منذ سنة خلت، أعلنت عن انطلاق حملة تدعو الناس والحكومات في كل أرجاء العالم الى الاتحاد من أجل انهاء العنف ضد المرأة والفتاة. وستتواصل هذه الحملة حتى عام 2015، وهو التاريخ المحدد لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. فصلة هذه الحملة بالأهداف الإنمائية واضحة، إذ علينا أن نوقف العنف الاعتيادي والمتجذر اجتماعياً الذي يكدّر العيش ويدمر الصحة ويديم الفقر، ويمنعنا من تحقيق المساواة وتمكين المرأة. والعنف ضد المرأة يرتبط أيضاً بانتشار فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز. ففي بعض البلدان، تتعرض امرأة من كل ثلاث للضرب، وتُكرَه على ممارسة الجنس أو تتعرض لسوء المعاملة مرة في عمرها. كما تتعرض النساء والفتيات في صورة منهجية ومتعمدة للاغتصاب والعنف الجنسي خلال الحرب. ويتعارض العنف المرتكب ضد المرأة تعارضاً مباشراً مع ما وعد به ميثاق الأممالمتحدة من"دفع الرقي الاجتماعي قدماً، ورفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح". فالعواقب تتجاوز الملموس والفوري. إذ أن الهلاك والإصابة والتكاليف الطبية وضياع فرص العمل ليست إلا ظاهر أمور، ما خفي منها أعظم. ويستعصي على التقدير ما يترتب على ذلك من أثر ينعكس على النساء والفتيات وأسرهن وجماعتهن ومجتمعاتهن، من حيث تحطيم النفوس وتدمير سبل العيش. وكثيراً ما لا يطال العقاب هذه الجرائم ويفلت مرتكبوها من كل مساءلة. وليس هناك أي بلد أو ثقافة أو امرأة شابة أو مسنّة في منأى عن هذه الآفة. وفي صورة متزايدة، يستنكر الرجال، أيضاً هذه الوصمة الشائنة بحق مجتمعنا. ومن الأمثلة المشهودة عالمياً"حملة الشريط الأبيض"White Ribbon Campaign وحملة يوم مناهضة العنف ضد المرأة V-Day Campaign بعنوان"الرجال المناهضون للعنف ضد المرأة"V-Men. إذ يعلّم الرجال أقرانهم من الرجال، في حلقات عمل تعقد على مستوى المجتمعات المحلية، أن ثمة طريقة أخرى للتصرف وأن"الرجال الأقحاح لا يضربون النساء". وليس سهلاً تغيير عقليات وعادات استمرت على مدى الأجيال. ولا بد من مشاركتنا جميعاً، أفراداً ومنظمات وحكومات. وعلينا أن نعمل جميعاً لنجاهر بالقول، على أعلى مستوى، إن العنف ضد المرأة لن يسمح به في أي شكل أو سياق أو حال. ونحن بحاجة الى سياسات اقتصادية واجتماعية تدعم تمكين المرأة، وبحاجة الى برامج وموازنات تشجع عدم اللجوء الى العنف. ويلزمنا رسم صورة ايجابية للمرأة في وسائط الإعلام. كما نحتاج قوانين تنص على أن العنف جريمة، وتسائل مرتكبيها وتوضع موضع التنفيذ. وتشجع حملة"لنتحد من أجل انهاء العنف المرتكب ضد المرأة"الرجال والنساء على أن يضعوا يداً في يد لمناهضة العنف ضد المرأة. ولا يمكن انشاء مجتمعات أكثر مساواة وأمناً إلا بحشد الجهود. فلنعقد العزم على أن نبلوا البلاء الحسن في هذا اليوم العالمي للمرأة. * الأمين العام للأمم المتحدة نشر في العدد: 16773 ت.م: 07-03-2009 ص: 29 ط: الرياض