أبرز سمات السياسة الأميركية الخارجية، الاستمرارية، فالتغييرات التي تحدث في الرئاسة الجديدة تؤدي الى تغير تكتيك تنفيذ الإستراتيجية الثابتة للسياسة الخارجية، وهو أمر لم يحسن على ما يبدو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ولا فريقه الضخم من المستشارين استيعابه، إذ أن المواقف التي أظهرها المالكي وفريقه تدل على تصور خاطئ وهو ان أوباما سيترك العراق في شكل نهائي، وهذا أمر لا يمكن ان يوصف بالمنطقي خصوصاً مع الخسائر البشرية والمادية الضخمة التي تحملتها الولاياتالمتحدة لتغيير النظام في العراق من خلال احتلاله وإقامة نظام سياسي جديد فيه. وعلى رغم الحقائق الثابتة التي تؤكد ترسخ استمرارية الإدارات الأميركية في تنفيذ الإستراتيجية الخاصة بالسياسة الخارجية ألا أن قصور التجربة السياسية كان العامل الأساس على ما يبدو في ضعف الإدراك الحكومي العراقي لهذه الحقيقة الثابتة على رغم التأكيدات المتتالية لرئيس الديبلوماسية العراقية هوشار زيباري والتي لم تفلح في إنهاء حالة الضبابية التي ألمت بالساسة العراقيين. ولكن على ما يبدو ان الإدارة الأميركية الجديدة استفزها استمرار حالة اللاواقعية التي تلقي بظلالها على تصريحات ومواقف بعض السياسيين العراقيين، اذ ان التصريح الأخير لنائب الرئيس الأميركي بايدن يشير الى هذه الحالة، فمن دون مقدمات أشار راديو"سوا"التابع للإدارة الأميركية الى الآتي:"قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إن واشنطن ستنتهج سياسة أكثر تشدداً حيال الحكومة العراقية لدفعها لإجراء إصلاحات سياسية". ولفت الخبر نفسه الى ان بايدن"انتقد بشدة القادة العراقيين وقال إنهم لم يحلوا بعد خلافاتهم السياسية". ويعني هذا الموقف ان الإدارة الأميركية الجديدة قررت وضع النقاط على الحروف وتوضيح حقيقة ثابتة ملخصها ان أميركا باقية في العراق وإن تم سحب بعض القوات، ولعل الخبر الآخر الذي أذاعه راديو"سوا"ومفاده ان رئيس الوزراء السابق اياد علاوي يعد المرشح الأبرز لخلافة المالكي ما هو إلا إشارة واضحة من أوباما الى ان أيام المالكي في الحكم قد شارفت على نهايتها. ويبدو ان التصور الخاطئ بأن اوباما سيكون أكثر تساهلاً من سلفه قد تبخر مع قرار الرئيس الجديد أن يجعل بايدن عصاه الغليظة على الحكومة العراقية. ياسين البدراني - بريد إلكتروني