي يقدّر ب3.5 مليون دولار لكل منهما تشييد سوق الخضار ومشروع إنشاء مدرسة في طرابلس". وكان تحدث رئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر، مؤكداً أن"اختيارنا لموقع هذا الاحتفال على جسر المديرج، لا يخلو من دلالات فمن جهة يذكرنا بأن التضاريس معطيات لا يمكن تجاوزها، ومن جهة أخرى، نحن في منتصف الطريق بين بيروت والحدود السورية، بعدما اجتزنا منتصف الشوط في إجراءات تنفيذ مشروع طريق بيروت المصنع". ورأى المدير التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية يوسف البسام أن"هذا المشروع الحيوي سيسهم في عملية الاتصال والتواصل بين المناطق اللبنانية الشمالية والجنوبية والوسطى ويربط لبنان بالدول العربية". ولفت الى انه"بالإضافة الى الاهتمام بقطاع النقل، فقد مول الصندوق وأنجز تنفيذ مشاريع كبيرة ومهمة في قطاع الصحة تعمل حالياً ويستفيد من خدماتها جميع اللبنانيين. كما حظي قطاع التعليم بنصيب وافر من مساهمات الصندوق". وألقى محمد بو خضير كلمة المدير العام لصندوق"الأوبيك"للتنمية الدولية سليمان الحربش، معتبراً أن المشروع"يشكل جزءاً مهماً من برنامج تطوير البنية التحتية اللبنانية، ويعد حلقة الوصل بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي ". ثم تحدث وزير الأشغال اللبناني غازي العريضي بدوره مؤكداً أن"الاجتماع هنا للتأكيد أن إرادة اسرائيل لن تنتصر وأننا لا نزال نقاوم بكل الأشكال". وقال:"ثمة أشقاء وأصدقاء يقفون الى جانبنا ويدعمون مسيرتنا، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي كانت تاريخياً الى جانب لبنان، وحمت أمنه وسلامته واستقراره المالي والاقتصادي والاجتماعي، واحتضنت أبناءه في أصعب الظروف، وهي اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تستمر على رأس هذه المسيرة وتطلق مبادرات متتالية لحماية لبنان وأمنه وسلامته واستقراره وتطوير كل قطاعاته. فشكراً للمملكة ولكل الدول التي ساعدت لبنان ووقفت الى جانبه. والمسؤولية في المقابل تقع علينا". وأضاف:"لدينا نظام ديموقراطي نعتز به ونريد تطويره. سنبقى مختلفين في السياسة ومتمايزين، لكن يجب ألا يكون خلاف على مصالح الناس تحت أي عنوان. هذه الطريق، سواء نفذتها هذه الحكومة او حكومة أخرى، سيسلكها كل اللبنانيين، أكثرية وأقلية، معارضة وموالاة"، مؤكداً أن"ليس لدينا الا الدولة تحمينا وتجمعنا وتظللنا، وهي المرجع الملاذ بقوانينها ومؤسساتها، فلنفخر جميعاً بالانتماء الى دولة المؤسسات ودولة القانون الحقيقية التي تكون فيها مشاريع ومراقبة ومحاسبة". الى ذلك، وصل الى بيروت ليل أول من أمس وزير الإعلام والثقافة السعودي عبد العزيز خوجة آتياً من المملكة العربية السعودية على متن طائرة خاصة. نشر في العدد: 16842 ت.م: 15-05-2009 ص: 13 ط: الرياض