لعب الأطفال في الشوارع لم يكن مشكلة قبل سنوات، فهي المساحة الوحيدة التي يمكن أن تحتويهم حين يفتقدون الملاعب أو المنتزهات المخصصة لهم. ولطالما كانت الشوارع فضاء عاماً ومكاناً مناسباً لالتقاء الأصدقاء ولعب الكرة. لكن الايام تغيرت, وافتقدت ألعاب الحي للبراءة كما"افتقد المخيم للروح الجماعية والاجتماعية"كما يقول طارق الخطيب، وهو باحث اجتماعي وصحافي متحدثاً عن واقع المخيمات الفلسطينية في سورية. ويضيف"نظرات التحدي لا تفارق عيونهم يحدقون بالمارة بتحد, وكما يقال الغلطة بورطة فمن يرد على هذه النظرات بمثلها حتى ولو من دون قصد، سقط في هوة عميقة. أما احترام الأكبر سناً فما عاد مألوفاً إذ يكفي هنا أن تكون ذكراً". والواقع أن المخيم صار يضم مزيجاً سكانياً كبيراً، ولم يعد يقتصر على عدد معين من عائلات الفلسطينيين, ما أدى إلى تكتلات وتلاحمات لكل مجموعة على حدى. وبالتالي وفي حال وقوع أي مشكلة بين فريقين، تبدأ عملية تجييش واسعة للمنتمين لكل فريق لحسم النتيجة. لكن معركة واحدة لا تكفي لحسم الامور فتتحول شوارع المخيم بلحظة إلى ساحات معارك. وآخر الادوات القتالية التي دخلت تلك الساحات بعد الأحزمة والعصي والسكاكين، العصا الكهربائية التي بات متعارفاً عليها في مثل هذه الحالات. ويضم مخيما اليرموك وفلسطين المتجاورين ما يقارب مليون نسمة في رقعة جغرافية صغيرة، مع ما يولده هذا الاكتظاظ من ضغط واحتقان في نفوس الشباب والمراهقين، خصوصاً مع انعدام الفضاءات والمساحات التي تمتص طاقاتهم وتفرغها بشكل إيجابي كالنوادي الرياضية ومراكز الترفيه. وإذا وجد بعض الأهالي شيئاً من الاطمئنان لافتتاح مقاهي انترنت ومحال لالعاب الفيديو داخل المخيم, تبعد أبناءهم عن الشوارع, إلا أن الالعاب الشائعة فيها تمهد لثقافة العنف وترسخها إذ يغلب عليها الطابع القتالي ككاونتر سترايك، وألعاب الاستراتيجيات الحربية. ويخرج الاولاد من تلك المحال فيطبقون على رفاقهم بعضاً من تلك الالعاب.