ودع حشد كبير من أساتذة الجامعات العراقية والأدباء والكتّاب العلامة الدكتور حسين علي محفوظ الذي توفي مساء الاثنين عن عمر ناهز 83 عاماً، في موكب مهيب انطلق صباح أمس من داره في الكاظمية ببغداد الى مثواه الأخير. وكان العلامة محفوظ الملقب ب"شيخ بغداد"يعاني من أزمة صحية منذ نحو اسبوع، قبل أن يفارق الحياة مساء الاثنين في مستشفى ابن البيطار. والدكتور محفوظ من مواليد العام 1926، وهو عالم متخصص باللغات الشرقية. له مؤلفات كثيرة وإسهامات فكرية وثقافية. شغل كرسي الأستاذية في كلية الآداب في جامعة بغداد، وهو حاصل على شهادات فخرية من كثير من الجامعات الأجنبية. وتكشف سيرته العلمية عن المكانة التي تبوأها، فبعد ان تعلم في مدارس الكاظمية، تخرج في دار المعلمين ببغداد، وحصل على بكالوريوس في الآداب باللغة العربية عام 1948 بدرجة الامتياز، وفي عام 1954 انتخب عضواً في الجمعية الآسيوية الملكية في لندن. وفي 1955 نال دكتوراه الدولة في الآداب الشرقية، وفي 1956 انتخب عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية في القاهرة ثم في مجمع اللغة العربية في دمشق، وفي المجمع العلمي الهندي. وفي 1956 عين مدرساً في دار المعلمين، ومفتشاً في وزارة المعارف حتى عام 1959 حين انتقل إلى كلية الآداب في جامعة بغداد. في العام 1961 دخل الكلية الشرقية في جامعة بطرسبورغ، دارساً اللغة العربية وآدابها لمدة ثلاث سنوات، ليحوز بعدها على لقب استاذ المستشرقين. وفي 1969 أسس قسم الدراسات الشرقية في كلية الآداب في جامعة بغداد ورأسه حتى عام 1973. وانجز العلامة محفوظ خلال حياته ما يزيد على 150 مؤلفاً ما بين كتاب ورسالة ودراسة وبحث، وشارك في الكثير من المؤتمرات العربية والعالمية، ونال ألقاباً علمية كثيرة، منها أستاذ المستشرقين، الأستاذ الأقدم، المرجع الكبير في العراق، الرائد الأمثل للتراث وعلم المخطوطات، وشيخ التراث. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي نعى محفوظ أمس واصفاً إياه ب"العلم البارز في الفكر والثقافة العراقية المعاصرة"، مضيفاً أنه:"اثرى ميادين الفكر والثقافة والمعرفة الانسانية بعشرات الكتب والمقالات واستحق بجدارة لقب الاستاذ الاول في جامعة بغداد". ويوصف العلامة محفوظ بأنه عاشق بغداد، وكتب الكثير من المؤلفات والدراسات عنها وعن مدينته الكاظمية، وكان في أيامه الأخيرة يعتز كثيرا بلقب"شيخ بغداد"وهو من أعمدة المجالس الأدبية والثقافية البغدادية. ويعد حجة ومرجعاً في علم الأنساب، وهو أيضا من عشاق التراث العربي والإسلامي ومن كبار المعنيين والمتخصصين بحفظ الوثائق والتعامل معها. وقد عاصر كبار علماء ومثقفي وأدباء عصره، وكان أقربهم إلى نفسه عالم الاجتماع العراقي الأبرز علي الوردي، الذي يمت إليه بصلة قرابة. وكان يصف عزلته، التي لجأ اليها في سنواته الأخيرة، بأنها"عزلة ظاهرية"، مضيفاً أنه يقضي جل وقته"في القراءة والكتابة واستقبال الضيوف". نشر في العدد: 16728 ت.م: 21-01-2009 ص: 16 ط: الرياض