الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مشغول جداً هذه الأيام بالبحث عن سبل للخروج من الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد. لكن، مع مشاغله الكثيرة، يهتم سيد الكرملين بمتابعة كل ما يتناقله الروس من نكات عن السلطة وأدائها، وعنه شخصياً، ولديه كما يؤكد مقربون منه، طاقم إعلامي قوي يتابع كل ما يقال ويكتب من نوادر. ناهيك عن أن ميدفيديف ذاته من عشاق الشبكة العنكبوتية، ما يعني أنه يحرص على تقليب صفحاتها بنفسه، ويقرأ ما يتناقله الروس عنه. ولحرص الرئيس سبب واضح في روسيا حيث تزداد النكات السياسية ويتسع انتشارها وتداولها، كلما زاد تدهور الأحوال المعيشية واتسع نطاق الكبت. وهذه حقيقة تاريخية في بلاد حولت قادتها ورموزها دائماً إلى شخصيات محورية للتندر. وما زال الروس يذكرون، بحنين كبير، سيل النكات التي تمحورت حول الزعيم الشيوعي ليونيد بريجينيف الذي كان يحكم أقوى بلد في العالم وهو شبه ميت لسنوات طويلة حتى قيل إنه كان"يدار بالريموت كونترول". ويتذكرون أيضاً الرئيس الروسي بوريس يلتسن الذي غدا ولعه بالشراب مادة دسمة للتندر بعدما أوقعه في مواقف طريفة عدة. لكن ميدفيديف، لسوء الحظ، ليس بطلاً محورياً للنكات مثل من سبقه في الكرملين، لأن هذه الميزة ما زالت حكراً على"زعيم الأمة"فلاديمير بوتين على رغم مرور سنة على تنحيه عن كرسي الرئاسة. وتقتصر النكات التي يتداولها الروس حتى الآن على العلاقة التي تربط الرجلين، ودائماً يكون بوتين في الصدارة. وترتبط غالبية النكات بأسلوب نقل السلطة وبقاء مفاتيح القرار في يدي بوتين، ومنها أن الأخير قدم هدية لخليفته، عبارة عن سيارة فارهة لكنها من دون مقود. وما زالت واحدة من النكات الأكثر طرافة وانتشاراً هي تلك التي تتحدث عن والدة ميدفيديف التي اتصلت به هاتفياً بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة وسألته عن عدد الأصوات التي حصل عليها فأجاب بمرارة: حتى أنت يا أمي تسخرين مني؟.ومثل هذه النكتة التي تنتقد"ديموقراطية"الانتخابات التي أوصلت ميدفيديف إلى الكرملين، وفيها أن الرئيس المنتخب كان مع المعارض اليساري غينادي زيوغانوف على متن طائرة معطوبة، وفيها مظلة إنقاذ واحدة ، فاقترح على خصمه السياسي إجراء اقتراع في الطائرة للفوز بالمظلة. ودهش زيوغانوف عندما جاءت النتيجة لمصلحة خصمه بفارق تجاوز 3000 صوت! وتكاد تكون النوادر التي تدور حول الثنائي الحاكم محصورة في هذا المجال وحده، فلم تتطرق النكات إلى الأزمة المالية وتجلياتها على حياة الناس، باستثناء نكات من نوع أن ميدفيديف لم يجر حواراً مباشراً يجيب فيه على أسئلة الروس حول الأزمة، توفيراً للوقت، لأن الأسئلة يجب أن تمر في كل الأحوال على بوتين. وبعيداً عن رمزي السلطة، دخلت الأزمة إلى بيوت الروس ومجالسهم من أوسع الأبواب، ومنها ما يعكس مرارة ملايين فقدوا وظائفهم مثل حكاية عاملين تقابلا أثناء قيامهما بتنظيف الشارع فسأل أحدهما الآخر: ألم نتقابل من قبل؟ وجاء الجواب: ممكن جداً، خصوصاً إذا كنت رئيساً في السابق لأحد المصارف. ومثلها قصة الرجل الذي لجأ إلى مكتب استشاري لأنه يرغب في فتح مشروع تجاري صغير، فجاءه الجواب ابدأ مشروعاً كبيراً الآن وسيصغر بالتأكيد خلال شهور. ولم يسلم حيتان المال من النكات المتداولة، وتقول واحدة منها إن أوضاعهم تردت الى درجة أن كثيراً من النساء بتن يفضلن العودة إلى القاعدة القديمة وهي الزواج عن حب. أما أوسع"نكات الأزمة"انتشاراً حالياً في روسيا فهي تلك التي تعقد مقارنة بين الطلاق والأزمة، ووجه الشبه أنه في الحالين تطير نصف المدخرات، لكن الأفضلية للطلاق لأنه على الأقل لا يبقي الزوجة في البيت. ولا ينسى الروس على رغم همومهم، أن يسخروا من جيرانهم الأوكرانيين في ظروف الأزمة، وهي عادة موروثة عن العهد السوفياتي، ويغذيها حالياً الخلاف السياسي، وإحدى أشهر النكات، يتم تداولها على شكل إعلان في جريدة نصه: فقط في أوكرانيا، يمكنك حجز أزمة اقتصادية وستحصل على واحدة سياسية مجاناً! نشر في العدد: 16788 ت.م: 22-03-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: هموم الأزمة المالية لا تمنع ميدفيديف من الانشغال بمتابعة النكات السياسية