خفضت مؤسسات مالية إقليمية وعالمية أمس توقعاتها للنمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2009، لكنها رجحت ان تبدأ هذه الدول في تجاوز أزمة السيولة خلال الربع الأول من السنة لامتلاكها"الملاءة المالية الكافية لمعالجة المشكلة"التي تفاقمت بسبب الأزمة المالية العالمية. وكانت معظم المؤسسات البحثية العالمية رجحت في تقارير سابقة ان يتراجع متوسط معدل النمو الاقتصادي في المنطقة هذه السنة إلى ما بين 2.5 و2.8 في المئة، لكن مصرف"ستاندرد تشارترد"خفض توقعاته للنمو في معظم دول المنطقة في تقرير صدر أمس، إذ قدر ان ينمو الاقتصاد بنسبة 0.5 في المئة في الإمارات، وواحد في المئة في السعودية، و1.5 في المئة في الكويت. ورجحت تقارير أخرى ان تواجه حكومات دول مجلس التعاون عجزاً في موازناتها بمقدار خمسة بلايين دولار، مقارنة بفائض بلغ نحو 225 بليون دولار عام 2008. وسينخفض فائض الحساب الجاري للمنطقة إلى الصفر من أكثر من 350 بليون دولار عام 2008. وكانت اقتصادات المنطقة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية معدلات نمو سنوية قياسية تعدت سبعة في المئة سنوياً، بفعل الارتفاع القياسي لأسعار النفط التي ما لبثت ان انهارت في الشهور الأخيرة تحت وطأة الأزمة العالمية. وفي حين توقع"ستاندرد تشارترد"ان يستعيد اقتصاد المنطقة عافيته خلال النصف الأول من السنة رجحت مؤسسة"تنميات"ان تنتهي أزمة السيولة في المنطقة خلال الربع الأول، مشيرة إلى ان"نقص الأدوات النقدية الكافية، قد يضعف عملية رفد النظام المالي بالسيولة اللازمة". ولكن"تنميات"رجحت"ان تعود أحجام السيولة المتوافرة في الإمارات إلى مستوياتها المعهودة مع نهاية الربع الأول 2009، بفضل القوة المالية التي تتميز بها الدولة، إلى جانب الإرادة على مواجهة مشكلة نقص السيولة من خلال ضخ 120 بليون درهم في القطاع المصرفي، بالإضافة إلى تسهيلات إضافية بقيمة 70 بليون درهم". أما"ستاندرد تشارترد"، فتوقع ان يكون"النصف الأول من عام 2009 اكثر صعوبة من الشهور الثلاث الماضية"، مرجحاً ان تبدأ اقتصادات دول مجلس التعاون بپ"الانتعاش النسبي"خلال النصف الثاني، في ضوء"العوامل الإيجابية الهيكلية القوية لاقتصادات المنطقة". وترقبت"تنميات"ان تكون تداعيات أزمة نقص السيولة على الاقتصاد السعودي أقل حدة منها في الإمارات، إذ أدت القيود التي فرضتها"مؤسسة النقد العربي السعودي"على تداول السيولة لدى المصارف إلى توافر مزيد من الأدوات للمؤسسة لإدارة الأزمة، ما هيأ لعودة السيولة في المملكة إلى مستوياتها الطبيعية حالياً". ورجحت مؤسسة"ميد إنسايت"ان تشهد اقتصادات دول مجلس التعاون"صدمة قصيرة وحادة"قبل ان تعاود النشاط بسرعة عام 2010. ولفتت في تقرير إلى"ان بعض اقتصادات دول مجلس التعاون ستتأثر بشدة بالركود الاقتصادي العالمي هذه السنة، وستفتقر شركات إلى مصادر مستقرة للتمويل في الوقت المناسب، ما سيجعلها تكافح من أجل البقاء". وعلى رغم هذا، توقعت"ميد إنسايت"، ان"تبقى دول مجلس التعاون قادرة على مواصلة النمو عام 2009، على رغم تلاشي الفوائض القياسية في الحساب الجاري والموازنة التي تمتعت بها المنطقة لأكثر من خمس سنوات". ولفتت في تقرير إلى ان"حكومات دول مجلس التعاون ستستخدم مدخراتها للحفاظ على الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية والخدمات الحيوية، على رغم الانخفاض الحاد في عائدات النفط، ما سيساعد على الحفاظ على القطاع الخاص، وتشجيع مزيد من النمو الاقتصادي في القطاعات غير النفطية".