رسم كبير الاقتصاديين في مصرف "ستاندرد تشارترد" العالمي جيرالد ليونز، صورة زاهية لمستقبل منطقة الخليج الاقتصادي، على رغم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الاميركي، على اعتبار ان"النظام الاقتصادي العالمي الجديد، نقل القوة الاقتصادية من الغرب الى الشرق"الذي ينعم بفوائض مالية كبيرة وتمكن من تحصين اقتصاده من هزات قد تحصل في الجزء الآخر من العالم. وتوقع ليونز في مؤتمر صحافي عقده في دبي امس ان يواصل الاقتصاد الخليجي نمواً بدأه قبل اربع سنوات، وان تتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من"إدارة أزمة"التراجع في الاقتصادي الأميركي، على عكس ما حصل مطلع تسعينات القرن الماضي، بسبب الفوائض المالية المتراكمة في المنطقة بفعل الارتفاع القياسي لأسعار النفط وسياستها في تنويع مصادر دخلها بعيداً من النفط، التي شكلت لديها"وسادة واقية"ضد هزات اقتصادية قد تحدث حول العالم". وأشار الى ان مستقبل اقتصاد منطقة الخليج يحمل في طياته ايجابيات كثيرة اهمها،"التركيز على قطاعات غير نفطية والتركيبة الديموغرافية للسكان في المنطقة"، التي يمثل الشباب فيها نسبة تتراوح بين 37 و 55 في المئة، إضافة الى السياسة التي اتبعتها دول المنطقة في استثمار الفوائض المالية لديها في مشاريع كبيرة. وقدر ليونز حجم الاستثمارات الخليجية التي ستنفق خلال السنوات الأربع المقبلة بأكثر من 800 بليون دولار. وأشار الى ان دول الخليج أحسنت خلال السنوات الأربع الماضية استخدام فوائضها المالية، على عكس السياسة التي اتبعتها ابان الفورة النفطية في الثمانينات،"فلجأت هذه المرة الى استثمار أموالها في مشاريع وأدوات استثمارية مجدية، في حين كانت تركز في الماضي على الاستثمار في صناديق منخفضة العوائد مثل الخزانة الأميركية وغيرها. وقدر ليونز حجم الثروات التي تستثمرها مؤسسات حكومية خليجية، في صناديق سيادية بنحو 700 بليون دولار، وهي تشكل نحو ثلث الصناديق السيادية المستثمرة حول العالم والتي تتجاوز 2.2 تريليون دولار. وعلى رغم الصورة الزاهية التي رسمها كبير الاقتصاديين في بنك"ستاندرد تشارترد"لمستقبل اقتصادات المنطقة خلال السنوات الاربع المقبلة، حذّر من احتمال ان تؤدي الفوائض المالية الكبيرة، والمقدرة بأكثر من 3 تريليون دولار، الى زيادة الضغط على معدلات التضخم الذي تعاني منه دول المنطقة بالفعل، والذي ارتفع في بعضها عن عشرة في المئة، وتوقع ليونز ان تزيد الفوائض المالية في بعض دول المنطقة خلال العام المقبل بين 20 و 40 في المئة. ودعا الخبير العالمي هذه الدول الى ابتكار ادوات استثمارية جديدة قادرة على امتصاص السيولة الزائدة في المنطقة، أهمها تحفيز سوق السندات والصكوك الإسلامية والتركيز اكثر على الاستثمارات الخاصة. ونصحها بتوجيه استثماراتها الى الشرق، مثلما تتطلع الى الغرب. ورجح ليونز ان تتفاقم مشكلة التضخم في المنطقة، اذا لم تتمكن الحكومات من"التحكم في السياسة النقدية"، وأصرَّت على ربط عملاتها بالدولار الأميركي الذي فقد خلال السنوات الأربع الماضية اكثر من 37 في المئة من قيمته. وأشار الى ان خفض"المركزي"الأميركي معدل الفائدة على الدولار لم يؤثر على منطقة الخليج. واستبعد الخبير العالمي ان يواجه قطاع العقار"هزة كبيرة"خلال السنوات المقبلة، على اعتبار ان"الطلب لا يزال كبيراً"، وتوقع ان يتوازن العرض مع الطلب خلال السنتين المقبلتين. ولفت الى ان تخفيف فورة القطاع العقاري"سيساعد حتماً"على تراجع معدلات التضخم.