أعلن رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الأميركي بن برنانكي اتخاذ إجراءات حادّة لحماية أسواق المال من"تداعيات انهيار مؤسسة مالية كبرى". وجاءت الإجراءات الطارئة قبل ساعات فقط من إعلان الشركة الأم لثالث أكبر مصرف استثماري أميركي"ليمان براذرز القابضة"في بيان صباح أمس، إشهار إفلاسها بموجب"الفصل الحادي عشر"من قانون الإفلاس الأميركي لحمايتها من الدائنين، بينما تستمر في سعيها لبيع وحدات الوساطة وإدارة الاستثمارات التي تملكها وتتمتع باستقلال ذاتي. واختتم الحدثان يوماً مشهوداً في تاريخ أسواق المال الأميركية إذ سيطر على حي المال في نيويورك ما وصفه المراقبون بپ"حالة من الهلع"، بعدما تأكد أن لائحة ضحايا أزمة الرهن العقاري وأزمة الائتمان الناجمة عنها ستتوسع لتشمل، الى"ليمان براذرز"أحد عمالقة صناعة التأمين الأميركية، مجموعة"أميركان انترناشيونال غروب"وعملاق خدمات المال والاستثمار"ميريل لينش"مع إعلانه بيع أصوله المتعثرة إلى مصرف"بنك أوف أميركا"في صفقة قدرت بنحو 50 بليون دولار. وتعيش المؤسسات المالية الأميركية، من مصارف تجارية واستثمارية عملاقة، أزمة خانقة بسبب الخسائر الكارثية التي تكبّدتها نتيجة مغامرتها على سوق الرهن العقاري المرتفع الأخطار. وشملت هذه الخسائر حتى الآن تبخّر ما قيمته 1.2 تريليون دولار من القيمة السوقية لأسهمها في مؤشر"ستاندردز أند بورز 500"منذ آب أغسطس 2007 لغاية الآن، وشطب نحو 250 بليون دولار من قيمة أصولها الاستثمارية المرتبطة بالرهن العقاري. وحتى الاتفاق الذي توصلت إليه"ميريل لينش"مع"بنك أوف أميركا"صباح أول من أمس لم يكن مفاجئاً، لا سيما بعد إشارة تقارير إلى أن حصيلة الصفقة لم تتجاوز 50 في المئة من قيمة أصول المصرف الاستثماري قبل عام. وتلاشى عنصر المفاجأة فعلياً بعد إعلان"ميريل لينش"تكبّد ما يزيد على 51 بليون دولار خسائر مرتبطة بأزمتي الرهن العقاري والائتمان منذ آب أغسطس عام 2007، وفشلها في تأمين أكثر من 30 بليون دولار لسد الثقوب الخطيرة التي أحدثتها الخسائر في ملاءتها المالية. لكن المحللين رأوا أن لجوء"ميريل لينش"، أكبر بيوت الوساطة في حي المال وواحدة من أقدمها، إلى مظلة"بنك أوف أميركا"، المصرف الأميركي التجاري العملاق، ساهم بقوة في إعادة رسم خريطة صناعة المال الأميركية، مشيرين إلى الجهود اليائسة التي بذلتها المؤسسة لتفادي مصير كهذا مثل التخلّي عن حصتها في شركة"بلومبيرغ"الإخبارية في مقابل 4.4 بليون دولار، وبيع 31 بليون دولار من أصولها المتعثرة بما لا يزيد كثيراً على 20 في المئة من قيمتها الفعلية. والتزم مجلس الاحتياط ووزارة الخزانة الصمت إزاء أي دور محتمل يمكن أن يكونا لعباه لتسهيل التوصل إلى اتفاق بين"ميريل لينش"وپ"بنك أوف أميركا"، لكن المؤكد أن غياب الدعم الحكومي ساهم في فشل"ليمان براذرز"في تسوية أوضاعه أو التوصل إلى اتفاق مماثل لاتفاق"ميريل"ومصرف"بير ستيرنز"قبله مع مرشحين رئيسين لشراء أسهمه، هما"بنك أوف أميركا"ومصرف"باركليز"البريطاني، ما دفعه إلى اللجوء إلى طلب الحماية من الدائنين.