أربكت الصواريخ المجهولة الهوية التي أطلقت من جنوبلبنان على شمال إسرائيل والرد الإسرائيلي الفوري عليها ومن ثم إعلان الجيش الإسرائيلي عن سقوط دفعة جديدة من الصواريخ على شمال إسرائيل من لبنان وتبين لاحقاً انه إنذار خاطئ، السلطات اللبنانية وبثت الرعب في نفوس اللبنانيين. واستعادت الأذهان ذكرى حرب تموز يوليو بكل مآسيها، فهرع المواطنون الى استعادة أبنائهم من المدارس ولا سيما في ضاحية بيروتالجنوبية والجنوب والبقاع الغربي وبقي الجميع في حال ترقب. واطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، من قائد الجيش العماد جان قهوجي على"التدابير المتخذة في الجنوب لإبقاء الوضع في دائرة الضبط ومنع استدراج الساحة الجنوبية الى التوتير مجدداً". وشدد سليمان، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، على"وجوب احترام سيادة الدولة اللبنانية والتزامها القرار 1701 القاضي بعدم القيام بأعمال قتالية أو نشاطات عسكرية". والتقى سليمان، للغاية نفسها، مدير المخابرات في الجيش العميد الركن ادمون فاضل، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي. واعتبر وزير العمل ممثل"حزب الله"في الحكومة محمد فنيش ان"ما جرى في جنوبلبنان هو عدوان إسرائيلي على لبنان"، وقال لموقع"لبنان الآن"الإلكتروني:"ان إسرائيل لا تنفك تعتدي على عدد من الدول العربية وما شهدناه اليوم قد يكون جزءاً من هذه الاعتداءات". وعن الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ اكتفى بالقول:"حزب الله عندما يقوم بعمل ما فهو يعلن عنه ولا مشكلة لديه في ذلك". وأجمعت المواقف التي ترافقت مع الإعلان عن هذه الصواريخ، على استنكار استخدام لبنان ساحة لتوجيه الرسائل عبره الى إسرائيل، ورأى البطريرك الماروني نصرالله صفير ان"الصواريخ لا تدل على ان النيات طيبة، ولكن نظن، على رغم كل شيء، ان هذه الصواريخ لن تصيب لبنان ما أصاب جيرانه من ضرب وقتل وما سوى ذلك، وقد شبعنا قتلاً وضرباً وأشياء لا نستسيغها على الإطلاق، ويجب ان نرص صفوفنا وأن نكون مع بعضنا بعضاً، وندافع عن بعضنا بعضاً". ورأى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، الذي التقى السفير السعودي عبد العزيز خوجة،"أن ما حصل في الجنوب أمر مستغرب وخطير ويستدعي مزيداً من الوحدة في مصير لبنان ومستقبله". ودعا قيادة الجيش اللبناني وپ"يونيفيل"إلى"التشدد في حفظ الأمن ومراقبته في الجنوب حيث يظهر ان هناك محاولات لاستدراج لبنان وتوريطه في حرب جديدة"، مؤكداً"ان مجلس الوزراء هو المرجع الوحيد الصالح لكشف ملابسات ما حصل". واعتبر الرئيس السابق للحكومة سليم الحص ان"هناك من يحاول تحريك الجبهة الجنوبية". وأهاب"بالجميع ان يمتنعوا كلياً عن مثل هذا العمل نظراً الى خطورته وسلبياته. أولاً، لأن اشتعال الجبهة على الجانب اللبناني سيصرف الأنظار عن معركة غزة المجيدة، وثانياً لأن ذلك يمكن ان يسبب للبنان من الأذى ما لا يستطيع تحمله بعد الذي عاناه في حرب العام 2006 الغاشمة". وأكد عضو كتلة"المستقبل"النيابية عاطف مجدلاني"ان هناك من يريد إعطاء ذريعة لإسرائيل حتى تعيد حرب تموز"، ورأى ان ما حصل"كان مهيأ له ان يحصل منذ عشرة أيام عندما اكتشفت مخابرات الجيش الصواريخ التي كانت معدة للانطلاق". وشدد على ان السلاح الفلسطيني هو"الخطر الأساسي على السلم الأهلي اللبناني"، ورأى ان اتهامه الجبهة الشعبية ? القيادة العامة نابع من كونها أول من يتبادر الى الذهن فضلاً عن تصريح المسؤول الإعلامي فيها أنور رجا الذي لم يؤكد لكنه لم ينف مسؤولية فريقه عن الصواريخ، لافتاً الى ان"حزب الله لديه الجرأة ما يكفي لإعلان مسؤوليته". ودان عضو"اللقاء النيابي الديموقراطي"أكرم شهيب"ما يحضر للبنان عبر الصواريخ المجهولة المعلومة". وقال:"الجنوب تحرر ولبنان يعمر فما هدف التدمير غير التجويع"، مشدداً على الحاجة"إلى تنفيذ ما اتفقنا عليه الى طاولة الحوار وبالإجماع، وبالتحديد موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات". وقال النائب بطرس حرب:"ان وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني لا يجب أن يدفعنا إلى السماح بردود فعل تعرض لبنان إلى مأساة جديدة شبيهة بما يتعرض له أهل غزة". ورأى النائب سمير فرنجية ان إطلاق الصواريخ"أمر خطير جداً لإسقاط القرار 1701، والتضحية مرة أخرى بلبنان، وهذا أمر يتم في اللحظة التي يبحث في الأممالمتحدة عن حلول". ورأى رئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"سمير جعجع في مؤتمر صحافي ان"أي جبهة ممكن ان تفتح على إسرائيل لن تكون لمصلحة الفلسطينيين وستأخذ طابعاً آخر، فالعالم في حال تعاطف كامل مع غزة، وإذا أرادت إسرائيل ان تتعدى على لبنان أو على اي فريق فسنتكاتف جميعاً لمواجهتها، ولكن هذا لا يبرر ان تسيب الأراضي اللبنانية وان تضرب صواريخ من داخلها". واتهم"الجبهة الشعبية - القيادة العامة في دمشق بالوقوف وراء عملية إطلاق هذه الصواريخ، وسؤالنا هنا إذا كانت هي، فلماذا لم يتم إطلاق هذه الصواريخ من داخل الجولان". وحذر حزب"الكتائب اللبنانية"، في بيان"من دفع لبنان الى الانزلاق في مغامرة جديدة تكلفه المزيد من الخسائر البشرية والمادية التي ما زال يئن تحت وطأتها منذ حرب تموز". ودعا الحزب جميع اللبنانيين الى الالتفاف حول الدولة اللبنانية، ورئيس الجمهورية الى عقد طاولة حوار طارئة لبحث استراتيجية دفاعية من شأنها ان تعيد قرار الحرب والسلم الى الدولة اللبنانية وان تترك للرئيس سليمان، من موقعه الشرعي وبما يملك من علاقات مع الدول كافة، ان يأخذ على عاتقه التعبير عن موقف لبنان الرسمي من على المنابر العربية والدولية. وبدعوة من حركة"امل"، اجتمعت الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية في مقر المكتب السياسي للحركة في بيروت، واعتبرت في بيان"ان استمرار المجازر المروعة ضد الشعب الفلسطيني اطلقت غضباً عارماً في الشارع العربي يدعو الى الثأر من العدو الصهيوني، وفي هذا الاطار هناك من عمد الى اطلاق صواريخ الكاتيوشا على المستوطنات الصهيونية من الاراضي اللبنانية". ونفى المجتمعون"لبنانيين وفلسطينيين علمهم وعلاقتهم بإطلاق هذه الصواريخ من منطقة خاضعة رسمياً وأمنياً لمسؤولية القوات الدولية والجيش اللبناني". نشر في العدد: 16716 ت.م: 09-01-2009 ص: 11 ط: الرياض