إذا قرّر المسؤول الكبير زيارة جزء من منظومة يشرف عليها تعلن حالة الطوارئ في ذلك الموقع، وينشغل الكل على قدم وساق لإجراء التحسينات ومتابعة تنفيذها، تلميع الأرضيات إخفاء"القرابيع"في المواقع الخلفية، حشْر المراجعين أو منعهم من استخدام البوابة التي سيدخل منها المسؤول، وضع لوحات جديدة لأقسام قد لا تكون موجودة أصلاً، والكثير من الورود والزهور والنباتات الطبيعية أو البلاستيكية ويفضل أن تغسل الأخيرة بالصابون لتبرز حالة اخضرارها في أفضل رونق... لأن المسؤول لن يشم، أما إذا كانت الزيارة ميدانية، الى موقع قيد الإنشاء مثلاً، فيتم إصلاح الطريق الموصل إليه، تعاد سفلتته ورصفه، وإنارته - إذا كانت الزيارة ليلية-. أساليب وطرق خداع المسؤول الكبير فن له أصوله ومتخصصون فيه، إنهم أنفسهم الذين لا يترددون عن نفي أخبار صحيحة، وهم لا يختلفون كثيراً عن أبطال بعض أفلام الكرتون الساخرة، وحتى الآن لم يخضع"علم التزييف"هذا إلى دراسة وافية لنعلم إلى أين وصلت فنون الإبداع فيه. هل يعلم المسؤول عن ذلك أم لا؟ هذا سؤال تصعب الإجابة عليه بكلمة واحدة، بخاصة مع كثرة المشاغل وأمانة وثقة يضعها في من حوله. قام الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة - متعه الله بالصحة-، بزيارة تفقدية لمستشفى الملك فهد في المدينةالمنورة أواخر الأسبوع الماضي، ولأنني لا أشك في انه يبحث عن الأفضل وجولاته التفقدية لقطاعات الصحة في مكة أو المدينة خير دليل لأن غرضها التأكد من جاهزية الخدمات للحجاج والأهالي وسد النقص، وهو لن يتردد لحظة إذا ما كشفت له حاجات لازمة في المسارعة للوفاء بها وإيجادها، وفي العلم مقدار اهتمام بلادنا براحة وسلامة الحجاج وما يرصد لذلك من جهد ومال. قام معالي الوزير بالزيارة، فظهرت له أشياء وأخفيت عنه أشياء، ومما خفي أو أخفي عن معاليه... أحوال الحجاج والأهالي المصابين بالفشل الكلوي والمصابين بإنفلونزا الخنازير، إذ تمّ انتقاء ثلاثة حجاج من المصابين بفشل كلوي غير حاد - منهم واحد آسيوي واثنان أفارقة - الانتقاء تمّ ما يزيد على ثلاثين حاجاً منومين بالمستشفى تم وضعهم على عجل في غرفة على أنها"جناح الحجاج"، ظهرت مع التحسينات الفجائية، خط سير الزيارة التفقدية حجب اطلاع الوزير على المنومين في العناية المركزة والأجنحة، ومنهم مَن هو على أجهزة تنفس، وآخرون مصابون بفشل كلوي حاد، ويتم الغسيل لهم مع مصابين بإنفلونزا الخنازير من الحجاج والأهالي! أكتفي بهذا القدر لأنهم الأهم"صحياً"أبعد الله عني وعنك العدوى، أما المهم فهو يطول ويخبر عن سلوكيات"إدارية صحية"ربما يأتي دور ذكرها مستقبلاً. www.asuwayed.com نشر في العدد: 17032 ت.م: 21-11-2009 ص: الأخيرة ط: الرياض