أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار سيادة الفلسطينيين على مواردهم الطبيعية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى نشر مفهوم الحلال الأخضر    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    جرائم بلا دماء !    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «خدعة» العملاء!    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    عاد هيرفي رينارد    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    لماذا فاز ترمب؟    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    علاقات حسن الجوار    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    هاتفياً.. ولي العهد ورئيس فرنسا يستعرضان تطورات الأوضاع الإقليمية وجهود تحقيق الأمن    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    انعقاد المؤتمر الصحفي للجمعية العمومية للاتحاد الدولي للخماسي الحديث    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    عصابات النسَّابة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    الذاكرة.. وحاسة الشم    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"التنظيم" يحاول تقوية دوره في مدخله الى افريقيا وقرنها . اليمن : جيل الآتين من العراق يخلف "الأفغان العرب" ويختلف معهم
نشر في الحياة يوم 26 - 09 - 2008

بصرف النظر عن تشكيك أحزاب المعارضة اليمنية، والذي ينم في نظر عدد من المحللين عن انعدام الشعور بخطر"القاعدة"في اليمن وتقليل تلك الأحزاب من حقيقة المواجهة، بل واعتبار تهديد"القاعدة"مجرد تضخيم إعلامي من حزب"المؤتمر الشعبي"الحاكم لدعم مواقفه السياسية في ظل حال الارتباك في الأوضاع، فإن كل المؤشرات تؤكد أن"القاعدة"تستهدف اليمن وفي شكل استراتيجي لتكون خياراً بديلاً لها، إما في شكل مركزي أو كنقطة داعمة لتحركاتها في القرن الأفريقي بعدما قيل عن عودة نشاط المحاكم الإسلامية في الصومال. فاليمن بهذا المعنى تحول إلى"منطقة مواجهة"قاعدية"لصرف الأنظار عن التوجه الأميركي الجديد باستهداف التنظيم والتركيز عليه في الشريط الحدودي في باكستان ومناطق القبائل والمناطق الأفغانية التي عادت إليها"طالبان".
پ
الانتساب الى"لقاعدة"
لعل ما يلفت في حضور جماعات العنف المسلح في اليمن هو ذلك التنوع في فروع المجموعات الإرهابية ومسمياتها، والتي تحرص بشكل عام على الانتساب إلى الجماعة الأم"القاعدة"، وهذا الأمر يتكرر عادة في مناطق التوتر التي لا توجد لپ"القاعدة"فيها مناطق مركزية ومعسكرات تدريب وقطاع سيادي تبسط فيه سلطتها، ويمكن إرجاع هذا الحرص على أبوية الفكر القاعدي والانتساب إليه إلى أن كثيراً من هذه المجموعات من الأجيال الجديدة التي لم تدرك ? بحكم حداثتها ? مرحلة تأسيس التنظيم، وبالتالي لم تُبنَ بإشراف"القاعدة"وتحت نظر قياداتها التنظيمية، لكنها تؤمن بالفكر القاعدي كأيديولوجية تغييرية، وفي الوقت نفسه تخص نفسها باسم مستقل كنتاج محلي له خصوصيته التنظيمية على أرض الواقع.
وهناك سبب أمني ولوجستي آخر لمثل هذه المسميات المستقلة يتمثل في حرص هذه المجموعات على تمويه عملياتها بطرح نفسها كمجموعات جديدة مقطوعة الصلة عن المجموعات السابقة، وهذا من شأنه أن يحدث إرباكاً في ملاحقة عناصرها وتتبع سوابقهم الجنائية.
صوت الجنوب
في البداية كان صوت"القاعدة"ينطلق من جنوب اليمن وتحديداً مع تنظيم"الجهاد الإسلامي"في أبين في محافظة عدن الذي نفذ إحدى أخطر العمليات الإرهابية التي دشنت حضور موجة"القاعدة"في اليمن، وذلك في العام 1992 حيث تم استهداف مجموعة من قوات المارينز الأميركية في فندق عدن، بعد أسابيع قليلة من تفجير فندق"غولد مور"الذي ذهب ضحيته اثنان من السياح الأجانب.
إذا كان تنظيم"الجهاد الإسلامي"صاحب السبق في حضوره كتنظيم إرهابي في المشهد اليمني، فإن العلامة البارزة جاءت مع تدشين"جيش عدن- أبين"الذي قام بعمليات عدة خطرة بقيادة"أبو الحسن المحضار"الذي حوكم وأُعدم لاحقاً بسبب مسؤوليته عن العملية الإرهابية التي وقعت في محافظة أبين ضد سياح أجانب - النسبة الأكبر للبريطانيين - في 28 كانون الأول ديسمبر 1998، وكان هدف العملية الضغط على الحكومة اليمنية لإطلاق سراح عناصر مسلحة تنتمي الى الفكر القاعدي، وأما الهدف العام فيتمثل في تحقيق الشعارات التقليدية ذاتها التي يتم رفعها مع كل عملية تستهدف المصالح الغربية من مثل"إخراج الكفار أو التضامن مع البلدان الإسلامية المحتلة".
پ
معلومات شحيحة
وإذا كانت المعلومات شحيحة جداً عن خلفية الكوادر التنظيمية والعسكرية لپ"جيش عدن"، فإن عدداً من المحللين لظاهرة الإرهاب في اليمن يرون أن القسم الأكبر من تلك العناصر ينتمي الى ظاهرة"الأفغان العرب وهم الشباب الذين شاركوا في القتال مع"المجاهدين الأفغان"إبان الغزو السوفياتي في أواخر السبعينات وحتى التسعينات من القرن الماضي التي شهدت سفر أفواج من المتطوعين اليمنيين للقتال في أفغانستان.
پ
اندماج أم إعادة تأهيل
وإذا كانت ظاهرة"الأفغان العرب"قد أثارت قلق الأنظمة في البلدان التي ينحدر منها أولئك المقاتلون، فإن من الممكن الحديث عن خصوصية يمنية تمثلت في عودة طبيعية للعناصر المقاتلة بل ورضا اجتماعي وشعبي نقلهم إلى مصاف"الرموز"والأبطال، ما جعلهم يتكتلون للضغط على الحكومة اليمنية مطالبين بالاستفادة من خبراتهم ودمجهم في القطاع العسكري في وقت كانت الحال السياسية في اليمن تعيش أكثر لحظاتها حرجاً بسبب النزاع مع الحزب الاشتراكي آنذاك الذي كان يسيطر على الجنوب ما قبل الوحدة الكاملة، ما أبقى على هؤلاء الحانقين على شيوعيي الأمس ورقة ضغط يمكن التلويح بها للحد من ممانعة حكومة الجنوب ضد خيار الوحدة أو للحد من إلحاحها آنذاك على رفع سقفها السياسي.
پ
حرب الوحدة 1994
كان الدور الأبرز للعائدين من أفغانستان ممن لم يشكلوا مجموعات متمردة تنتمي الىپ"القاعدة"في ذلك الوقت هو القتال في شكل تطوعي ضد الحزب الاشتراكي، وهو الأمر الذي كان محل"إجماع"التيارات الإسلامية، حيث أفتى عدد من القيادات سواء للحركة الدينية التقليدية بشقيها السلفي والإخواني بكفره ووجوب قتاله، وهو الأمر الذي كان كامناً في وجدان المقاتلين العائدين من أفغانستان، وحين وضعت الحرب أوزارها وقامت الوحدة واكتسبت شرعيتها في الداخل والخارج بقيت مجموعة من هؤلاء الشباب في الجبال المحيطة بمحافظة أبين الجنوبية يشكلون مجموعات صغيرة انضمت لاحقاً إلى ما عرف بپ"جيش عدن"، وكان من أبرز مؤسسيه إلى جانب"أبو الحسن المحضار"، طارق الفضلي، وهو أحد أهم رموز الأفغان اليمنيين آنذاك، وكان مبرر انفصال المجموعات المؤمنة بالعنف المسلح عن بقية السياق الإسلامي المبارك للوحدة هو رفض الحكومة اليمنية الانصياع لمطالب هذه المجموعات المتطرفة بالعمل في القطاعات العسكرية أو السماح لها بممارسة نشاطاتها العسكرية في وقت كان الوضع السياسي يلتقط أنفاسه بعد معركة طويلة من أجل توحيد البلاد.
پ
پترحيل جماعي
حال القلق التي انتابت السلطات اليمنية بسبب تكتلات المجموعات المتطرفة وقيامها بعمليات تدريبية وإيديولوجية عبر استقطابها الى الشباب اليمني في مرحلة ما بعد الوحدة، حدا بها إلى التعامل في شكل أكثر جدية مع ملف التطرف المسلح، وبسبب ضغوط داخلية وخارجية قامت السلطات عام 1997 بترحيل ما يفوق عن 15 ألف شخص ممن ينتمون إلى مزيج من التيارات الإسلامية في اليمن من غير اليمنيين، وهو ما لقي مباركة غربية وسخطاً شديداً من المجموعات المتطرفة في الداخل والخارج، بسبب الآمال العريضة التي كانت تعول عليها، وحرصها على اتخاذ اليمن ملاذاً آمناً وساحة استراتيجية لبناء قواعد لها.
پنقطة التحول
رصاصة المفاصلة أطلقت من الحكومة اليمنية مع حادث"جيش عدن"في أواخر العام 1998 التي تسببت بمقتل عدد من السياح الأميركيين والأستراليين، إضافة إلى مجموعة من قوات الأمن والجيش، فحينها قامت القوات اليمنية بمهاجمة الخاطفين، في حين أنها كانت تستخدم وسائل أخرى من قبل كالمفاوضات ومحاولة الضغط، إلا أن الأمر بدا مختلفاً هذه المرة نظراً إلى الضغوط الدولية التي تعرضت لها الحكومة اليمنية.
دارت رحى المعركة في جبل"حطاط"الذي اقتيد إليه المخطوفون، وتمّ القبض على زعيم التنظيم"المحضار"، الذي أوصى باستخلاف"أبو علي الحارثي"على إمارة التنظيم الذي بهت حضوره في ساحة الأحداث، عدا بيانات وسجالات هامشية، إلى أن اغتيل"الحارثي"في تشرين الثاني نوفمبر 2002 في محافظة مأرب 160 كيلومتراً شمال العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك من جانب الاستخبارات الأميركية بواسطة طائرة بلا طيار، إذ تمّ اختراق الأجواء اليمنية في حادثة تكررت لاحقاً في باكستان وتمّ التعامل معها كتدخل سيادي، في حين كان مبرر القوات الأميركية تقصير القوات العسكرية في ملاحقة الأشخاص المطلوبين. إلا أن تصفية خليفة المحضار تمت بالتعاون مع السلطات اليمنية وفقاً لتصريحات رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال أمام البرلمان اليمني.
پپ
انجاز"القاعدة"الأول
تفجير المدمرة"كول"في 12 تشرين الأول أكتوبر2000، كان وما زال الانجاز الأول لپ"القاعدة"في اليمن من حيث رمزيته المعنوية ومكاسبه المادية إذا ما قارنا حجم الخسائر والحضور الطاغي للحدث، وأهمية مضيق باب المندب القريب جداً من منابع النفط التي تمّ اكتشافها في جنوب اليمن.
تفجير المدمرة"كول"كان عملاً نوعياً بسبب تدشينه السلوك الحديث على الجماعات الإرهابية، الذي أصبح الأسلوب المفضل لاحقاً وهو"العمليات الانتحارية"، إذ تمت مهاجمة المدمرة الأميركية"كول"وتفجير جزء منها في عملية انتحارية نفذها إبراهيم الثور، وحسان الحضرمي بقوارب صيد محلية الصنع لتخلّف وراءها 17 قتيلاً من طاقم المدمرة التي تعطلت وتمّ إرجاعها إلى الولايات المتحدة. وكان هذا الحدث نقطة تحول في رؤية الدولة اليمنية لدور التنظيمات الإسلامية المتطرفة فيها، ولرؤية العالم لدور اليمن وموقعه الجغرافي الحساس على مدخل مضيق باب المندب، وقرب منابع النفط. هذا الحذر من استهداف النفط كان في محله بالنظر إلى حرص المجموعات المتطرفة على تكرار حادثة المدمرة"كول"بالنظر إلى دويها الذي استمر طويلاً، وما أثاره من غرور"القاعدة"في تقويم قدرتها على القيام بعمليات نوعية، وهو ما تمّ لها في اعتدائها الذي شنّته في 6 تشرين الأول 2002 على ناقلة النفط الفرنسية"ليمبورغ"، التي كانت تتخذ من مدينة المكلا في حضرموت مرفأ لها.
پ
پالفرار الكبير
الحادثة الأبرز لاحقاً في سلسلة حضور"القاعدة"في اليمن كانت في شهر أيلول سبتمبر 2006، وذلك في حادثة فرار مثيرة كانت وما زالت مثار لغط وعلامات استفهام كبيرة، إذ قام 23 عنصراً من المنتمين الى التنظيمات المسلحة المتعاطفة مع"القاعدة"بالهرب من السجن السياسي المركزي في صنعاء العاصمة، وهو ما جعل من صحافة أحزاب المعارضة في اليمن تشير بأصابع الاتهام إلى وجود اختراق من"القاعدة"لعدد من مسؤولي السجن، ولاحقاً تمّ القبض على بعض هؤلاء الفارين، كما أن اثنين منهم شفيق زيد وعمر جارالله لقيا حتفهما في عمليات إرهابية تمت في مأرب وحضرموت.
پ
پاغتيالات وخطف سياح
واغتالت"القاعدة"مدير مباحث مأرب علي حمود قصيلة في كمين في المحافظة في 28 آذار مارس عام 2007، لاعتقاد التنظيم بأن له علاقة بالسفارة الأميركية ودوراً بارزاً في تعقب أبي علي الحارثي الذي تمّ اغتياله.
وفي الثاني من تموز يوليو 2007 نفذت"القاعدة"عملية إرهابية ضد سياح أجانب 15 سائحاً إسبانياً فوقعوا بين قتيل وجريح، بتفجير سيارة مفخخة، وهو الحدث الذي ظلّ غامضاً، إما بسبب دقة العملية وسرّيتها كما يتداول المتعاطفون مع"القاعدة"، وإما بسبب صعوبة جمع الأدلة وتورط جهات غير قاعدية كما يعتقد محللون آخرون.
پپ
انقسام"القاعدة"
هناك حديث كثير عن وجود خلافات بين مجموعات العنف المسلح التي تنتمي الىپ"القاعدة"على خلفية التناقض بين أجيال وموجات"القاعدة"أو المدرسة القديمة التي يشكل العائدون من أفغانستان غالبية أعضائها، وبين المجموعات الجديدة من الشبان الصغار الذين يفتقدون الخبرة والتفكير الاستراتيجي، ويحرصون بفعل الحماسة والتأثر العاطفي على القيام بأعمال سريعة غير مدروسة، يرى"القاعديون"الأوائل أنها تستنزف التنظيم وتحد من قدرته على التحرك بحرية.
هذا الخلاف في"قاعدة اليمن"بدأ بحسب بعض المهتمين بمقتل قاسم الريمي على يد مجموعة من التنظيم"لأنه رفض المشاركة في إحدى عمليات"القاعدة"الانتحارية، وهو ما يؤكده في حوارات عدة ناصر البحري الخاضع للإقامة الجبرية والمرافق السابق لأسامة بن لادن، ويشير الى ولادة تيار جديد لپ"القاعدة"في اليمن بدأ ينمو، ويقوم بپ"تصفية العملاء"بحسب وصفه وهم: الشباب الذين يرفضون توجهات المجموعات العنفية الجديدة. كما أكّد البحري أنه تلقى تهديدات شخصية عدة لمعارضته عمل"القاعدة"التخريبي في اليمن.
هذا التيار طبقاً للبحري قادم من العراق، من صغار السن الذين اجتمعت لديهم بحسب وصفه"أشياء عدة: قلة التجربة والتوجيه الخاطئ، والتعبئة الخاطئة".
پ
"قاعدة"العراق
الأجيال الجديدة لپ"القاعدة"أو ما يمكن تسميته بالموجة القاعدية"الثالثة"هم الوقود الذي يغذي مجموعات التطرف في اليمن، وبحسب تقديرات مراكز بحثية يمنية، فإن ما يزيد عن ألفي شاب يمني تطوعوا للقتال في العراق ضد قوات التحالف، في حين أن هناك عدداً كبيراً من اليمنيين المقيمين في الخارج ذهبوا الى العراق، على رغم أن الحكومة اليمنية باشرت إجراءات تعوق السفر الى هذا البلد، وأصدرت قراراً بمنع من هم دون ال 35 من العمر من السفر إلى سورية والأردن إلا باستثناء خاص، كما اعتقلت مجموعات كبيرة من العائدين عبر الحدود ممن التحقوا بمعسكرات القتال في العراق.
رسالة "أبو مصعب السوري" ... لأهل اليمن !
"يا شباب الجهاد في كل أنحاء العالم عليكم باليمن فإنها القلعة والجبل"كان هذا نداء القيادي البارز في"القاعدة"أبو مصعب السوري في أواخر التسعينات وقبلپ11 ايلول سبتمبر، وختم بهذه الدعوة كتابه في ضرورة الاهتمام باليمن، بعد ان ظل معارضاً لكل قيادات"القاعدة"في البقاء في أفغانستان أو في الشريط الحدودي في باكستان. فكيف بدأت القصة؟
منذ بدايات تشكل ملامح"القاعدة"قبل الحرب الأميركية على الإرهاب وقبل أن تتحول إلى تيار عنفي معولم، واليمن في مركز اهتمامات"القاعدة"لأسباب كثيرة من ضمنها رغبة أحد أبرز قياديي"القاعدة"عمر عبد الحكيم أو"أبو مصعب السوري"الملقب ب"داهية الفكر الجهادي"والمولود في مدينة حلب وهو مهندس ميكانيكي.
التحق عبدالحكيم بتنظيم الطليعة المقاتلة الذي أسسه مروان حديد في سورية، ومن ثم هاجر إلى الأردن ومكث فيها طويلاً، ليهاجر بعد حوادث حماة إلى فرنسا فاسبانيا لمدد قصيرة، ليستقر في أفغانستان في عام 1987، بعد أن ألف كتابه عن"التجربة الجهادية السورية"، وفي بيشاور تعرف الى عبدالله عزام، ليصبح أحد أهم رموز"القاعدة"فكرياً وعسكرياً، وكان مستشاراً إعلامياً لدولة طالبان قبل سقوطها.
پقبل أن تتحول"القاعدة"إلى ظاهرة معولمة، قام أبو مصعب بتأليف رسالته الشهيرة"مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم"، وهي رسالة مطولة تقع في قرابة 40 صفحة تحدث فيها عن أهمية بناء قواعد استراتيجية طويلة الأمد في اليمن، وهي رسالة قديمة نسبياً، وهي أشبه بتوصية من أبي مصعب لقيادات"القاعدة"للتفكير في مواقع بديلة عن أفغانستان والحدود المتاخمة لباكستان، وغيرها من كانتونات جماعات العنف المسلح. يرجع أبو مصعب السوري ضرورة الاهتمام باليمن في الاستراتيجية القاعدية لثمانية عوامل رئيسة عدا مبررات شرعية حاول من خلالها قراءة بعض الأحاديث المنسوبة للنبي في فضل اليمن، وهي بالطبع مرجعية رمزية ل"القاعدة"حيث الاهتمام المبالغ فيه بأخبار نهاية الزمان وأشراط الساعة من دون تمييز بين صحيح النصوص وسقيمها، أو حتى فكرة مدى صوابية تنزيل واقع معاصر على أحاديث تتحدث عن مستقبليات أو أمور غيبية لا يمكن الجزم بوقت حدوثها إن افترضنا صحتها.
پيهتم أبو مصعب كثيراً بالتعداد السكاني لليمن، لينفذ إلى أن تلك الكثافة السكانية هي أحد أبرز مقومات الحضور القاعدي في ما إذا تم استغلال هذه الميزة في استقطاب الأتباع والمناصرين، ومن هنا عقد مقارنات بتعداد دول الجوار في احصاءات قديمة وغير دقيقة، لكنها تعطي إشارات لفهم براغماتية جماعات العنف وشبهها بالجماعات الثورية التي كانت تهتم بنفس أدوات التحليل في الانتشار والتمركز.
والسبب الثاني من وجهة نظر أبي مصعب هو الطبيعة الخصبة لليمن، من حيث المياه الجوفية والأمطار، ما يعني أنه يمكن العيش في تلك الأجواء فترات طويلة من دون الخوف من انقطاع الإمدادات أو الحال الاقتصادية في حال تم استغلال هذه الميزات الطبيعية في مشاريع صغيرة.
ومن وجهة نظر عسكرية، فإن التركيز على استهداف اليمن جاء لأسباب تتعلق بالطبيعة الجبلية الحصينة، على حد تعبير أبي مصعب، الذي يرى أن هذه التضاريس يمكن أن تكون القلعة الأمينة لكل مجاهدي المنطقة، ومن هنا أخذ يعدد احداث تاريخية وغزوات تمت في جبال اليمن للبرتغاليين والإنكليز وصولاً للعثمانيين، ليثبت أن كثيراً من تلك الحروب باء بالفشل، بسبب اعتماد أهل البلد على جغرافية المكان كأهم سلاح لطرد المحتل.
في المقابل، لم يفت أبو مصعب الاهتمام بالجانب القبلي للتركيبة السكانية في اليمن وهو أمر يهم"القاعدة"كثيراً، اذ ان الأخيرة لعبت منذ تأسيسها على قراءة عميقة للتحالفات بين القبائل الأفغانية، ولطالما تغنت"القاعدة"بصفات البأس والشجاعة وحب القتال الموجودة لدى ابناء القبائل على حساب كل ما يمس المدنية والاندماج في السياق الوطني.
پومن ناحية لوجستية، تحدث أبو مصعب عن واقع سوق السلاح في اليمن وانتشار الذخيرة، اذ تحدث في ذلك الوقت أواخر التسعينات، عما يزيد عن 70 مليون قطعة سلاح وعشرات الآلاف عن المعدات والقطع الثقيلة والمتوسطة وهو بيت القصيد"القاعدي"، اذ ان مناخاً كهذا يعد فرصة ذهبية للتمركز في المنطقة وبناء معسكرات تدريب.
اللافت أن أبا مصعب السوري تحدث بشكل يدعو إلى الاستهجان عن ضرورة استغلال عامل الفقر العام في اليمن وإكسابه معنى ثورياً ليكون محفزاً للشعور"بالظلم والغبن الذي يعتبر محركاً أساسياً دفيناً يجب توجيهه التوجيه الصحيح، اذ يعتبر عاملاً استراتيجياً مهماً في تحريك الناس للجهاد لاسترداد حقهم وأهليتهم لذلك"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.