أسقط العدوان الإسرائيلي على غزة أمس 22 شهيداً وعشرات الجرحى وهدم عشرات المنازل، فيما خيمت أجواء من الترقب الحذر على القطاع عشية اجتماع الحكومة الإسرائيلية اليوم خوفاً من إطلاقها المرحلة الثالثة من حربها التي تقوم على التوغل في المدن والمخيمات. لكن قوات الاحتلال الاسرائيلي لم تتقدم أمس في عمق أراضي المناطق التي احتلتها في الساعات الأولى للعدوان. ولا تزال الدبابات والجرافات الإسرائيلية على حالها في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، وإلى الشرق من بلدة جباليا ومدينة غزة، وجنوبالمدينة في حي الزيتون، وعلى أراضي ما كانت يوماً مستوطنة"نتساريم"والخط الواصل بين معبر المنطار"كارني"وشاطئ البحر. ومع استمرار السيطرة على الطريق العرضي الرابط بين المنطار و"نتساريم"والشاطئ، واصلت قوات الاحتلال تقطيع أوصال القطاع إلى شطرين، شطر يضم مدينة غزة وشمالها، وآخر يضم مناطق وسط القطاع وجنوبه. وتوعدت قوات الاحتلال سكان القطاع بتصعيد عملياتها العسكرية واستهداف كل من يتعاون مع فصائل المقاومة. وألقت الطائرات الإسرائيلية أمس مناشير على شمال القطاع ووسطه وجنوبه، تركز إسقاطها على مدينتي غزة ورفح جنوب القطاع، وقالت فيها إنها"تنصح"الفلسطينيين بعدم الاقتراب من مناطق وجود الناشطين حتى لا يكونوا ضمن دائرة الاستهداف. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي حذرت خلال الأيام الماضية سكان قطاع غزة مراراً وتكراراً، عبر منشورات مماثلة، واخرى تطلب منهم التعاون معها والوشاية بالناشطين وأماكن وجودهم وأماكن اطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الاسرائيلية. وفي هذا السياق، رفضت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تحديد إطار زمني للعدوان، مؤكدة أن إسرائيل تحتاج إلى تحقيق أهدافها. وقالت في مقابلة مع صحيفة"واشنطن بوست":"نحن لا نسعى إلى إعادة احتلال قطاع غزة. لكننا نريد أن نحقق أهدافنا". ورداً على سؤال عما إذا كان العدوان سينتهي بحلول موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما في 20 كانون الثاني يناير الجاري، اكتفت ليفني بالقول إن"من الأفضل لإسرائيل أن تنهي العملية في أقرب وقت ممكن". لكنها أضافت:"في نهاية المطاف، هذه حرب متواصلة ضد الإرهاب. ولا نطلب من المجتمع الدولي أن يحارب نيابة عنا. لكن نريد أن يعطينا بعض التفهم والوقت"، حتى تتأكد إسرائيل في نهاية العدوان"أنها لن ترى حماس تعيد تسليح نفسها". ومع عودة التيار الكهربائي أمس لأربع ساعات فقط ووصول المياه، بعد انقطاع دام أكثر من عشرة أيام متواصلة، خرج أهالي غزة للتسوق والتزود بالمواد التموينية والسلع التي نفد الكثير منها من الأسواق. لكن قذائف الدبابات حصدت أرواح ثمانية، بينهم سبعة من عائلة واحدة في بلدة جباليا الصغيرة. وقُصف شارع الداخلية في البلدة، فيما كان مئات المواطنين في الشارع، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة وإصابة آخرين بجروح. وشنت طائرات الاحتلال المقاتلة من طراز"اف 16"والمروحية من نوع"اباتشي"عشرات الغارات على مناطق مختلفة من القطاع. واستهدفت إحداها مساء أمس سيارة في مخيم الشاطئ للاجئين، ما أدى إلى سقوط شهيدين، وإصابة عدد من المواطنين بجروح. وسبقت ذلك غارة على منزل في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ما أدى الى الحاق أضرار جسيمة به وبالمنازل المجاورة له وإصابة عدد من المواطنين بجروح، كما استشهد رجل في قصف جوي قرب مدرسة فلسطين في حي الرمال الشمالي غرب مدينة غزة. كما استشهد عنصران من"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الإسلامي"، ليرتفع إلى 20 عدد شهداء الحركة منذ بدء الحرب. واستشهدت سيدة وأصيب عدد آخر بجروح في غارة إسرائيلية على بلدة بيت لاهيا. وفي وقت سابق من صباح أمس، استهدفت قوات الاحتلال بصاروخ مصنعاً يقع إلى الشرق من مدينة خان يونس جنوب القطاع، فقتل اثنين من حراسه، فيما استشهد ثالث وأصيب ثلاثة آخرون في قصف منزل في بلدة القرارة شمال شرقي المدينة. وقالت مصادر طبية في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا إن جثتي مواطنين وصلتا صباح أمس من منطقة السكة في مخيم جباليا للاجئين، فيما استشهد مواطنان في قصف لمنزل في حي الزيتون شرق غزة وآخر في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، ليرتفع بذلك عدد شهداء العدوان منذ بدئه إلى 825 شهيداً، وأكثر من 3450 جريحاً. وقصفت الطائرات الإسرائيلية بالصواريخ 15 منزلاً في مناطق متفرقة، بينها 4 منازل في مدينة غزة ومنزلان في مدينة رفح جنوب القطاع. وقصفت قوات الاحتلال مجمع الدوائر الأمنية وسط خان يونس ومقر الدفاع المدني في المدينة. وأعلنت مصادر طبية إصابة أربعة فلسطينيين بجروح إثر غارة إسرائيلية على منزل سكني في مدينة غزة. وذكرت أن طائرة إسرائيلية من نوع"اباتشي"قصفت صباحاً بصاروخين منزلاً في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، ما أسفر عن إصابة أربعة من أفراد العائلة، بينهم طفلة صغيرة. وأدى القصف إلى إلحاق أضرار بمنازل عدة مجاورة له، إضافة إلى سيارات كانت تقف قرب المنزل المستهدف. وقالت مصادر فلسطينية إن طائرات الاحتلال قصفت فجر أمس أكثر من 50 هدفاً. واستهدفت أيضاً محطة الخازندار للوقود في منطقة السودانية شمال مدينة غزة، ما أدى إلى تدميرها واحتراقها بصورة كاملة. وقال مدير الإسعاف والطوارئ الدكتور معاوية حسنين إن حصيلة العدوان الاسرائيلي ارتفعت إلى 821 شهيداً، بينهم 230 طفلاً و93 امرأة و92 مسناً و12 من العاملين في الطواقم الطبية وأربعة أجانب وثلاثة صحافيين، فيما أصيب 3350 آخرون، 50 في المئة منهم من الأطفال والنساء، بينهم 400 على الأقل في حال الخطر. وشاركت المدفعية الإسرائيلية المنتشرة على طول الحدود الشرقية للقطاع والزوارق البحرية التي تجوب شواطئ القطاع الغربية في قصف المنازل. وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال انسحبت فجر أمس من منطقة توغلت فيها في وقت سابق شرق مدينة رفح بعدما دمرت 12 منزلاً، وجرفت أكثر من 100 دونم. وحذر وزير الصحة في الحكومة المُقالة الدكتور باسم نعيم من أن هناك نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية المستخدمة في أقسام الطوارئ. وأكد أن"هناك 105 أصناف من الأدوية رصيدها صفر، و225 من المستهلكات الطبية رصيدها صفر أيضاً، و93 من المواد الخاصة بالمختبرات رصيدها صفر كذلك". وأشار إلى أن نصف سيارات الإسعاف معطلة لعدم توافر قطع غيار لها نتيجة الحصار، فيما"هناك حاجة كبيرة لمولدات الكهرباء". إلى ذلك، واصلت الفصائل أمس إطلاق الصواريخ على المدن والبلدات والتجمعات الاسرائيلية في النقب الغربي. وأعلن جيش الاحتلال إصابة خمسة من جنوده في اشتباكات ليلية مع مقاتلين فلسطينيين على تخوم القطاع. وأصيب ثلاثة إسرائيليين بجروح متفاوتة إثر سقوط ثلاثة صواريخ من نوع"غراد"الروسية الصنع على مدينة"عسقلان"، ولحقت أضرار بمبنيين. وقالت إسرائيل إن ستة صواريخ أطلقت أمس على تجمعات في النقب الغربي، بينها ثلاثة سقطت في منطقة"اشكول"من دون وقوع إصابات. كما سقط عدد من قذائف الهاون على تجمعات للجيش الموجود على تخوم القطاع. وأعلنت"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"، أنها أطلقت صاروخاً من نوع"غراد"على قاعدة"بلماخيم"العسكرية التي تبعد عن القطاع نحو 50 كيلومتراً. وتبنت إطلاق عدد من الصواريخ وقذائف الهاون وتفجير عبوات ناسفة و"قنص جنود"في مناطق تقع على خطوط التماس مع المناطق التي تحتلها قوات الاحتلال. وأعلنت"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الإسلامي"، و"كتائب أبو علي مصطفى"، و"كتائب المقاومة الوطنية"، و"كتائب شهداء الأقصى"، و"كتائب المجاهدين"، مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ"غراد"و"صمود"و"مقاومة"و"حفص"على مدن وبلدات إسرائيلية، وتفجير عبوات ناسفة، و"قنص جنود"أيضاً. إلى ذلك، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا"أمس أنها استأنفت أعمال توزيع المساعدات الغذائية على اللاجئين الفقراء، بعد تلقي ضمانات من إسرائيل بعدم العودة إلى استهداف طواقمها ومنشآتها في القطاع. وقالت الوكالة ومنسق الأممالمتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الاوسط في بيان مشترك إن المنظمة الدولية تلقت"ضمانات قوية بأن سلامة العاملين فيها ومنشآتها وعملياتها الإنسانية ستحترم كلياً. وعلى هذا الأساس سيعاود النشاط... في أسرع وقت ممكن". نشر في العدد: 16718 ت.م: 2009-01-11 ص: ط: 11 الرياض