أظهرت تحقيقات اجراها الجيش الاسرائيلي، بعد تلقيه شكوى من مؤسسة "بتسيلم" الحقوقية، تورط جندي في اعاقة مرور أم فلسطينية على حاجز عسكري قرب نابلس قبل ثمانية ايام، ما ادى الى وفاة جنينها. وفرض الجيش عقوبة طفيفة على الجندي، اذ سرحه من الخدمة، وحجزه 14 يوما كاجراء انضباطي. وكانت نهيل ابو ريدة 21 عاما وصلت مع زوجها وشقيقه الى حاجز حوارة العسكري الخميس قبل الماضي وهي في حال مخاض، لكن جنود الحاجز منعوها من المرور الى المستشفى، ما ادى الى وفاة الجنين الذي وضعته في السيارة. وقال الزوج مؤيد ابو ريدة 39 عاما ل"الحياة"إن الجنود شاهدوا زوجته في السيارة وهي في حال ولادة حقيقية، ومع ذلك رفضوا السماح للسيارة بالدخول، وأخذوا يفاوضونه على اجراء اتصالات مع المستشفى لارسال سيارة اسعاف الى الحاجز لنقلها. واضاف ان المفاوضات مع الجنود استمرت نحو ساعة، وهو زمن كاف لأن تتم الولادة ويموت الجنين في العراء بعيدا عن اي رعاية طبية. ولدى مؤيد كل الاسباب للقول إن الجنود تعمدوا احتجاز زوجته حتى الولادة والموت:"كان الجنود يقفون على مسافة من السيارة كافية لان يشاهدوا زوجتي وهي في حال مخاض، ويسمعوا صراخها وهي تتمزق من الألم، ومع ذلك لم يرفضوا السماح لنا بالمرور فحسب، وانما اخذو يطلبون منا عدم اصدار أصوات ازعاج". وعندما وصلت سيارة الاسعاف من نابلس الى الحاجز العسكري، كان نصف الجنين خارج رحم أمه على مقعد السيارة. وقال مؤيد بحسرة وألم:"كان الوقت الذي مضى كافيا لموت الجنين". وللزوجين نهيل ومؤيد طفلة عمرها سنتان، وكانا يحلمان بقدوم المولود الجديد الذكر:"كنا اخترنا زيدا اسما له، لكن عندما مات سجلناه في شهادة الوفاة عبدالله، لانه واحد من عبيد الله الذين ذهبوا ضحايا اسرائيل"، قال الأب. ويعيش الزوجان في قرية تدعى قسرة على بعد 25 كيلومترا جنوب شرق نابلس. والزوج خريج جامعي، لكنه يعمل في اشغال يدوية. ويقول مؤيد إن آلام المخاض جاءت لزوجته عند الثانية عشرة من منتصف الليل ومن دون مقدمات، خصوصا انها في الشهر السابع وليس التاسع، ما اضطره الى نقلها الى المستشفى ليلا. وتقطع اسرائيل اوصال الضفة الغربية بأكثر من 600 حاجز عسكري. وادت هذه الحواجز الى حبس السكان في سجون كبيرة، والى اعاقة اي نمو في الاقتصاد. وكانت اسرائيل لجأت الى الحواجز العسكرية في الاسابيع الاولى من الانتفاضة عام 2000 بذريعة منع وصول مهاجمين الى اهداف اسرائيلية، لكنها واصلت استخدامها كنوع من العقوبة الجماعية والضغط السياسي على السلطة حتى بعد انتهاء الانتفاضة وعودة المفاوضات. وتشير احصاءات مؤسسات دولية عاملة في الاراضي الفلسطينية الى ان اسرائيل رفعت عدد الحواجز العسكرية بعد استئناف المفاوضات في مؤتمر انابوليس عام 2007 من 500 حاجز الى 604 حواجز. وشهدت هذه الحواجز عشرات حالات الولادة والموت لنساء ومرضى قادمين من الريف الى المستشفيات في المدن.