اكد مدير «معهد التمويل الدولي» لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، جورج عبد، في حديث الى «الحياة»، ان «الربيع العربي» والارتفاع القياسي لاسعار النفط زادا التباين في اقتصادات الدول العربية، وعمقا الفجوة بين الدول الغنية بالنفط، التي راكمت هذا العام فوائض مالية تقدر بنحو 793 بليون دولار، والدول التي تعاني من اضطرابات سياسية وخسرت اكثر من 35 بليون دولار نتيجة تراجع دخلها القومي، بينما هُرّب مثلها تقريباً الى الخارج. وتوقع تقرير اصدره المعهد امس، ان تصل معدلات النمو في الدول العربية المصدرة للنفط هذا العام الى نحو 6.5 في المئة، وان تنزلق اقتصادات الدول المستورة للنفط الى 0.4 في المئة. ورجح عبد ان تتجه معظم التدفقات الاستثمارية خلال العام المقبل الى المملكة العربية السعودية والامارات، بحيث يُنتظر ان تستقبل الاولى نحو 22 بليون دولار، والثانية نحو سبعة بلايين دولار، وتونس ثلاثة بلايين دولار ولبنان أربعة بلايين والاردن 1.5 بليون، اضافة الى عودة الاستثمارات الى القطاعات النفطية في ليبيا. وجاء هذا التباين، في وقت ارتفعت اسعار النفط الى معدلات قياسية تعدت 109 دولارات للبرميل، وزادت هذه السنة معدلات انتاج النفط لتعويض غياب ليبيا عن الساحة، وشهدت دول عربية اخرى اضطرابات سياسية أثّرت على قطاعات السياحة والتجارة والخدمات. وأكد عبد ان «الربيع العربي» عمَّق الفجوة بين الدول الغنية بالنفط والدول العربية الاخرى، ما من شانه ان يزيد التفاوت بين الأغنياء والفقراء في المنطقة. ونصح الدول العربية بأن تتعاون بحيث يساعد غنيها فقيرها، لإعادة بناء علاقات اقتصادية قوية بين الدول ذات الفائض المالي والدول التي تعاني عجزاً ويقدر عدد سكانها ب150 مليون نسمة، وهذا من شأنه ان يساعد على دعم الاستقرار السياسي في الدول النفطية. وتوقع ان يتقلص التباين في معدلات نمو اقتصادات الدول العربية العام المقبل، مرجحاً تراجع نمو دول مجلس التعاون الخليجي الى 3.7 في المئة، وارتفاع معدل نمو الدول العربية المستوره للنفط بمعدل 2.3 في المئة، نتيجة تراجع متوقع للطلب على النفط وعودة ليبيا الى الانتاج، اضافة الى الكساد العالمي وأزمة الديون الاوروبية. ورجح تراجع النفقات الاستثمارية في الدول العربية من 73 بليون دولار عام 2010 الى اقل من 50 بليوناً خلال العام الجاري، بسبب الاضطرابات، لكن اشار الى احتمال عودة الارتفاع الى 65 بليون دولار خلال العام المقبل، مع عودة التدفقات المالية الى مصر ودول مجلس التعاون، علما ان النفقات المالية الى مصر تراجعت خلال العام الجاري من 13 بليون دولار الى 3.5 بليون. ولفت الى ان ليبيا ستبدأ العام المقبل تصدير نحو 600 الف برميل نفط يومياً، وقد يصل انتاجها الى 1.5 مليون برميل خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2013، مع عودة الاستقرار السياسي وحسم الاقتتال الداخلي. واستبعد ان تتأثر الدول العربية المصدرة للنفط من تداعيات ازمة الديون الاوروبية، مشيراً الى ان التأثير سيكون غير مباشر على الحركة التجارية والطيران والموانئ، ما يمكن تعويضه عبر زيادة الاستثمارات في آسيا. وأورد تقرير «معهد التمويل الدولي» توقعات تفيد بأن معدلات موازنات دول الخليج سترتفع خلال العام الجاري من 170 بليون دولار في عام 2010 الى 322 بليوناً هذه السنة، على ان تتراجع الى 225 بليونا عام 2012. ورجح ان يرتفع اجمالي الاصول الاجنبية في دول مجلس التعاون الى 1.9 تريليون دولار، في مقابل قروض ب0.4 بليون دولار. وأكد عبد ان ارتفاع اسعار النفط وزيادة معدلات الانتاج في الدول العربية المصدرة للنفط أديا الى زيادة عائداتها من 554 بليون دولار في 2010 الى 793 بليوناً خلال العام الجاري، لكن توقع ان تتراجع الى 725 بليوناً عام 2012. وأشار الى ان تقديرات معدلات التضخم في دول الخليج هذه السنة تتراوح بين ثلاثة في المئة وأربعة في المئة، باستثناء السعودية،التي ينتظر ان يرتفع التضخم فيها الى 5.5 في المئة.