في وقت أعلن زعيم حزب "ليكود" اليميني بنيامين نتانياهو أن أي اتفاق يتوصل إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيكون لاغياً، شكك محللون بارزون في فرص نجاح أولمرت في التوصل خلال الأسابيع المعدودة المتبقية له في منصبه، إلى"اتفاق إطار"مع عباس بسبب الفجوات بين موقفيهما والمعارضة داخل الحكومة الإسرائيلية لملامح التسوية التي اقترحها رئيسها. وقال نتانياهو إن الاتفاق الذي يسعى رئيس الحكومة للتوصل إليه مع عباس"لاغٍ أخلاقياً وجوهرياً لأنه سيأتي بحركة حماس إلى أبوابنا". وأضاف:"حذرنا في الماضي من أن سيطرة حماس على غزة ستأتي بالقذائف الصاروخية على مدينة أشكلون عسقلان فاتهمونا بأننا ندب الرعب في النفوس، وللأسف يتضح اليوم أننا كنا على حق". وشدد نتانياهو الذي كان يتحدث خلال جولة له في مستوطنة"معاليه أدوميم"شرق القدس في الطريق إلى أريحا، على أنه يجب ضمان تواصل جغرافي بين المستوطنة ومدينة القدس ومواصلة الاستيطان في المنطقة. واعتبر المعلق السياسي في"هآرتس"ألوف بن أن أولمرت باقتراحه"اتفاق إطار"يدير معركته على جبهتين: أمام عباس"الذي يتردد في قبول اقتراحه"للتسوية، والثانية أمام وزيرة خارجيته تسيبي ليفني المرشحة لخلافته على رأس حكومة بديلة ووزير الدفاع زعيم"العمل"إيهود باراك اللذين يخشيان من"خطوة خاطفة"يقوم بها أولمرت. وكتب المعلق أن أولمرت يبذل بالفعل جهداً كبيراً للتوصل إلى"اتفاق رف"مع عباس ليقينه أن الوقت المتبقي له حتى استقالته بعد انتخاب زعيم جديد لحزب"كاديما"هذا الشهر لا يسمح بالدخول في تفاصيل الاتفاق،"بل لا حاجة للتفاصيل لأن الاتفاق سينفذ بعد عشر سنوات وثمة متسع من الوقت للدخول لاحقاً في هذه التفاصيل". وأضاف أن أولمرت يكتفي ب"اتفاق المبادئ"الذي اقترحه على عباس ليشكل أساساً لإقامة دولة فلسطينية عتيدة، من دون الدخول في قضية القدس، وعليه يرى أن الكرة الآن في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله. ويرى المحلل أن أولمرت ليس لديه ما يخسره،"فإذا فشل، كالمتوقع، سيكون في إمكانه أن يدعي أنه حاول حتى اللحظة الأخيرة صنع السلام"وأنه في كل الأحوال يترك"تصوراً معقولاً للتسوية". لكن في حال حقق مفاجأة ونجح في التوصل إلى اتفاق قبل به عباس، فإنه سيحرج منتقديه إذ سيحظى اتفاق كهذا بدعم الإدارة الأميركية ولن يكون في وسع ليفني وباراك أن يظهرا أمام الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس كرافضي سلام،"وهذا ما سيضطر وزراء"كاديما"و"العمل"إلى التصويت إلى جانب الاتفاق بل العمل على الترويج له. ولفت إلى أن ليفني وباراك يخشيان حقاً"لعبة"أولمرت، فهما سيكونان شريكين في الفشل في حال لم يتوصل إلى اتفاق مع عباس. أما في حال نجاحه فسينصرف هو إلى بيته"بطلا قومياً حقق السلام"وسيبقيهما وحيدين في مواجهة تظاهرات اليمين ضد الاتفاق ما سيؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي وخوض انتخابات عامة أمام الخصم الأقوى نتانياهو الذي سيتهمهما بأنهما تنازلا عن القدس لمصلحة"حماس"وجعلا من تل أبيب"سديروت ثانية". وتخشى ليفني أن يكلفها توقيعها على اتفاق يشمل انسحاباً إسرائيلياً من 93 في المئة من أراضي الضفة وعودة 20 ألف لاجئ إلى إسرائيل، خسارة في منافستها على زعامة حزب"كاديما"أمام المرشح القوي شاؤول موفاز الذي لن يتردد في إعلان معارضته اتفاقاً كهذا. لذلك، تصر ليفني على وجوب عدم استعجال التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين والعمل على وضع آلية لمواصلة المفاوضات في العام المقبل، فيما يرى باراك أن الفجوات الكبيرة في المواقف بين الجانبين ليست قابلة للجسر، ويحذر من أن رفع سقف التوقعات لدى الفلسطينيين من اتفاق وشيك وعدم تحقيقه من شأنه أن يدفع بهم إلى اليأس وإلى أحضان"حماس". ويرد أولمرت على ليفني وباراك بالقول إنه يجدر بإسرائيل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين الآن في وجود إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش وعدم إضاعة الوقت حتى يدرس خليفته مواد المفاوضات، لأنه في كل الأحوال سيتم في المستقبل التوصل إلى اتفاق مماثل للذي يطرحه،"وعليه يجدر بإسرائيل التوصل إلى اتفاق مع عباس الذي قد يختفي من المسرح بعد انتخابات الرئاسة الفلسطينية في كانون الثاني يناير المقبل بدلاً من أن نخسره ونغوص مع حماس". ويرى اولمرت أن لا مكان لقلق الإسرائيليين من التوصل إلى اتفاق الآن لأن التنفيذ سيكون بعد عشر سنوات،"وخلال هذه الفترة ستتمتع إسرائيل بشرعية دولية وبتأييد لمطالبها الأمنية إزاء الدعوات المتصاعدة للقضاء على هويتها اليهودية وإقامة دولة ثنائية القومية، كما سيطلب العالم من الفلسطينيين سلوكاً حسناً شرطاً لتطبيق الاتفاق". ويختم المعلق مشككاً في فرص نجاح أولمرت في مسعاه أو نجاح المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. ويقول إنه يمكن الافتراض بدرجة عالية من اليقين أنه في حال لم تتعرض إسرائيل لضغوط دولية لا تحتمل فإنها لن تتحرك من الضفة الغربيةالمحتلة في العام المقبل أيضاً. وكتب كبير المحللين في"يديعوت أحرونوت"ناحوم برنياع أنه منذ اللحظة التي أعلن فيها أولمرت نيته الاستقالة من منصبه على خلفية تورطه في قضايا فساد،"لم يعد يملك صلاحية إبرام اتفاقات سياسية". وأضاف متهكماً أن اللقاءات بين أولمرت وعباس أشبه بلقاءات بين بطات عرجاوات"وعندما تلتقي بطتان عرجاوتان، فإن الحديث الذي يدور بينهما يتمحور في الماضي والحنين إليه، لا أكثر".