يعترف مسؤول في الأقلية في البرلمان اللبناني بأن الحملة التي قادتها بعض الأطراف فيها على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لحضّه على الاشتراك في قمة الدوحة بمن حضر، لم تكن ارتجالية أو تعبيراً عن رأي فريق من دون الآخر. ويؤكد أن الحملة جاءت منظمة وشارك فيها الجميع باستثناء حركة"أمل"، وأنه كان لبعض القوى توجه بسحب وزرائه من الحكومة في حال آثر سليمان عدم الذهاب الى قطر. ويضيف المسؤول الذي يفضل عدم ذكر اسمه، أنه لا يجد مبرراً لرئيس الجمهورية للتحفظ على تعليق المبادرة العربية للسلام ما دامت صاحبتها أي المملكة العربية السعودية، سارعت الى الإعلان عن أنها لن تبقى مطروحة على الطاولة الى الأبد. ويدافع المسؤول نفسه عن الحملة التي تقودها بعض الأطراف في الأقلية على رئيس الجمهورية باعتباره يرعى بطريقة أو أخرى قيام كتلة نيابية وسطية أو مستقلة تقف في منتصف الطريق بين فريقي 14 آذار و8 آذار. ومع أن هذا المسؤول يحجم عن الإجابة على سؤال يتعلق بالأسباب التي تدفع بهذه الأطراف الى دعوة سليمان للتبرؤ من الكتلة الوسطية التي يمكن أن تصل الى البرلمان في الانتخابات المقبلة، فإنه في المقابل لا يستطيع أن يخفي القلق الذي أخذ يساور رئيس"تكتل التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون حيال قدرة المرشحين المستقلين على خرق لوائحه في جبل لبنان خصوصاً ان معظمهم كان حليفاً له في الانتخابات السابقة التي أتاحت له تسجيل انتصار مميز مكنه من الحصول على أكثر من 72 في المئة من أصوات المقترعين المسيحيين. ويعزو المسؤول سبب امتعاض عون من احتمال تشكيل كتلة وسطية وازنة بين فريقي الصراع، الى أنه لم يعد في مقدوره وبخلاف السابق أن يخوض الانتخابات مدعوماً من تيار شعبي جارف، معتبراً أنه"لم يحسن التعامل مع حليفه في المتن الشمالي نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر، وأخذ يتصرف معه على أنه واحد من النواب المنتمين الى تكتل التغيير والإصلاح". ولم يفاجأ المسؤول في المعارضة برد المر على عون على خلفية موقف الأخير من تشكيل كتلة وسطية من دون أن يعلق على ما يقال من ان لا مبرر"للجنرال"لشن حرب إعلامية - سياسية ضد المستقلين طالما انه واثق من قدرته على اجتياح خصومه، وأن لا قلق لديه من العودة الى البرلمان على رأس كتلة كبيرة،"والا ما هو المبرر الذي يملي عليه الإعداد منذ الآن لشن حرب إلغاء ضد المرشحين الذين لا يدينون له بالولاء وكانوا بالأمس القريب في عداد ماكينته الانتخابية؟". لكن المسؤول نفسه يعترف بالمشكلات التي بدأت تواجه الأقلية قبل أن تتفق على تشكيل لوائح موحدة لخوض الانتخابات، ويقول إن الأكثرية تواجه الآن المشكلة نفسها"لأن عدد المقاعد النيابية لا يتسع لهذا العدد الكبير من المرشحين الذين يدرسون ترشحهم في كل الدوائر الانتخابية". ويرى أن الأقلية، كالأكثرية،"ستجد نفسها عاجزة عن الاتفاق على خريطة موحدة لمرشحيها وستضطر الى الطلب من دمشق التدخل لتذليل بعض العقبات التي يصعب على القوى الرئيسة تجاوزها من دون جهد سوري ضاغط". ويؤكد أن من أولى المشكلات التي ستواجهها الأقلية تلك المتعلقة بالصراع الدائر حول المقعد الشيعي الثاني في دائرة بعبدا - المتن الجنوبي - باعتبار ان المقعد الأول فيها محسوم لمصلحة المرشح الذي يسميه"حزب الله"إضافة الى المقعدين الشيعيين في جبيل وزحلة حيث تطرح حركة"أمل"استبدال النائبين عنهما وهما عباس هاشم وحسن يعقوب بمرشحين آخرين أحدهما عن زحلة يكون محسوباً عليها. وبالنسبة الى المقعد الشيعي الثاني في بعبدا فإن"أمل"ليست في وارد التسليم بأن يكون المرشح منتمياً الى"التيار الوطني الحر"وبالتالي فهي تصر على ترشيح عضو المكتب السياسي فيها، طلال حاطوم. أضف الى ذلك مشكلة أخرى تحتاج الى تدخل يؤدي الى التوفيق بين"أمل"والتيار الحر في شأن المرشحين عن دائرة جزين إضافة الى الدائرة الأولى في بيروت الأشرفية حيث يطالب عون بمرشحين الأول كاثوليكي والثاني أرثوذكسي ويصر على ترشح القيادي في التيار زياد عبس عن المقعد الأخير بينما يقترح حلفاؤه استبداله بالنائب السابق ميشال ساسين. وفي هذا السياق، يسأل المسؤول المعارض عما إذا كان الاتفاق الذي تم في الدوحة في شأن تحييد الدائرة الثانية من بيروت البسطة - الباشورة عن التنافس الانتخابي قابلاً للتنفيذ في ظل اهتزاز الثقة بين"حزب الله"وپ"تيار المستقبل"، كاشفاً ان بعضهم أخذ يستعد لخوض الانتخابات من خارج التوافق الذي قضى بتوزيع المقاعد الأربعة في هذه الدائرة مناصفة بين"المستقبل"وحلفائه وپ"حزب الله"وحلفائه! ولم يستبعد المسؤول ربط التوافق في بيروت الثانية بالتوافق في صيدا لضمان المقعد الثاني فيها للنائب أسامة سعد باعتبار أن الترجيحات تأتي حالياً لمصلحة وزيرة التربية النائب بهية الحريري. وبالنسبة الى الحزب الشيوعي اللبناني، فلا شيء حتى الساعة يؤكد أن لدى القوى الرئيسة في الأقلية رغبة في التحالف معه على أساس موافقتها على ترشح نائب الأمين العام سعد الله مزرعاني عن المقعد الشيعي الثاني في مرجعيون حاصبيا، وعطا جبور عن أحد المقاعد الثلاثة للروم الأرثوذكس في الكورة والأمين العام السابق للحزب فاروق دحروج سليم عن أحد المقعدين السنيين عن البقاع الغربي، فيما أخذ يتردد بأن الأقلية تدرس ترشيح الأخير عن أحد المقعدين السنيين عن بعلبك - الهرمل، وهذا ما يعارضه الحزب الشيوعي، فيما يروج بعضهم لترشيح محمد القرعاوي وهو صهر سليم، عن البقاع الغربي. تنازل"حزب الله" ويستبعد المسؤول ذاته أن يبادر"حزب الله"الى التنازل ما أمكن عن حصته لمصلحة ارضاء حلفائه أسوة بما فعله في الحكومة الحالية عندما ارتضى تمثيل طلال ارسلان وعلي قانصوه، علماً أن لا شيء محسوماً للآن بالنسبة الى توجه رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الرامي الى ترك المقعد الدرزي الثاني عن دائرة عاليه له. ويرد السبب الى ان المشكلة ليست عند جنبلاط انما في قدرة ارسلان على اتخاذ قراره بالوقوف على الحياد في دائرة بعبدا وعدم دعم المرشح الدرزي المنافس للنائب أيمن شقير باعتبار أن رئيس الحزب التقدمي تنازل لأرسلان عن مقعد من حصته وهو يريد في المقابل ثمناً لذلك. كما ان ارسلان يواجه مشكلة ثانية تتعلق بإصراره على ترشيح شقيق زوجته مروان خير الدين عن المقعد الدرزي في مرجعيون - حاصبيا ضد النائب الحالي أنور الخليل من كتلة"التنمية والتحرير"برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يرفض البحث بهذه الفكرة. كما ان الآخرين من حلفاء ارسلان لا يحبذون ترشح القيادي في الحزب الديموقراطي اللبناني وليد بركات عن المقعد السني في الدائرة نفسها. ومع أن عون يحاول أن يسترضي هذا الكم من المرشحين من خلال القرار الذي اتخذه بضرورة فصل النيابة عن الوزارة بما يسمح له بتقديم وعود الى عدد من المرشحين بتوزيرهم في الحكومة المقبلة وهذا ما ينطبق على نائب رئيس مجلس الوزراء عصام أبو جمرا، فإن بعض حلفائه لم يقطعوا الأمل باحتمال التوفيق بينه والنائب المر في اللحظة الأخيرة على رغم ان المراقبين يستبعدون حصول ذلك. وفي هذا السياق يتردد أن بري سيحاول التوفيق بينهما وان"حزب الله"يستعد للقيام بمساع في هذا الشأن، لكن هؤلاء يعترفون بأن عون يتحمل مسؤولية أساسية إزاء ما وصلت اليه العلاقة. وبالنسبة الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وعلاقته بعون، فإن الأخير يبقي على الاتصالات مفتوحة معه، لكنه يتردد في حسم الموقف من مطالبته بترشيح غسان الأشقر عن أحد المقاعد المارونية الأربعة في المتن الشمالي. وهناك من يعزو السبب الى أن عون سيضطر أخيراً الى استرضاء الحزب ولكن عبر استبدال الأشقر بواحد من مرشحين: الياس أبو صعب أو رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود، علماً أن"القومي"بدأ يتصرف وكأن لا خوف على تثبيت القيادي فيه النائب مروان فارس عن المقعد الكاثوليكي في بعلبك - الهرمل على لائحة"حزب الله"الذي ينوي الإطلال بعدد من الوجوه الجديدة من المرشحين الشيعة، اضافة الى أن هناك من يعتقد بأن لا قرار حتى الساعة بإبعاد النائب الماروني نادر سكر لمصلحة رئيس"حزب التضامن"اميل رحمة. وعليه فإن المشكلات التي تواجهها الأقلية ستكون اياها لدى الأكثرية التي تتريث في الإعلان عن خريطتها للتحالفات السياسية ومن خلالها تظهير أسماء المرشحين وبالتالي لن تحمل الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط فبراير المقبل أي مفاجأة في هذا الشأن مع أن جنبلاط أوشك على حسم موقفه وطلب تشغيل ماكينته الانتخابية في الشوف وعاليه وبعبدا والبقاع الغربي فيما يدعم ترشح أنور الخليل عن مرجعيون حاصبيا. وعلمت"الحياة"ان"اللقاء الديموقراطي"يحتفظ بترشح رئيسه جنبلاط، ومروان حمادة وعلاء الدين ترو ومحمد الحجار الأخير من"المستقبل" ونعمه طعمه وايلي عون عن الشوف، تاركاً لحلفائه التوافق على المرشحين المارونيين من بين ثلاثة مرشحين هم النائب الحالي جورج عدوان حزب"القوات اللبنانية" النائب السابق غطاس خوري تيار"المستقبل" ورئيس"حزب الوطنيين الأحرار"دوري شمعون، فيما لا يبدو"التقدمي"ميالاً الى إجراء أي تغيير في عاليه أو البقاع الغربي، بينما يحتفظ بترشيح أيمن شقير وعبدالله فرحات عن بعبدا.