سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انتقد المتاجرة بدماء الفلسطينيين "لبسط النفوذ والهيمنة" ... وتعهد بالعمل على رأب الصدع . مبارك : الوضع العربي الراهن بانقسامه وخلافاته ومحاوره لا بد أن يتغير
أكد الرئيس المصري حسني مبارك ضرورة تغيير الوضع العربي الراهن، مشيرا إلى أن مأساة غزة امتحنت العمل العربي فكشفت الكثير من أوجاعه وتناقضاته ومعايبه، معربا عن أسفه لأن المأساة أوضحت"انقسام عالمنا العربي واختراقه وتشتته".? وقال الرئيس المصري، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في الكويت أمس، إن"العلاقات العربية - العربية ليست في أحسن أحوالها، والعلاقات بين الإخوة الأشقاء لا بد أن تقوم على الوضوح والمصارحة، وتطابق الأقوال والأفعال، لا مجال في هذ العلاقات للالتواء والتطاول ولا مجال للتخوين وسوء القول والفعل والتصرف، وكأننا نعود بعالمنا العربي إلى الوراء بدلاً من أن ندفع به معا إلى الأمام". وأشار مبارك إلى أن"العالم العربي يجتاز مرحلة عصيبة ويتعرض لمخاطر وتحديات عديدة ما بين العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته، والانقسام الحادث على الساحة الفلسطينية وعواقبه، وما تشهده الساحة العربية من تشرذم ومزايدات ومحاور وما يتنازعها من محاولات تأتي من داخلها وخارجها للعب الأدوار وبسط النفوذ"، موضحا أن"هذه المحاولات تتاجر بمعاناة الشعب الفلسطيني وقضيته، وتستخف بأرواح شهدائه ودماء أبنائه وتمعن في شق الصف العربى وإضعافه". وأضاف مبارك:"كان منطق الأمور يملي علينا الوقوف إلى جانب غزة بمواقف جادة، تعي خطورة العدوان وشراسته، وتسعي لإيقافه واحتواء تداعياته الإنسانية بعيدا عن المزايدة والشعارات الجوفاء". ودافع الرئيس المصري عن موقف بلاده من القضية الفلسطينية، وقال"لقد رعت مصر القضية الفلسطينية عبر ستين عاما بمسؤولية وأمانة وبدور يسعى إليها بما لها من قدر ومكانة، وبما تمتلكه من قدرات وإمكانات، دور يتحدث عن نفسه، يسعى إليها ولا تسعى إليه كحال من يتطلع للعب الأدوار"، مشيرا إلى أن"الموقف المصري كان قويا وواضحا منذ اليوم الأول للعدوان على غزة رغم مغالطات البعض وتجاهلهم لحقائق معروفة وأخرى غائبة"، وقال"تعلمون جميعا الجهود التي بذلتها مصر لتمديد التهدئة وتحذيرها من أن رفض الفصائل لتمديدها هو دعوة مفتوحة لإسرائيل للعدوان، بل الإدعاء بأن عدوانها حرب دفاعية لحماية مواطنيها من صواريخ المقاومة ... كما تعلمون جميعا، ما بذلته مصر لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني.. وتدخل البعض بضغوط - نعلمها - لإجهاض جهودنا.. تكريسا للانقسام الراهن.. وسعيا للنيل من شرعية السلطة الفلسطينية، ومنحها للفصائل". ولفت إلى أن اللغط استمر حول فتح معبر رفح بالتجاهل لحقيقة أنني أمرت بفتحه منذ اليوم الأول للعدوان، ولا يزال مفتوحا أمام المساعدات والأطقم الطبية والجرحى حتى هذه اللحظة وتواصل هذا اللغط بالتغافل عن حقيقة أن المعبر لم يكن ضمن خطة رئيس وزراء إسرائيل السابق ارييل شارون للانسحاب من غزة وأنني كنت من تمسك بإقامة معبر رفح ليكون منفذا للقطاع من مصر وإليها، وأضاف"على عكس ما غاب عن البعض فقد كان حاضرا في وعي مصر وتحركها ما تروج له إسرائيل من أن غزة أرض محررة تنصلاً من مسؤوليتها القانونية والسياسية عن القطاع باعتباره أرضا محتلة وهو ما يجب أن يستدعي لأذهاننا ترويج إسرائيل لمقولة غزة أولاً، ولمفهوم الخيار الأردني، وكلاهما بالنسبة لمصر، ولنا جميعا، أراض محتلة ستقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقلة، طال الوقت أو قصر". وقال مبارك"لقد حاول البعض أن يضع مصر في مواجهة مع المقاومة، وأقول لهؤلاء إن منظمة التحرير الفلسطينية انطلقت من القاهرة، ودعمت مصر رموزها وفصائلها عبر سنوات طويلة. إننا ندعم حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، ونحترم إرادة المقاومة الفلسطينية وصمودها، لكننا نؤمن أن المقاومة، كقرار الحرب، لا بد أن تخضع لحساب الأرباح والخسائر، ولا بد أن تكون مسؤولة أمام شعوبها تحكم لها أو عليها بقدر ما تحققه من مكاسب لقضاياها أو تتسبب فيه من ضحايا وآلام ومعاناة"، مضيفاً:"هناك من فصائل المقاومة من يعترف بأن ميزان القوى الدولي الراهن ينحاز انحيازا واضحا لإسرائيل، ويدعون للانتظار لحين بزوغ نظام دولي أكثر عدالة، حتى لو استغرق ذلك عقودا طويلة، فهل يستقيم هذا المنطق؟ هل تحتمل معاناة الشعب الفلسطيني هذا الانتظار؟ وهل نستمر في الانتظار والاستيطان يقتطع الأراضي المحتلة يوما بعد يوما؟ وإلى متى نسمح بأن تظل القضية الفلسطينية قضية الفرص الضائعة؟". وأعرب عن أسفه لأن"يعمل البعض على تقسيم العرب بين دول الاعتدال ودول ?الممانعة، كأننا لا نتعلم من أخطاء الماضي ودورس التاريخ القريب، وكأننا نعود بالعالم العربي ثلاثين عاما إلى الوراء"، متسائلا"هل هي عودة لجبهة الرفض خلال سبعينات القرن الماضي؟ أولم نعتمد معاً وبالاجماع في بيروت مبادرة عربية للسلام العادل والشامل؟". كما أعرب عن أسفه"لأن نسمح باستغلال مأساة غزة لاختراق عالمنا العربي بقوى من خارجه، تتطلع للهيمنة وبسط النفوذ وتتاجر بأرواح الفلسطينيين ودمائهم".? وشدد مبارك على أن مصر"كعهدها تترفع دوماً عن الصغائر ولا تخضع أبدا للابتزاز"، مطالباً"بوقفة صدق ومصالحة مع النفس تتمعن في أحوال عالمنا العربي وتجتهد للالتقاء على كلمة سواء"، وقال"علينا أن نحاذر من اختزال القضية الفلسطينية في غزة واختزال غزة في المعابر، واختزال المعابر السبعة في معبر رفح. إن القضية الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير".? وتعهد مبارك ببذل كل جهد ممكن للتقريب بين الفلسطينيين"فإن تحققت المصالحة الفلسطينية فذلك هو الخير لشعب فلسطين وقضيته، وإن لم تتجاوب الفصائل مع جهودنا فسنقول لهم إن الله يساعد الذين يساعدون أنفسهم، ومصر ستبقى مفتوحة الذراعين لكم بابا وملاذا وجهودا صادقة وفاعلة". وحيا مبارك صمود الشعب الفلسطيني في غزة، وخاطب أهل القطاع قائلا"مصر ستظل بجانبكم في محنتكم، لن نهدأ حتى تنسحب قوات إسرائيل ويعاد فتح المعابر ويرفع الحصار، سنواصل فتح معبر رفح أمام جرحاكم وأمام مساعدات الإغاثة، وسندعو لمؤتمر دولى لإعادة إعمار ما دمره العدوان".? وقال للإسرائيليين"إن غطرسة القوة لن تقهر المقاومة، ولن تفرض الخضوع على شعب فلسطين ... أمن شعبكم يتحقق بالسلام وليس بالطائرات والدبابات، والقضية الفلسطينية سوف تنتصر في النهاية والاحتلال مصيره إلى زوال"، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في إنهاء الاحتلال على نحو جاد من دون إبطاء. وأبدى مبارك ثقته في أن"الخلافات العربية، أياً كانت، لا تستعصي على الحل بالجهود المخلصة والعزيمة الصادقة، فهي في النهاية خلافات بين أشقاء، وكعهد مصر مع أشقائها عبر عقود طويلة فإنها ستبذل أقصى طاقتها لرأب الصدع العربي الراهن، ولتضع نهاية للخلافات العربية القائمة، كي نلتقي جميعا حول ما يجمعنا لا ما يفرق شملنا". وقال"إني على يقين من أننا سننحاز في نهاية المطاف لهويتنا العربية وأهدافنا الواحدة ومصالحنا المشتركة، ويظل اقتناعي أكيدا بأنه لا يصح إلا الصحيح". نشر في العدد: 16727 ت.م: 20-01-2009 ص: 9 ط: الرياض