صدرت أحكام بالسجن على عدد من النازيين الجدد في إسرائيل قبل فترة ووصل بعضها إلى سبع سنوات، وكانت التهمة الموجهة إليهم ارتكاب جرائم عنصرية خاصة ضد اليهود. ووصف القاضي الجرائم بأنها صادمة ومخيفة وأنه من غير الممكن تحمل مثل هذه الظاهرة. وقد يستغرب الكثيرون في أن يكون في إسرائيل نازيون يعادون اليهود في دولة يهودية سكانها من اليهود والتي يفترض فيها أنها قد انشئت من أجل حمايتهم من هذه الظاهرة حيث مازال المهاجرون يوعدون بهذا قبل هجرتهم اليها ويتلقون الضمانات بذلك. ولكن الذي حصل وكشفته الشرطة الإسرائيلية بعد تحقيق استمر ثمانية عشر شهرا هو أن العداء لليهود في إسرائيل قد أصبح حقيقة واقعة. وعلى الرغم من أن الكشف عن هذه الظاهرة كان حديثا إلا أن وجودها يعود إلى التسعينات من القرن الماضي. إذ كانت بعض العصابات الصغيرة من هؤلاء معروفة للشرطة وقد وثقها مركز انشئ من أجل هذا الغرض اسمه"مركز دراسة ضحايا العداء لليهود في اسرائيل"وكان هذا المركز قد أنشئ في التسعينات من القرن الماضي وكل أفراد هذه العصابات هم من المهاجرين الروس بعضهم غير يهود وبعضهم الآخر لاينتمي إلا من طرف بعيد لليهودية. ويقوم هؤلاء بالاعتداء على طلاب اليشيفوت المدارس الدينية في يوم السبت ويرسمون الصليب المعقوف على الكنس ويكتبون عليها "الموت لليهود"أو"عاش هتلر"، أو يرسمون عليها الصليب المعقوف وغير ذلك مما يدل على عنصرية ضد اليهود وكره لهم. وفي أحد الاشرطة المسجلة التي عثرت عليها الشرطة قال أحد رؤساء هذه الجماعات إننا يجب أن نقضي على دينهم اليهود ونحرق بيوتهم وكنسهم وسوف لايقر لي قرار حتى نقتلهم جميعا"ولم ينكر هؤلاء توجههم وما قاموا به، بل هم يصرون على ذلك. وقال أحدهم" كنت نازيا وسأبقى نازيا"وقال آخر"إن هتلر كان عبقريا وهو نجح في أن يقوم بما لم يقم به أحد". وقد عثرت الشرطة على سكاكين ومتفجرات ومواد لصنع قنابل وملابس خاصة بالنازيين وكذلك على صور لهتلر. وعثرت الشرطة كذلك على صور لهم في تلفوناتهم وهم يقلدون هتلر في تحيته. وكذلك عثرت على تسجيلات لأحاديث لهم تبدأ ب"هايل هتلر"وبعض هذه الأحاديث يتعلق بكيفية الإحتفال بعيد ميلاده. كذلك وجد تسجيل لهم بعنوان"النازيون قادمون". وقالت الشرطة إن هناك العشرات من هذه العصابات في إسرائيل يسكنون في أكثر من مدينة مثل بئر السبع وحيفا وفتح تكفا وغيرها حيث يكثر المهاجرون الروس .كما أن بعض هؤلاء جنود في الجيش. وكان أحد الجنود قد هرب إلى خارج إسرائيل بعد أن قبض على العصابة التي ينتمي اليها. ووجود الجنود كان قد كشف عنه من قبل حيث قبض في السابق على جندي من هؤلاء كان قد وجد على جسمه وشم بالرموز النازية وهو اعترف للشرطة بانه نازي وأنه يكره اسرائيل وكل شيء مرتبط بها. والغريب أن أم هذا الجندي قالت الكلام نفسه عن اسرائيل. كما قبض على ستة من هؤلاء وهم يحرقون العلم الإسرائيلي ويسرقون المزوزوت تمائم لطرد الشر يضعها اليهود على أبواب بيوتهم ويدمرونها وعند التحقيق أخبروا الشرطة بأنهم يكرهون كل شيء يرتبط باليهودية. وتزداد الشكاوى في كل سنة ويقول رئيس المركز الذي ذكرناه أنه تلقى في عام 2006 خمسمئة شكوى من أناس اعتدى عليهم النازيون الجدد وأن القضية أخذت أبعادا واسعة. وقالت بعض العوائل الروسية"لقد هربنا من العداء للسامية في روسيا ولكننا الآن نواجه في إسرائل بهذا العداء إننا نشعر بالإحباط". بل أكثر من هذا، فقد تبين أن لهؤلاء علاقة منتظمة بمنظمات النازيين الجدد خارج اسرائيل وهو ما أخاف المسؤولين وأرعبهم. وقال رئيس المحققين ريفتال الموغ"من الصعب ان نصدق بان المتعاطفين مع الايديولوجية النازية يمكن ان يكونوا في اسرائيل لكن هذه هي الحقيقة". وقال أحد الحاخامين الذي رسم الصليب المعقوف على كنيسه"إنني ليس فقط أشعر بالخجل مما يحدث بل أعتقد إنها مشكلة كبيرة"، وهو دعا إلى إرجاعهم إلى دولهم الأصلية. وقال مسؤول كنيس آخر"إن هذا ليس عمل بضعة فتيان بل هو إجرام منظم". وقال عضو الكنيست أفي أيتم"إن اسرائيل أصبحت ملجأ لأولئك المملوءة قلوبهم حقدا على اليهود والصهيونية والذين لا علاقة لهم باليهود ودولة اسرائيل".أما افيغدور ليبرمان زعيم حزب"يسرائيل بيتينو"اسرائيل بيتنا فقال"إن الدولة يجب أن تكون شديدة معهم وأول شيء يجب أن تقوم به هو أن تتعامل مع هذه العصابة دون هوادة إنها ظاهرة مرفوضة ويجب أن نقضي عليها بيد من حديد بدون رحمة". وقد عزا بعض المسؤولين من الذين كانت مهمتهم جلب المهاجرين مثل هذه الظاهرة إلى ماسماه بالجنون الديموغرافي الذي يجلب أسوأ البشر كما قال:"إنني أشعر بالخجل التام لأنني من الذين كان قد شاركوا بجلب كل من يمكن جلبه". وقال رئيس المركزالذي ذكرناه"إن الوكالة اليهودية عندما جلبته ضمنت له عدم وجود عداء لليهود في إسرائيل"وهو يعزو وجود هذه الظاهرة إلى جلب المهاجرين من دول الإتحاد السوفياتي السابق. وكانت إسرائيل قد جلبت ما يقرب من مليون مهاجر من هذه الدول في نهاية القرن الماضي كان ثلثهم غير يهود. وأضاف:"على الرغم من أن قانون العودة يزيد من عدد المهاجرين ولكنه في الواقع يزيد من عدد غيراليهود أيضا بل ويجلب العداء للسامية من أوروبا". وكان اعتقال هؤلاء في حينه قد أثار نقاشا حادا حول"قانون العودة". حيث كانت هناك دعوات لتغييره إذ يرى البعض من أعضاء الكنيست بأن قانون العودة أصبح غير ملائم للظروف الحالية ويجب ان يغير. ولكن الحكومة رفضت ذلك ودعا رئيس الوزراء إيهود المرت إلى توخي الحذر. وقال وزير الأمن أفي دختر إن اسرائيل يجب أن لا تتعجل بتغيير قانون العودة الذي تسرب النازيون الجدد عن طريقه وعليها أن تدرس القضية بترو. واقترح وزير الداخلية أن يتعلم المهاجرون الجدد اللغة العبرية ويقسموا قسم الولاء للدولة قبل أن يمنحوا الجنسية، وقال أيضا"يجب النظرفيما إذا كان بالإمكان سحب الجنسية منهم". وكان بعض أعضاء الكنيست قد انتقدوا قانون العودة لأنه في رأيهم يوفر فرصة لغير اليهود للهجرة إلى إسرائيل، وطالب هؤلاء أن تكون الهجرة من روسيا لليهود الذين تثبت يهوديتهم فقط، واقترحوا ان ترجع اسرائيل من يشك في يهوديتهم. وكان وزير سابق قد اتهم الوكالة اليهودية المسؤولة عن جلب المهاجرين وقال"انها تهجر غير اليهود عن عمد من أجل أن تحقق النسبة المطلوبة منها وتبرر وجودها. فهي تقوم بالبحث عن المهاجرين في أرياف دول الإتحاد السوفياتي السابق وتشجع الناس على أن يبحثوا في تاريخ عوائلهم وشجرة أنسابهم علهم يجدون جدا يهوديا أوجدة يهودية". وبعد الكشف عن هذه الجماعات قامت وزارة التربية بحملة توعية لفترة أسبوع وأرسل وزير التربية رسائل للمدارس يحثها على مواجهة المشكلة ومناقشتها والحديث عنها. وطلب أن يخصص أسبوع في المدارس لنقاش القضية وتخصص مادة تربوية لنقد أفكار النازيين الجدد كما أن التلفزيون شارك في هذه الحملة. * أكاديمي عراقي.