تغطس غواصة صفراء يقودها انسان آلي تحت رصيف جليدي في القارة القطبية الجنوبية بحثاً عن دلائل تقود الى ارتفاع مناسيب مياه محيطات العالم في واحدة من اكثر المناطق التي يصعب الوصول اليها على سطح الارض. وتدشن الغواصة البالغ طولها سبعة امتار من سفينة أبحاث أميركية وتستكشف الجانب السفلي للثلوج في نهاية جبل جليد بجزيرة باين يسير بسرعة أكبر من اي جبل آخر في القارة القطبية الجنوبية ويجلب بالفعل كمية اكبر من المياه الى المحيطات من نهر الراين في اوروبا. ولطالما راقب العلماء الجبال الجليدية الشاهقة وهي تكسر أرصفة القارة القطبية الجنوبية التي تشكل امتدادات لجبال جليد تطفو فوق سطح البحر لكنهم لم يستطيعوا الوصول الى أسفلها ليروا كيف تسبب التيارات العميقة الذوبان. ويدرك العلماء أن أي تسارع طفيف للذوبان يمكن أن يغمر جزر المحيط الهادئ المنخفضة او يؤدي الى انفاق مبالغ باهظة على بناء الدفاعات عند المدن الساحلية، من بكين الى نيويورك. وتسارع معدل تدفق جبل جليد جزيرة باين في غرب القارة القطبية الجنوبية الى 3.7 كيلومتر في السنة بعد أن كان 2.4 كيلومتر في منتصف التسعينات. ويوجد في القارة القطبية الجنوبية اكثر من 90 في المئة من المياه العذبة في العالم واذا ذابت كلها فستزيد مناسيب المحيطات بمقدار 57 متراً وهو ما سيستغرق آلاف الاعوام. وتوقعت لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة العام الماضي أن ترتفع مناسيب بحور العالم بين 18 و59 سنتيمتراً بحلول عام 2100 نتيجة للاحتباس الحراري الذي تسببه في الاساس الانبعاثات البشرية للغازات التي تنتج من حرق الوقود الاحفوري. وقال ستان جيكوبز كبير العلماء في السفينة ان"جبل جليد باين ايلاند وجبل جليد الى جانبه يتحركان أسرع من أي جبال أخرى في القارة القطبية الجنوبية". وأضاف على متن السفينة الاميركية"ناثانيال بي بالمر"في بونتا اريناس عند الطرف الجنوبي لتشيلي قبل الرحلة التي تستغرق 54 يوماً:"انهما يزيدان من سرعتهما ايضاً". ويضيف جبل جليد باين ايلاند وجبال اخرى قريبة 0.25 ملليمتر سنوياً الى مناسيب البحار العالمية اي 2.5 سنتيمتر على مدار القرن الواحد، اذا لم تتغير. وتبلغ أقصى سرعة للغواصة"اوتوصاب"التي تسير بخمسة آلاف بطارية من النوعية التي تستخدم في تشغيل المشاعل الكهربائية 3.4 عقدة ونطاقها أربعة آلاف كيلومتر وتستطيع الغوص الى عمق 1600 متر. وسمك رصيف باين ايلاند يبلغ نحو 400 متر عند حافته المواجهة للبحر في بحر امندسن. وفي باين ايلاند يبدو أن انخفاض سمك الرصيف مرتبط بتغير في تيارات المحيط العميقة التي تجلب مياهاً اكثر دفئاً من الاعماق وتذيب الثلج. ولا أحد يعلم لماذا. وفي شبه الجزيرة القطبية الجنوبية الى أقصى الشمال تلاشت أرصفة جليدية عدة في الاعوام الاخيرة فيما يبدو بسبب زيادة درجات حرارة الجو بمقدار ثلاث درجات مئوية في الاعوام الخمسين الاخيرة التي قد تكون مرتبطة بالاحتباس الحراري. وفي معظم أنحاء القارة القطبية الجنوبية لم تتغير درجات الحرارة تغيراً يذكر. واياً كانت الاسباب فقد تنزلق جبال الجليد بسرعة اكبر اذا تلاشت الارصفة الجليدية لتضيف المياه الى المحيطات وتزيد منسوب مياه البحار. نشر في العدد: 16718 ت.م: 11-01-2009 ص: 12 ط: الرياض عنوان: غواصة تستكشف جبال الجليد قبل أن تغرق جزر المحيطات