وصفت الأوساط السياسية والثقافية السعودية التعديلات التي أجراها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أول من أمس على الحكومة وبعض القطاعات في الدولة ب"غير المسبوقة"و"الجريئة"و"المتفائلة"، لافتين إلى أنها ترمز إلى مرحلة تحديث مقبلة. وكان تعيين نورة الفايز نائبة لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات لتكون أول امرأة تدخل الحكومة السعودية، الحدث الأبرز. ويرى مراقبون أن تعيينها خطوة أولى لإعطاء المرأة حضوراً في دوائر صناعة القرار المقتصرة على الرجال منذ عقود. توقف كتاب وصحافيون أمس عند التشكيلات الجديدة لهيئة كبار العلماء وأجهزة القضاء والتعليم والصحة باعتبارها رمزاً لمرحلة تحديث مقبلة. إلا أن اختيار خادم الحرمين للمشايخ: عبدالله بن منيع وعبدالله المطلق وعبدالمحسن العبيكان، مستشارين لديه، ربما يكون أكثر ترجمة لنهج الانفتاح الديني المزمع توطيده عبر مؤسسات الدولة المختلفة. وأبدى مسؤولون ومواطنون سعوديون تفاؤلهم بالتعديلات الوزارية المعلنة أول من أمس، إذ عدّ الدكتور علي الموسى ما صدر من قرارات بأنه"خطوة غير مسبوقة وزاوية مفصلية، خصوصاً في النظامين القضائي والتعليمي"، واصفاً"التغيير والهيكلة بالاتجاه الجاد نحو الإصلاح، وإتاحة فرصة المشاركة الوطنية لمختلف الأطياف والنخب"، محيلاً القرارات إلى"وعي القيادة السياسية بحاجة المرحلة ومواكبتها من خلال جني ثمار الحوار الوطني"، مشيراً إلى أننا مقبلون على"مسار وطني مغاير لما سبق، من سماته التفعيل والحراك من خلال الاهتمام بيوميات المواطن"، مضيفاً:"أن القيادات الشابة الداخلة إلى منظومة العمل الحكومي قادرة على مواصلة المسيرة وخدمة المواطن بوعي ورقي". من جهته، أبدى قاضي المحكمة الجزائية في مكةالمكرمة الدكتور محمد حجر الظافري تفاؤله و"مباركته للوطن والمواطنين بالتعديلات والتغييرات الجديدة"، آملاً"تفعيل الأنظمة القضائية وتطوير القضاء من خلال الكفاءات والكوادر المؤهلة". ورأى المستشار القانوني محمد سعيد طيب أن تغيير المسؤولين"جزء لا يستهان به من العملية الإصلاحية في أي دولة يتطلع أبناؤها إلى الأفضل والأحسن"، واصفاً"التغيير بالقفزة على كل حواجز التخلف ما يتيح الفرص للكفاءات المختلفة لأداء دورها، والاضطلاع بمسؤولياتها في خدمة الوطن"، مشيراً إلى أن"الآمال لا حدود لها، وانتظار المواطنين والمواطنات المزيد قائم لتحقيق ما يصبو إليه الوطن". وأكد عدد من الاقتصاديين رغبتهم في تغيير مؤسسة النقد العربي السعودي ساما لنظرتها وسياستها حول الأزمة المالية العالمية. وقالوا في تصريحات إلى"الحياة"، بعد تعيين الدكتور محمد الجاسر، محافظاً للمؤسسة خلفاً للدكتور حمد السياري:"نأمل بتغيير نظرة المؤسسة لسياستها المتبعة في مواجهة الأزمة المالية العالمية". وأضافوا:"إن السياسات العامة للمؤسسة لن تتغير باعتبارها تابعة لوزارة المالية التي تشرف على سياسة المؤسسة". لافتين إلى إمكان تعديل بعض البنود والإجراءات التي اتبعتها لحل الأزمة المالية، خصوصاً في ما يتعلق بالسيولة المالية التي توفرها للبنوك المحلية. وقال عضو مجلس الشورى أسامة كردي ل"الحياة":"إن المأمول أن تتوسع نظرة مؤسسة النقد إلى الأزمة العالمية، وتأثيرها في السعودية، بحيث لا تكون فقط في إطار محاولة رفع مستوى السيولة لدى البنوك". يذكر أن رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن حميد ودّع المجلس أمس بعد أكثر من 15 عاماً كانت بدايته عضواً ومن ثم رئيساً للمجلس، وإلى جانبه سيغادر 85 عضواً اليوم أيضاً بعد أن تم تعيين آخرين بدلاً منهم. وقال ابن حميد الذي انتقل للعمل رئيساً لمجلس القضاء الأعلى في مستهل جلسة الأمس في كلمة أمام الأعضاء وصفوها بالمحزنة:"مجلس الشورى هو جامعة وأنا لا أحب أن أخرج من هذه الجامعة وكذلك بقية الأعضاء ولكن هذه سنة الحياة". وأضاف:"نحب من تحت هذه القبة أن نهنئ رئيس مجلس الشورى الجديد الدكتور عبدالله آل الشيخ والأعضاء الجدد، ونتمنى لهم التوفيق في الدورة الجديدة". فيما تغيّب الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً إبراهيم الغيث، كان الرئيس الجديد للرئاسة العامة حضر إلى مقره صباح أمس وباشر عمله، وعلى رغم انه اليوم الأول للرئيس الجديد إلا أنه أصرّ على عقد اجتماع في مقر الرئاسة في الرياض مع المسؤولين في الهيئة لمناقشة الأمور التي من شأنها تطوير جهازها وإرساء مبدأ حسن الظن في الناس. فيما قال وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع في كلمة ارتجلها في ديوان الوزارة أمس في حضور الوزير الجديد الدكتور عبدالله الربيعة، مخاطباً موظفيه ووكلاء الوزارة ومديري العموم:"أقول لكم اليوم... أبيحوني وسامحوني إن كنت أخطأت في حق أي منكم. والعجلة ستسير وأوصيكم خيراً في هذه الوزارة ووزيرها الجديد". وزاد المانع الذي كان وزيراً للصحة طوال السنوات الست الماضية بنبرة حزينة أمام قرابة 100 موظف:"كلنا زائلون والوزير الربيعة سيكون مثل حمد المانع وأسامة شبكشي وزير الصحة السابق ويبقى العمل للوطن، وكلنا أمل في أن نرتقي بهذه الوزارة لخدمة الوطن والمواطن".