نجحت الصين في كسب الرهان المتمثل بتنظيم ألعاب أولمبية ناجحة بكل المقاييس على رغم الانتقادات التي طاولتها قبل الانطلاق وكسرت الهيمنة الاميركية بالتربع على عرش صدارة الترتيب العام لجدول الميداليات. وباعتراف المسؤولين عن الألعاب الأولمبية وفي طليعتهم رئيس اللجنة الاولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ، نظمت الصين احدى "أفضل وأنظف" الألعاب في تاريخ الأولمبياد إن لم يكن أنجحها على الأطلاق، إذ جاءت قمة في التنظيم ومليئة بالإنجازات التي لا تنسى. وقال روغ في الحفلة الختامية: "بعد الألعاب، بالتأكيد ستفهم الصين العالم أكثر وسيفهم العالم الصين بشكل أفضل". وكان أبرز تلك الإنجازات ذهبيات السباح الاميركي الفذ مايكل فيلبس وأرقامه القياسية السبعة في الأسبوع الأول من الألعاب قبل أن يستأثر العداء الجامايكي اوساين بولت بالأضواء في الأسبوع الثاني ويحرز ثلاث ذهبيات مع ثلاثة أرقام قياسية عالمية. وانفقت الدولة المضيفة نحو 28 بليون يورو لتحديث بنيتها التحتية وبناء المرافق الرياضية التي كان تحفتها ملعب "عش الطائر" بهندسته الرائعة إضافة الى 37 ملعباً آخر أقيمت عليه الالعاب ال28. وتصدرت الصين الترتيب برصيد 51 ذهبية من أصل 302 إضافة إلى 21 فضية و28 برونزية، وجاءت الولاياتالمتحدة ثانية 36 ذهبية و38 فضية و36 برونزية وروسيا ثالثة 23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية. وقد نظمت الصين الألعاب التي تقام للمرة الثالثة في آسيا بعد طوكيو 1964 وسيول 1988، للمرة الأولى في تاريخها فرفعت غلتها كثيراً من 32 ذهبية في ألعاب أثينا قبل أربع سنوات في مقابل 36 للولايات المتحدة التي تربعت على عرش الألعاب في النسخات الثلاث الأخيرة. منشطات واسكتت الصين منتقديها على صعيد التنظيم فنالت حفلة الافتتاح إعجاب الجميع حتى أولئك المنتقدين، وترافق ذلك مع تسجيل حالات قليلة من المنشطات، ما أدى الى وصف دورة 2008 بأنها من "أنظف" الألعاب مع تسجيل 13 حالة 9 منها تخص الرياضيين و4 منها تخص الجياد. ومن بين الحالات التسع للرياضيين هناك 5 منهم صعدوا على منصة التتويج وهم الأوكرانية ليودميلا والاسبانية مايرا ايزابيل مورينو والكوري الشمالي كيم جونغ - سو والبيلاروسيين فاديم ديفياتوفسكي وايفان تيخون. وكانت بلونسكا حازت فضية المسابقة السباعية فجردت منها وحرمت من المشاركة في مسابقة الوثب الطويل وعوقبت بالإيقاف مدى الحياة، لأنها المرة الثانية بعد الأولى عام 2003 إذ أوقفت سنتين. في المقابل جردت أيضاً الدراجة الاسبانية مايرا ايزابيل مورينو من فضيتها أيضاً في سباق الطريق، إضافة الى الكوري الشمالي كيم جونغ - سو الفائز بميدالية برونزية في الرماية، والبيلاروسيين ديفياتوفسكي وتيخون من فضية وبرونزية رمي المطرقة. ومنعت اللجنة الأولمبية ديفياتوفسكي 31 عاماً من المشاركة الاولمبية مدى الحياة، لأنها ليست المرة الاولى التي يتناول فيها المنشطات، إذ أوقف لمدة عامين بين 2000 و2002 للسبب عينه. ظاهرتا فيلبس وبولت فرض السباح الأميركي مايكل فيلبس نفسه أسطورة الألعاب الأولمبية بعدما حصد 8 ميداليات ذهبية، محطماً الرقم القياسي السابق في دورة واحدة لمواطنه السباح مارك سبيتز الذي حقق الإنجاز عام 1972 في ميونيخ، كما أصبح أكثر الرياضيين تتويجاً بالذهب الأولمبي بعدما رفع رصيده إلى 14 ذهبية ناسخاً الرقم القياسي السابق الذي كان بحوزة مواطنيه السباح سبيتز والعداء كارل لويس والعداء الفنلندي بافو نورمي ولاعبة الجمباز السوفياتية سابقاً لاريسا لاتينينا برصيد 9 ذهبيات. واستهل فيلبس"حصاده الأولمبي"بذهبية سباق 400 م متنوعة، ثم اتبعها بذهبيات التتابع 4 مرات 100 م حرة و200 م حرة و200 م فراشة وسباق التتابع 4 مرات 200 م حرة و100 م فراشة، وكان مسك الختام الذهبية والرقم القياسي العالمي لسباق التتابع 4 مرات 100 م متنوعة، فحقق بالتالي ما عجز عنه في أولمبياد أثينا 2004 عندما اكتفى بست ذهبيات وبرونزيتين. في المقابل، كرّس بولت نفسه أسرع وأعظم عداء في تاريخ سباقات السرعة بعد فوزه بثلاثة سباقات وإسقاط أرقامها القياسية بشكل مذهل. وجاء بولت إلى الألعاب بعد أن لفت الأنظار من خلال تحطيمه الرقم القياسي العالمي في سباق 100 م عندما سجل 19.72 ثانية في لقاء نيويورك الدولي في 31 أيارمايو الماضي، وغادر الألعاب وفي جعبته 3 ذهبيات و3 أرقام قياسية عالمية بعد أن حطم رقمه القياسي العالمي في سباق 100 م وأنزله الى 9.69 ثانية على رغم أنه خفف من سرعته في الأمتار الأخيرة. ومحا بولت أيضاً رقماً خرافياً في سباق 200 م مسجلاً باسم العداء الأميركي الشهير مايكل جونسون أمام ناظري الأخير في ملعب"عش الطائر"وأمام 90 ألف متفرج. منتخب الأحلام وعاد منتخب الأحلام الأميركي مجدداً إلى العرش الأولمبي وأحرز ذهبيته ال13 في مشاركته ال16بفوزه على نظيره الإسباني بطل العالم 118-107. واستعاد المنتخب الأميركي مجدداً تفوقه الأولمبي، وهذه المرة بقيادة مدرب جامعة ديوك مايك كرشيشفسكي ولاعب لوس انجليس ليكرز كوبي براينت في أول مشاركة له مع منتخب بلاده والمخضرم جايسون الذي نال ذهبيته الثانية بعد سيدني 2000، إضافة إلى لاعبين عاشوا إخفاقي أثينا 2004 ومونديال اليابان 2006 وهم الثلاثي ليبرون جيمس ودواين وايد وكارميلو انطوني. وبقي لقب مسابقة كرة القدم عصياً على المنتخب البرازيلي في تاريخ مشاركاته الأولمبية وكان من نصيب جاره الأميركي الجنوبي الأرجنتين الذي احتفظ به، لكن البرازيل صعدت إلى منصة التتويج هذه المرة بالبرونزية.