اختارت القمة الأوروبية في بروكسيل أمس، ديبلوماسية "الهدوء الحازم" في معالجتها الصراع في القوقاز، ما دامت لا تستطيع الاستجابة الى دعوات التشدد والعقوبات الآنية على موسكو، وفي الوقت نفسه ليس مسموحا لها الا تقول شيئا له صدى، اذ"لا نستطيع، في ضوء الاحداث، الاستمرار وكأن شيئا لم يحصل"على حد تعبير رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو. فكان الحل تأجيل محادثات كانت مقررة هذا الشهر حول شراكة جيدة بين موسكو والاتحاد الاوروبي الى حين التأكد من التزام موسكو اتفاق وقف النار مع جورجيا. واعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، في ختام القمة الاستثنائية التي كان دعا اليها، استنكار سلوك روسيا تجاه جورجيا واعتبر ان"عودة مناطق النفوذ أمر غير مقبول"وأن"زمن يالطا انتهى". وأعلن ساركوزي انه سيزور موسكو في الثامن من الشهر الحالي لاجراء محادثات مع القيادة الروسية. تزامن ذلك مع حملة عنيفة شنها وزير الخارجية الروسي على الدور الأميركي في الفضاء السوفياتي السابق. ونصح الولاياتالمتحدة بأن تبدأ بالتكيف مع"عالم ما بعد الهيمنة الأميركية". راجع ص 8 وعبرت القمة الأوروبية أمس، بالتعبير عن"قلقها البالغ"حيال النزاع في جورجيا و"أعمال العنف"هناك و"رد الفعل المبالغ به"من روسيا، كما دانت القمة"بحزم"اعتراف روسيا" بانفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا، باعتباره"غير مقبول". وأكد القادة الأوروبيون ضرورة"إيجاد حل سلمي ودائم للنزاع في جورجيا، على قاعدة احترام مبادئ الاستقلال والسيادة ووحدة الأراضي. كما شددوا على أهمية الاتفاق المبرم بين الرئيسين الروسي والفرنسي في 12 آب أغسطس الماضي، داعين الأطراف إلى العمل على التطبيق الكامل للاتفاق وانسحاب القوات الروسية إلى الخطوط التي كانت قائمة قبل بدء الأعمال العسكرية. وفي بيان صدر عقب اجتماعاتها التي استغرقت ثلاث ساعات، أبدت القمة استعدادها التام للوجود على الأرض لدعم جهود الحل السلمي، وتعزيز قوة المراقبين التابعين لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي العاملة في أوسيتيا. وقررت القمة تعيين ممثل خاص لها لمتابعة تطورات الأزمة التي"تضع العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا عند مفترق طرق"، مؤكدة تمسكها بعلاقة مبنية على"التعاون والثقة والحوار واحترام دول الجوار". وحضت القمة الروس على اعتماد خيار"التوافق والحوار"، مؤكدة أن ليس من مصلحة روسيا"أن تعزل نفسها على صعيد أوروبا". وحذر القادة الأوروبيون روسيا من أن العلاقة بين الجانبين ستبقى موضع"تقويم وحذر"في انتظار قمة روسيا والاتحاد الأوروبي المقرر عقدها في نيس جنوبفرنسا في14 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وراهن الجانب الفرنسي، لإنجاح هذه القمة الاستثنائية وهي الثانية من نوعها منذ الأزمة التي سبقت حرب العراق، على"غياب الضغوط الأميركية المباشرة والعلنية". وفضلت باريس إعطاء الروس مهلة لتطبيق اتفاق النقاط الست بين ميدفيديف وساركوزي، في مواجهة دعوات بريطانية وبولندية إلى تعليق المفاوضات الهادفة إلى بلورة شراكة استراتيجية بين روسيا وأوروبا. ودعت المستشارة الألمانية انغيلا مركل إلى اعتماد"الصراحة"في العلاقات مع روسيا من دون أن يصل الأمر إلى قطع الحوار معها، فيما شدد وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني على عدم اعتبار روسيا"بلداً معادياً"بل"شريكاً استراتيجياً"يجب عدم قطع العلاقات معه. وعبرت بولندا عن مخاوفها من أن يستهدفها الروس بسبب استضافتها الدرع الصاروخية الأميركية، كما حذرت وارسو من احتمال إقدام موسكو على قضم جزء من الأراضي الأوكرانية، أملاً ب"إعادة تكوين الإمبراطورية السوفياتية المنهارة".