غضب في الهلال من تقنية الفيديو    سعود بن نهار يستأنف جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    السعودية وصندوق النقد الدولي يطلقان غدًا مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة    البرازيل تتعهد بالمعاملة بالمثل رداً على رسوم ترمب    السعودية والقضية الفلسطينية موقف داعم منذ عشرات السنين    وزير الداخلية يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    من الدرعية إلى جدة.. ولدت حكاية الفورمولا إي في السعودية    القبض على مخالف ومقيمين بمنطقة الرياض لترويجهم 4.5 كيلوغرام من «الشبو» المخدر    "البيئة" ترصد هطول أمطار في (8) مناطق عبر (95) محطة    أمير جازان يزور معرض جازان للكتاب 2025 " جازان تقرأ " ويطلع على فعاليات المعرض    التراث الثقافي من المحاكاة إلى التطوير    مفتاح حل المشاكل    الشام وخطوة الاتصال اللحظي أو الآني    الذوق العام تطلق مبادرة "ضبط أسلوبك" بالتزامن مع تسوق شهر رمضان المبارك    عبدالعزيز بن سعود يزور وحدة العمليات الأمنية المركزية الإيطالية    جامعة الأمير سلطان تحصل على الاعتماد الأكاديمي لبرامج الطيران من مجلس الاعتماد الدولي (AABI)، لتصبح بذلك أول جامعة سعودية في الشرق الأوسط    المنتدى السعودي للإعلام يصنع التأثير في عام التأثير 2025    أمير الباحة يعزّي الزهراني بوفاة ابنه    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميز خدمة ضيوف الرحمن    Big 5 Construct Saudi ينطلق اليوم ويستمر لأسبوعين لتسليط الضوء على الابتكار والاستدامة والريادة في الصناعة    لبنان يوقف 26 متورطاً في اعتداء «اليونيفيل»    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب جنوب سيبيريا    «الداخلية»: ضبط 22,663 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    القيادة تهنئ رئيس جمهورية صربيا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    التبادل السادس.. تسليم 3 رهائن إسرائيليين في خان يونس    «برايتون» يكسر عناد «تشلسي»    فريق سومي لي يتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة للسيدات وجينوثيتيكول تتصدر الفردي    يوم الحسم في بطولة البادل بموسم الرياض    بشكل علمي.. اكتشف مدى نجاحك في العمل من لونك المفضل    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    فندق شيدي الحجر في العلا يفتح أبوابه للضيوف    الأشراف آل أبو طالب يحتفون بيوم التأسيس في صامطة    جمعية «صواب» بجازان تختتم دورة «التسويق الإلكتروني»    مناحل بيش تحصد ثلاث ميداليات ذهبية جديدة وميدالية بلاتينيوم في باريس    سهرة حجازيّة مميزة في دار فرنسا بجدة    وزير الخارجية الأردني يؤكد على موقف بلاده الثابت في رفض تهجير الفلسطينيين    مجلس إدارة "أوبن إيه.آي" يرفض عرضا من ماسك بقيمة 97.4 مليار دولار    %72 من الشركات السعودية تستعين بحلول الذكاء الاصطناعي    متوسطة العلاء بن الحضرمي تحتفل بيوم التأسيس    «العودة» إلى رتبة لواء    سيدات القادسية إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    اعتزال الإصابة    جودة الحياة في ماء الثلج    في يوم النمر العربي    العنوسة في ظل الاكتفاء    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل إقتصادي - جولة الدوحة الإنمائية : "كل شيء أو لا شيء"
نشر في الحياة يوم 04 - 08 - 2008

شكّلت جولة الدوحة، قبل نحو سبع سنوات، منعطفاً استراتيجياً في محادثات منظمة التجارة العالمية. فالبلدان المتقدمة واجهت بلداناً نامية صَلُبَ عودُها، وعاندت في موقفها الموحّد، للمرة الأولى منذ بدء الجولات الأولى للمنظمة بين 1986 و1994، بعد أن تحوّل"النظام التجاري المتعدّد الطرف"غات إلى"منظمة التجارة العالمية". وتفادياً لحدوث اختلالات في قواعد التجارة العالمية، التزم المتحاورون في الدوحة، إجراء محادثات شاملة تهدف إلى"إحداث تحسين جوهريّ في قدرة الوصول إلى السوق وخفض كل أشكال الدعم للصادرات، تمهيداً لإلغائها على مراحل وإحداث خفوضات جوهرية على الدعم المحلّي الذي يشوّه التجارة".
واستغرقت المحادثات سبع سنوات تخللتها ثمانية اجتماعات مع اجتماع الدوحة، في كانكون 2003، هونغ كونغ 2005، باريس 2005، بوتسدام 2007، وجنيف 2004 و2006 و2008 انتهت بالفشل، بعد ترسّخ الاختلاف في المواقف بين الدول المتقدمة والدول النامية بما فيها الناشئة. وكانت الجولة الأخيرة بمثابة إنذار إلى المنظمة العالمية، من شلّ قدرتها،إذا تعثَّر التفاهم بين دول الشمال ودول الجنوب، خصوصاً لناحية تيسير التبادل الزراعي والغذائي والخدمات. وشكّلَ تعثُّرُ المفاوضات الأخيرة، اتهاماً مباشراً إلى الأفرقاء، بحيث سعى كلّ فريق إلى تحقيق مصالح بلاده، من دون أن يُقدّم تنازلات. واعتبرت التنازلات غير مهيّأة حالياً، نظراً إلى ما قد تسببه من تأثيرات سياسية سلبية داخل الدول، أو تنعكس على الوضع الزراعي وتضايق المزارعين لا سيّما أصحاب الحيازات الكبرى في البلدان المتقدمة، أو الفقراء لدى البلدان النامية.
وتجاه المأزق، الذي قد يستمر سنوات، تفقد منظمة التجارة العالمية مهمتها الأساسية، وهي"ضمان إنسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليُسر والحرية". كما تفقد جولة الدوحة الهدف من انعقادها، وهو الإنماء، وسميت"جولة الدوحة الإنمائية"، سعياً إلى تحقيق الرخاء في كل بلدان العالم وخفض عدد الفقراء فيها، من طريق فتح الأسواق العالمية أمام المنتجات الزراعية للدول النامية، من جهة، بما يعزّز تطوّر الزراعة وتحسين معيشة المزارعين في الأرياف، ورفع دخولهم المالية، وتيسير انسياب المنتجات الصناعية من جهة ثانية، بما ينقذ الاقتصاد في البلدان المتقدمة. لكن تجاوز الاشتراط المتبادل، لا يتم إلا بخفض الدعم عن الصادرات الزراعية، وتالياً خفض المساعدات الداخلية إلى المزارعين، ما ترفضه البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ونتيجةً لمثل هذا التصلب، اعتبرت منظمة الزراعة والأغذية العالمية فاو،"أن المزارعين الفقراء في العالم النامي، على رغم توفير الفرص الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الدولية، غالباً ما يجدون أنفسهم غير قادرين على المنافسة في أسواق ما وراء البحار، كما أن الواردات الأجنبية كثيراً ما تتغلّب عليهم في بلدانهم". هذا التوصيف رافق بداية الاجتماعات التي أعقبت جولة الدوحة، ويبقى صالحاً للآن.
وتبدو أهمية التبادل التجاري للمنتجات الزراعية، كونها تمثّل 8 في المئة من قيمة تجارة السلع العالمية التي تتجاوز 12 تريليون دولار 95 في المئة منها تعود إلى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، سواء للصادرات أو للواردات، مع فارق بسيط بين قيم الاتجاهين. وحققت 4 في المئة معدل نمو سنوي بين 2000 و2006 مقابل 5.5 في المئة للتبادل العام. وتشكل صادرات أميركا اللاتينية والوسطى وأفريقيا وآسيا أكثر من 38 في المئة من إجمالي الصادرات الزراعية العالمية، في مقابل 17.8 في المئة لأميركا الشمالية وأوروبا، وتتغلب المنتجات الزراعية في البلدان المتقدمة على منتجات البلدان النامية والناشئة، ما يتسبب بخلل ويلجم النمو في تلك البلدان. ونتيجةً لفشل مفاوضات جنيف الأخيرة، أرجئ درسُ الاقتراحات التي قد تنقذ منظمة التجارة العالمية. وبدا إرجاؤها، عرضاً، من خلال محادثات الرئيسين الأميركي والبرازيلي نهاية الأسبوع الفائت، إذ أعربا"عن أسفهما لفشل المحادثات"، وأكدا التزامهما التوصل إلى اتفاق عبر"تطوير استراتيجية لحث خُطى المحادثات".
فما الذي خسره الأفرقاء، ليثابروا على العمل من أجل إنقاذ جولة الدوحة؟
لا يمكن تقويم تداعيات فشل محادثات جنيف إلا من خلال ردود الفعل المصاحبة لإعلان الفشل. فرئيس المفوضية الأوروبية ربط بينه وبين ما يمكن أن يمنحه الاتفاق من دفع للاقتصاد العالمي. فاجتماعات جنيف تمّت بعد أن شهد العالم سلسلة أزمات عقارية، مالية وغذائية، أوقفت فيها بلدانٌ تصدير حبوب رئيسة مثل الرز، وحرمت أسواقاً منها، كما ارتفعت أسعار الحبوب إلى مستويات قياسية، ما حدا برئيس المفوضية إلى القول:"عملنا من أجل اتفاق عادل ومتوازن كان يمكن أن يخلق وضعاً للربح المتكافئ لكل الأطراف، وكان في إمكان مثل هذا الاتفاق أن يعطي الاقتصاد العالمي دفعاً هو في أمسّ الحاجة إليه". وأكد رئيس غرفة التجارة الدولية"أهمية السعي، في ظلّ البيّنة الاقتصادية الحالية، إلى تعزيز الرخاء العالمي وتشجيع تطوير اقتصادات الدول النامية التي تبقى الخاسر الأكبر إذا فشلت المحادثات بصورة نهائية".
لا شكّ في أن تيسير انتقال الإنتاج الزراعي عبر البوابات الجمركية، من شأنه أن يمدّ الاقتصاد العالمي بمصل النمو المنكمش راهناً، والمتوقع أن تتوسّع رقعة يباسه السنة المقبلة. وهي حالة عامّة وشاملة. وفوّتت البلدان المتقدمة فرصةً للاستفادة من هذا النمو، على اعتبار أن البلدان النامية، خصوصاً الناشئة، لا تزال تحقق معدلات نمو مرتفعة.
من جهة ثانية، فإن الولايات المتحدة، التي سعت إلى تجزئة بنود الاتفاق للحصول على ما يناسبها وإرجاء بحث الخلافات إلى اجتماعات ثانية، سيبقى إنتاجها الزراعي المدعوم، يواجه حواجز جمركية وإدارية تعيقُ دخوله إلى أسواق البلدان النامية. وفي الهند وأندونيسيا وغيرهما، سيبقى ملايين المزارعين ، بلا سقف يضمنُ رخاء المجتمع الريفي، ويقضي تالياً على طموح التوسع في النشاط الزراعي. حتماً يبقى هذا الوضعُ أفضل مما لو جزّئ الاتفاق، ولذا كان موقف الهند"كل شيء أو لا شيء، لكي تحصل الدول الفقيرة على أفضل صفقة ممكنة".
ويبقى أن الرخاء لن يعم، والفقراء لن يتقلّص عددهم، ومستويات أسعار الغذاء ستبقى مرتفعة.
ومصير المنظمة العالمية على المحك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.