احتفالاً باليوم الدولي للمرأة وفي إطار الاحتفال بالذكرى العشرين لإعلان ومنهاج عمل «بيجين» اللذين اُعتمدا في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة لعام 1995، يجب علينا، عند المضي قدماً في هذا السبيل، دعم تمكين المرأة باعتبارها قوة تحويلية لإنفاذ حقوق الإنسان وتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة، وإدراج المساواة بين الجنسين في صميم جهود التنمية. فيمثل اليوم الدولي للمرأة مناسبة لتقييم التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ورغم إحراز بعض التقدم، ما زلنا بعيدين عن تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. لا يوجد بلد واحد في العالم تتمتع فيه النساء بالمساواة التامة وبحقوقهن كاملة. وهذا وحده يؤكد ضرورة مواصلة التركيز بصورة خاصة على المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة في جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015. تساهم النساء بصورة حيوية في تكوين مجتمعات سلمية ومستدامة. فنحن بحاجة إلى ضمان مشاركتهن الكاملة وتمتعهن بحقوق متساوية في جميع المجالات. إن العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس هو الشكل الأكثر تطرفا وانتشارا من أشكال عدم المساواة التي تتعرض لها النساء والفتيات. وهو يمثل ظاهرة لا تحدها حدود جغرافية أو اجتماعية – اقتصادية أو ثقافية. وعلى نطاق العالم، تتعرض امرأة من بين كل 3 نساء للعنف الجنسي في وقت ما من حياتها، بدءا بالاغتصاب والعنف داخل الأسرة وانتهاء بالمضايقة في العمل والتسلط على شبكة الإنترنت. ففي السنة المنصرمة وحدها، جرى اختطاف أكثر من 200 فتاة في نيجيريا؛ ورأينا نساء عراقيات يدلين بشهادات تتضمن تفاصيل فظيعة عن تعرضهن للاغتصاب والاسترقاق الجنسي خلال النزاع؛ وتعرضت تلميذتان هنديتان للاغتصاب والقتل وتعليق جثتيهما على شجرة؛ وفي الولاياتالمتحدة، وقعت حالات حظيت باهتمام كبير وتعلقت بأحداث عنف جنسي في سياق فرق رياضية ومجمعات جامعية. وتتعرض النساء والفتيات للعنف في جميع البلدان والأحياء، إلا أن تلك الجرائم كثيرا ما لا يبلغ عنها وتظل طي الكتمان. وتقع على كل منا مسؤولية منع العنف ضد النساء والفتيات ووضع حد له، بدءا بالتصدي لثقافة التمييز التي تسمح لذلك العنف أن يستمر. وعلينا أن نحطم القوالب النمطية والمواقف السلبية بشأن نوع الجنس، وسن قوانين وتطبيقها لمنع التمييز والاستغلال ووضع حد لهما، وأن نقف في وجه السلوك المسيء متى ما رأيناه. ويتعين علينا أن ندين جميع أعمال العنف، وإرساء المساواة في عملنا وحياتنا المنزلية، وأن نغير التجارب اليومية التي تعيشها النساء والفتيات. على الصعيد الإيجابي هنالك تزايد ملحوظ في الوعي والأنشطة التي تقوم بها منظّمات المجتمع المدني، كحملات توعية وحملات مناصرة للتشريعات خاصّة تلك المتعلّقة بالعنف ضدّ المرأة كما هي الحال مثلاً في التجربة اللبنانيّة. ولا يمكننا أيضاً نفي وجود إدراك أكبر من قبل السلطات لموضوع تجريم العنف ضدّ المرأة وإصدار إجراءات وتدابير في هذا الشأن. وقد أسعدنا خبر إقرار السلطات الجزائريّة هذا الأسبوع بقانون لتجريم العنف وأنواع التحرّش ضدّ المرأة، ونأمل أن تحذو حذوها دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في السابق كان ينظر إلى حقوق المرأة بوصفها شأنا خاصا بالمرأة، بيد أن الرجال والفتيان أخذوا يصبحون بأعداد متزايدة شركاء في الكفاح من أجل تمكين المرأة. ويتعين على كل فرد منا القيام بدور في ذلك المسعى، وأحثكم على القيام بدوركم. فإذا توحدنا في البيوت والمجتمعات المحلية والبلدان وعلى الصعيد الدولي، يمكننا أن نتحدى التمييز والإفلات من العقاب، وأن نضع حدا لأساليب التفكير والعادات التي تشجع على العار العالمي المتمثل في العنف ضد النساء والفتيات، أو تتجاهله، أو تتسامح معه.