أوشكت القيادات الرئيسة في المعارضة اللبنانية على الاتفاق على أسماء مرشحيها لخوض الانتخابات النيابية في 7 حزيران (يونيو) المقبل، ولم يعد أمامها سوى التوافق على مخرج للخلاف على أسماء المرشحين عن دائرة جزين باعتبار أن تشكيل اللوائح في دوائر عكار وطرابلس والمنية - الضنية، وصيدا والشوف وعاليه لن تعترضه اشكالات يمكن أن تؤخر اعلانها، خصوصاً أن معظم هذه المعارك، باستثناء صيدا، ستخاض انطلاقاً من رغبة بعض القوى فيها في عدم اخلاء الساحة لمرشحي قوى 14 آذار وبالتالي لا بد من خوضها بغية تسجيل حضور انتخابي يتيح لها اثبات وجودها في هذه الدوائر. وعلمت «الحياة» أن الاتصالات الجارية بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون وقيادة «حزب الله» لم تؤد الى التوافق على المرشحين الثلاثة عن دائزة جزين التي تعتبر واحدة من المناطق المختلطة. وفي هذا السياق، قالت مصادر رئيسة في المعارضة إن بري لم يتبلغ من عون ما كان أعلنه الأخير من أنه يريد احتكار التمثيل في جزين ل «التيار الوطني الحر» بذريعة أنه قادر وحده على الفوز بالمقاعد الثلاثة من دون حلفائه. وأكدت المصادر نفسها أن موقف عون من جزين بقي في اطاره الإعلامي ولم يطرح على طاولة المفاوضات، مشيرة أيضاً الى أن المشكلة في هذه الدائرة ما زالت تدور حول المقعد الكاثوليكي وأن قيادة «حزب الله» تواصل جهودها للتوفيق بين حركة «أمل» و «التيار الوطني». وكشفت المصادر عينها أن قيادتي «حزب الله» وحركة «أمل» تضعان الآن اللمسات الأخيرة على لوائحهما المشتركة في الجنوب والدوائر المختلطة في المناطق الأخرى تمهيداً للإعلان عنها في وقت قريب. ورداً على سؤال أوضحت المصادر أن بري، باعتباره يرأس كتلة «التنمية والتحرير»، ليس في وارد استبدال مرشحين جدد ببعض النواب، وأن ما تردد عن وجود نية لتغيير النائب عبداللطيف الزين الموجود بصورة متواصلة في البرلمان منذ مطلع الستينات لا أساس له من الصحة حتى اشعار آخر. وأن الموقف نفسه ينطبق على النائب ناصر نصرالله عن دائرة البقاع الغربي. ولفتت في المقابل الى وجود توجه لدى قيادة «حزب الله» يقضي بترشيح المشرف على مؤسسة الدراسات التابعة للحزب، علي فياض بدلاً من النائب محمد حيدر عن مرجعيون - حاصبيا بسبب اصرار الأخير على التفرغ للشؤون الحزبية. وقالت إن هذا التوجه يسري على ترشيح مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب نواف الموسوي عن أحد المقاعد الشيعية الأربعة في صور بدلاً من النائب حسن حب الله. ونفت المصادر ما تردد عن وجود نية لدى الحزب لاستبدال النائبين علي عمار (بعبدا - المتن) وأمين شري (بيروت الثانية - الباشورة) وقالت إن هناك جهات تأخذ على عاتقها الترويج لمعلومات لا أساس لها من الصحة. وبالنسبة الى دائرة بعلبك - الهرمل، قالت المصادر إن «حزب الله» يميل الى ترشيح محمد ياغي أو عمار الموسوي مكان أحد النواب الحاليين. وأشارت الى أن القرار متروك لرئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني ليقرر في الوقت المناسب ما إذا كان سيخوض المعركة أو العزوف عن الترشح. واعتبرت أن عزوف الحسيني يمكن أن يفتح الباب أمام ايجاد بديل من خارج «حزب الله» أو حركة «أمل» وربما يستقر الرأي على ترشيح حليف للتحالف الشيعي كالوزير السابق أسعد دياب في حال تقرر سحب اسمه من لائحة المرشحين للمجلس الدستوري الذي يعود لمجلس الوزراء اختيارهم أو أحد القيادات من حزب البعث العربي الاشتراكي الموالي لسورية، علماً أن أمينه القطري الوزير السابق فايز شكر تقدم من وزارة الداخلية بطلب ترشحه عن أحد المقاعد الشيعية في بعلبك. وبالنسبة الى المقعد الكاثوليكي فإن كفة النائب في الحزب السوري القومي الاجتماعي مروان فارس ما زالت الراجحة، مع أن مصادر في المعارضة لم تحسم حتى الساعة ما إذا كان الرأي استقر على ترشيحه أو أن منافسه الوزير السابق ألبير منصور سيحل مكانه. وعزت السبب الى أن فارس، وإن كان وحتى اشعار آخر الأوفر حظاً، فإن التحرك الداعم لترشح منصور لم يتوقف وأن العماد عون يقود شخصياً الحملة لمصلحته في ضوء ما تردد من أنباء غير مؤكدة بأنه يربط موافقته على ترشح النائب السابق في الحزب السوري القومي الاجتماعي غسان الأشقر عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، بتبني ترشح منصور في بعلبك. أما في شأن دائرة بعبدا - المتن في جبل لبنان فإن حركة «أمل» ماضية في ترشيح عضو الهيئة التنفيذية فيها ومسؤول مكتب الإعلام المركزي طلال حاطوم عن أحد المقعدين الشيعيين الى جانب مرشح «حزب الله» النائب عمار وهي ليست في وارد التراجع لمصلحة مرشح شيعي يختاره العماد عون أو آخر يشكل نقطة تلاق بينه وقيادة «حزب الله». وتردد أن عون صرف النظر عن ترشيح القيادي في «التيار الوطني» رمزي كنج وأنه يتواصل حالياً مع «حزب الله» لإقناعه بتبني ناشر جريدة «الأخبار» حسن خليل مع أن قيادياً في «أمل» نفى أن يكون عون طرح اسمه مع بري من خلال مسؤولين في «أمل». كما تردد أن عون يميل الى إحداث تغيير في لائحة مرشحي «التيار الوطني» عن بعبدا، وهو يدرس حالياً دعم ترشيح العميد المتقاعد جوزف أبو جودة على أن يختار الى جانبه مرشحين من بين ثلاثة هم النقيب السابق للمحامين في بيروت شكيب قرطباوي، حكمت ديب وناجي غاريوس. وعزت مصادر مواكبة للمشاورات الجارية داخل «التيار الوطني» سبب ميل عون الى ترشيح أبو جودة الى حاجته لدعم عائلته في المتن الشمالي في ضوء صعوبة بترشيح واحد منها على لائحته في هذه الدائرة. وفي خصوص المقعد الدرزي في بعبدا، لم تنجح قوى المعارضة في التوصل الى تفاهم على اسم مرشح من عائلة الأعور، بسبب اصرار عون على ترشيح أحد المسؤولين في «التيار الوطني» في مقابل اصرار مماثل لكل من الوزير طلال أرسلان ورئيس «تيار التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب، علماً أن العلاقة بين الأخيرين مقطوعة وتجرى اتصالات لترتيب لقاء يجمعهما برعاية بعض أركان المعارضة بغية اصلاح ذات البين بينهما. أما في عاليه فإن تظهير المشهد الانتخابي للمعارضة في هذه الدائرة ما زال متأخراً على رغم أن رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط كان طلب من النائب فيصل الصايغ التريث في التقدم بطلب ترشحه لترك مقعده شاغراً لمصلحة أرسلان انطلاقاً من رغبة جنبلاط في الحفاظ على حد أدنى من الانسجام داخل الطائفة الدرزية. وكانت بعض المصادر في المعارضة تحدثت أخيراً عن وجود رغبة مماثلة لدى أرسلان في تشكل لائحة غير مكتملة في عاليه تضمه الى جانب الأرثوذكسي مروان أبو فاضل والماروني قيصر أبو خليل من «التيار الوطني» على أن تستكمل لاحقاً بماروني آخر. وعليه فإن المعارضة بدأت تتصرف وكأنها نجحت، باستثناء المشكلة العالقة في جزين، في تعبيد الطريق أمام الإعلان عن لوائحها باعتبار أن المشهد السياسي الانتخابي في زحلة والكورة والبترون والبقاع الغربي لن يواجه مشكلة إلا إذا تفاعلت مسألة التعاون مع الحزب الشيوعي باتجاه مبادرة الأخير الى وقف المفاوضات بذريعة أن ما يطرحه عليه حلفاؤه لا يشجعه على الدخول في حلف انتخابي معهم، لا سيما في البقاع الغربي في ظل تمسكه بمرشحه الأمين العام السابق للحزب فاروق سليم دحروج، احتجاجاً على الأخطاء المتراكمة التي لحقت به من مرشحين على لائحة المعارضة في البقاع الغربي.