بعد انتهائه من دراسة الهندسة خيّب ظن والده المناضل العمالي - الذي كان يحلم به داخل المصنع - ونزل إلى القاهرة بحثاً عن الأفلام وطريق السينما الصعب، بل المستحيل على أمثاله. إنه المخرج المصري علي رجب صاحب فيلم"بلطية العايمة"الذي حقق وجوداً ملحوظاً منذ عرضه الأول في مهرجان القاهرة السينمائي ثم سجل إيرادات لا بأس بها على رغم كثرة الأفلام المنافسة هذا الموسم. بدأ رحلته مع السينما بالدراسة في معهد النقد الفني بعد فشله في الالتحاق بمعهد السينما لأنه لا يملك"واسطة". وفي الوقت نفسه كان يعمل مساعداً لأبرز المخرجين المصريين في تلك الفترة أمثال عاطف الطيب وعلي بدرخان. يقول رجب عن ذلك:"نزلت إلى القاهرة من دون رغبة والدي ولم يكن لدي نقود أو حتى مسكن لكني لم أيأس من فشلي في دخول المعهد بل زادني ذلك إصراراً على تحقيق حلمي فعملت بالصحافة الفنية في كل من مجلة"فن"وصحيفة"الحياة"وصحف أخرى من أجل الحصول على المال وفي الوقت نفسه أدرس وأعمل مساعد مخرج". وكان أول ظهور لاسم علي رجب من خلال فيلم"شجيع السيما"عام 1999 مع الممثل أحمد آدم الذي يقول إنه شجعه ووقف إلى جواره في البداية. ثم كان فيلم"الأجندة الحمرا"مع الإعلامي والممثل طارق علام ويقول عنه رجب:"كانت تجربة سيئة لأني تعجلت خروج هذا الفيلم للنور قبل أن يأخذ حقه في العمل لكني تعلمت منها ولم أكررها ثانية". بعد ذلك كتب وأخرج رجب فيلم"صايع بحر"للممثل أحمد حلمي الذي كان لا يزال في طريقه إلى النجومية ثم جاء بعد ذلك فيلمه"خالتي فرنسا"مع عبلة كامل ومني زكي وإنتاج الشركة العربية. أما عن موضوع فيلم"بلطية العايمة"وتناوله لقضية استيلاء رجال الأعمال على أراضي البسطاء في مصر وإثارتها كثيراً هذه الأيام خاصة في الإسكندرية فيقول علي رجب:"لا أحد ينكر أنها بالفعل قضية هذه الأيام التي تعود جذورها أصلاً إلى التغير الذي يشهده المجتمع المصري في تركيبته القيمية والاجتماعية والثقافية ويمكننا اكتشاف ذلك بسهولة مما يكتب يومياً على صفحات الجرائد"... وعن الإسكندرية والتغيرات التي طرأت عليها في وجهة نظره يجيب:"في الحقيقة أنا والكاتب بلال فضل نحلم بتقديم رباعية سينمائية عن الإسكندرية التي ولدنا وتربينا فيها ونعرف عنها كل شيء. أما التغيرات التي طرأت عليها فهي صادمة بالنسبة لي حيث أصبحت بلا روح بعكس ما تعودنا منها. فاختفت البيوت القديمة ذات الطابع الجمالي مع تلاشي الطبقة المتوسطة. وأقيمت بدلاً منها أبراج عالية أدت بالطبع إلى كثرة العشوائيات حيث لا تنسيق ولا مراعاة لتاريخ المدينة التي كانت ملتقى حضارات. كما اختفت منها الجاليات الأجنبية وانتشرت المخدرات من ناحية والتيار الأصولي من ناحية أخرى". وتعليقاً عما يقال من أن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقة أكد رجب أن معظم الشخصيات والأحداث فعلاً مستوحاة من الواقع خصوصاً مشهد وفاة والدة البطلة، فهو حدث حقيقة لوالدة المخرج نفسه التي توفيت خلال نقلها إلى المستشفى وطلبت من سائق الإسعاف أن يتوقف بها أمام البحر لتراه للمرة الأولى والأخيرة في حياتها ثم ماتت في تلك اللحظة مباشرة. وأكد علي رجب أيضاً أن هناك آلاف السيدات السكندريات اللاتي يشبهن بلطية ويعشن مثلها تماماً خصوصاً فئة زوجات الصيادين اللاتي يذهب رجالهن في رحلات صيد ولا يعودون ومع ذلك يفنين أعمارهن على أمل الانتظار. ورداً على سؤال حول تركيز الفيلم على المكان ومحاولة إبراز مناطق غير معروفة بالإسكندرية أجاب:"هذا مقصود بالفعل لأني أريد إبراز المناطق المنسية التي لا تظهرها وسائل الإعلام على رغم أنها تمثل حقيقة المدينة الساحلية التي ليست كوبري ستانلي ولا أبراج سان ستيفانو إنما عزبة الصيادين والمكس والملاحات. وقد غطى فيلما"صايع بحر"وپ"بلطية"نصف الإسكندرية وسأبرز نصفها الثاني - بما فيها من مناطق أثرية - في فيلمي المقبلين عنها حتى أؤدي الرسالة التي ألزمت بها نفسي". نشر في العدد: 16730 ت.م: 23-01-2009 ص: 22 ط: الرياض