لا تشذ خريطة البرمجة الرمضانية، في القناتين المغربيتين، عما اعتاده المشاهد في السنوات السالفة. وهي بذلك لن تختلف عن بقية القنوات العربية الأخرى، بما أن السمتين المميزتين لبرمجة كهذه ترتكز أساساً على الفكاهة والدراما، إضافة الى برامج تتميز بالمواضيع الروحانية والدينية. وهكذا يجري التنافس على تقديم مسلسلات الپ"سيتكوم"المضحكة والبرامج المسلية الخفيفة مع وقت الإفطار، على أن تتبعها المسلسلات الدرامية في ما بعد. لكن السؤال الذي يظل مطروحاً في كل مرة، هو المستوى الفني والمضمون الذي تقدمه هذه البرامج التي تتعرض كل سنة للكثير من النقد من الصحافة والمهتمين. وبحسب ما هو متداول، قررت القناة الأولى الرهان على نجاحات أعمال السنة الماضية، فعزمت على برمجة الجزء الثالث من"سيتكوم"بعنوان"سير حتى تجي"، يصوّر أجواء العمل في إدارة حكومية مع ما يتخللها من مواقف مسلية ومثيرة. السلسلة من بطولة النجم المسرحي والكوميدي محمد الجم، وتأليف الناقد السينمائي مصطفى المسناوي، وإخراج سعيد آزر، وتدوم كل حلقة منها عشرين دقيقة. وستقدم مباشرة بعد فقرة"الكاميرا الخفية"التي تترصد شخصيات عمومية معروفة للإيقاع بها. وفي خانة المسلسلات تقدم القناة الجزء الثاني من مسلسل"الأبرياء"الذي أخرج جزأه الأول محمد عاطفي، وأشرف على الجزء الثاني المخرج الشاب المتمرس بالپ"سيتكوم"علي الطاهري. يأخذ المسلسل أحداثه من وقائع حقيقية، ويتم التركيز فيه على تبيان التناقضات التي تعتري أفراد المجتمع، عبر ما يعيشه عميد شرطة يومياً من قضايا أناس تصير حكايات شخصية ترافقه، وتنغص عليه حياته، ما يجعله عرضة للكثير من الشكوك والوساوس من أقرب الناس إليه، الشيء الذي يوقعه في الكثير من المواقف غير المتوقعة. وفي ما يخص الدراما، ستعرض القناة مسلسل"الغريب"من تأليف المخرجة الشابة ليلي التريكي وإخراجها. وهو عبارة عن دراما ناطقة باللغة العربية الفصحى، تقع أحداثها في زمان ومكان افتراضيين. أما القناة الثانية فقد آلت أن تزاوج ما بين التجديد والعودة الى برمجتها الرمضانية السابقة. وهكذا ستقدم القناة في فترة الإفطار سلسلة فكاهية جديدة بعنوان"مبارك مسعود"، وهي مكونة من ثلاثين حلقة مدة كل واحدة منها عشرون دقيقة. وقد أبدعها وأنتجها المنتج التلفزيوني أحمد بوعروة وذلك من خلال إشرافه على محترف كتابة الحلقات مستحضراً عنصر الإضحاك كأساس للعمل عبر وجود نجمين معروفين للكوميديا، هما عبد الخالق فهيد ومحمد الخياري، اللذان باتا ضيفين ثابتين كل موسم رمضاني. ولكن هل سيوفقان هذه المرة في فكاهة موزونة ومسؤولة؟ هذا ما تراهن عليه القناة الثانية. وتعتمد السلسلة على استحضار حالات النحس في الحياة اليومية من خلال شخص مسعود الطيب الذي يتهمه محيطه بجلب"النحس". وبرمجت القناة الثانية مسلسلاً درامياً جديداً للفنان المسرحي والتلفزيوني شفيق السحيمي الذي سبق أن حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً عبر مسلسل"وجع التراب". المسلسل الجديد مقتبس من رائعة الكاتب الروسي دوستويفسكي"الإخوة كارمازوف"، وسبق وقدمت بعض حلقاته تحت عنوان"صيف بلعمان"، وهو الآن بعنوان"تريكة البطاش". وتدور وقائعه حول شخص ثري صاحب نزوات ومجون ما ينعكس في شكل مأسوي على عائلته وتصرفات أفرادها إزاءه. المسلسل من بطولة المخرج نفسه والممثلة المخضرمة نعيمة إلياس وهدى صدقي. كما أنتجت القناة الثانية مسلسلاً تراثياً بطله الشاعر الزجلي المعروف في الذاكرة المغربية سيدي عبدالرحمن المجذوب الشهير برباعياته الساخرة العميقة المعنى التي تتناول بالنقد اللاذع والحكم البليغة المجتمع المغربي والتي صارت أمثالاً. وفي باب الاستمرارية، برمجت القناة الجزء الثالث من السلسلة الحكائية الشعبية"رمانة وبرطال"التي تستقي عوالمها من التراث الفولكلوري والشعبي المغربي، من خلال سرد وتمثيل حكايات تربط بينها حكاية أصلية أساسية، على شاكلة الحكايات الشفوية المتشعبة والمتداخلة، في أجواء يغلب عليها الطابع التقليدي القديم من ديكورات وملابس. وتعرف السلسلة تألقاً كبيراً للممثلين من الجيل الجديد كسناء عكرود وياسين أحجام. وفي المنحى ذاته سيتابع المتفرج المغربي الجزء الثاني من السلسلة الفكاهية"رحيمو"التي تؤدي دورها، أي شخصية رحيمو، الممثلة المعروفة منى فتو الى جانب الممثل محمد نظيف. ورحيمو شخصية ساذجة ستجد نفسها وريثة ثروة مالية كبيرة لكنها تحلم فقط بالفوز بقلب رجل يحبها. وهو ما سيضعها في مواقف وحالات متناقضة وساخرة. وإذا كان الانتاج المحلي مسيطراً هذا العام على المشهد التلفزيوني في شهر رمضان، فإن القناتين العموميتين المغربيتين لم تحرما جمهورهما من مسلسلات درامية عربية جديدة، مصرية وسورية خصوصاً، لإرضاء مشاهد ينتظر كل عام جديد الدراما العربية.