في مطلع شهر تموز يوليو الجاري، شهدت العاصمة الفرنسية باريس فاعليات"بطولة العالم الثالثة لألعاب الفيديو"Video Games World . وسيُقدّم عرض مهنيّ وعالميّ على حدّ سواء. جاء المشاركون من كلّ حدب وصوب، وأتوا من تشيلي وبلغاريا والمغرب وفرنسا والولايات المتّحدة وكوريا. ووصل عددهم إلى 700 شخص قدموا من 52 بلداً. ولانت أعينهم إلى الجائزة الكبرى للمسابقة، التي تتمثل بمبلغ 300 ألف دولار أو ما يعادل 250 ألف يورو. وأمضوا أسبوعاً من العيش الافتراضي، أمام شاشات ألعاب الفيديو. وشارك العرب بلاعب قطري، خرج من الجولات الأولى للتصفيات. وبذا، بدا أن العالمان الإفتراضي والواقعي للرياضة العربية، قريبان من بعضهما بعضاً. استضافت هذه البطولة العالمية في ألعاب الفيديو صالات كاروسل - اللوفر. ورعتها شركات عالمية في إنتاج الالعاب الإلكترونية وأدواتها، مثل سوني منتجة أجهزة"بلاي ستاشين" PlayStation ومايكروسوفت صانعة جهاز اللعب"إكس بوكس" XBox ونينتاندو التي أطلقت أخيراً جهاز"ريفوليوشن"Nintendo Revolution وغيرها. وعلى الصعيد اللوجستي المُباشر، نظمت ذلك الحَدَث العالمي شركة فرنسيّة حديثة العهد تُدعى"ليغارينا"، لم يمض على تأسيسها سوى 5 سنوات. ويشرح مهندس الكومبيوتر أدريان فنسان، الذي يتولى إدارة تلك الشركة أن شركته تضم 8 موظّفين راهناً." لكن في ظلّ حدث مثل بطولة العالم الثالثة لألعاب الفيديو، يرتفع عددنا إلى المئة... ومع انتهاء السنة الحالية، نقدّر أنّنا سنحقّق ارباحاً كبيرة، خصوصاً مع توقع أن تصل المبيعات إلى نحو 1،5 مليون يورو". وسرعان ما ينخرط مدير"ليغارينا"في شرح أثر دخول البورصة وأموال المُضاربات على الألعاب الافتراضية، اسوة بما يحصل بالألعاب الحقيقية. إذن، فالاحتراف هو أيضاً سيد الموقف في الرياضة الالكترونية. ويبدو أن روح الهواية ماتت على الكومبيوتر، بأسرع مما فعلته في الالعاب الواقعية. وباتت منافسات ألعاب الفيديو بعيدة كليّاً من عالم الهواة. وقد شاركت فرق محترفة، أو شبه محترفة في أفضل الأحوال، في هذه البطولة. عرض حقيقيّ وحضور كبير تفرض المنافسة الرياضيّة جمهوراً، وقد حظيت"بطولة العالم الثالثة لألعاب الفيديو"بجمهرة كبيرة من المشاهدين. وفي هذا الإطار، يشرح المدير فنسان أن هذا الأمر يمثل نوعاً من الاختصاص الباريسي، خصوصاً إذا" قارناه بالبطولتَين السابقتين اللتين أجريتا في كوريا والولايات المتّحدة... تريد باريس أن تحوّل بطولة العالم في الألعاب الإلكترونية الى عرض جماهيري ضخم، لا بل الى استعراض". وأضاف:"وضعنا 1500 مقعد في الساحة الرئيسة مع شاشة عملاقة بطول 24 متراً وعرض 6 أمتار. كما جهّزنا كاميرات لتسليط الضوء على اللاعبين وعلى حركاتهم، وللاستماع الى تعليقات مباشرة على المباريات أيضاً". هل تفوقت بطولة باريس فعلياً على البطولتَين السابقتَين العالميّتَين؟ ربما يجب على الجمهور إعطاء مثل تلك الإجابة. وقد سعّرت"ليغارينا"المنافسة عبر إجراء مباريات عدة في ألعاب"غران توريسمو 4" Grand Tourismo 4 و"كويك أرينا 3" Quick Erena3 . ونجحت في تكرار الشيء نفسه في كثير من المنافسات، خصوصاً مباراة الإناث في لعبة"كاونتر سترايك"Counter Strike. والجدير ذكره أنّ القوانين الرسميّة لم تتبدّل. فما زلنا نجد في قائمة الألعاب"واركرافت 3"WarCraft3 و"برو إيفولوشن سوكر 4"ProRevolution Soccer 4 و"كاونتر سترايك"و"غران توريسمو 4"و"كويك أرينا 3". يدافع المسؤولون في شركة"ليغارينا"عن هذا الاختيار شارحين:"إنّ صانعي ألعاب الفيديو قد يرغبون في رؤية أحدث ألعابهم على ساحة المباريات... لكنّنا نختار الألعاب وفق شعبيّتها وحسب. مثلاً، نعلم كلّنا أن لعبة"كاونتر سترايك"ظهرت منذ 5 سنوات، لكن إن قصدنا مقهى للإنترنت في أثينا أو كيوتو أو بكين أو غيرها من عواصم العالم، فسنجد أنّ الناس ما زالوا يلعبونها". ان هذه ميزة أساسيّة لتصنيف رياضة من هذا النوع بأنها عالميّة. في كواليس بطولة العالم في ألعاب الفيديو لقد تصاعد الضغط النفسي للمباريات بصورة تدريجية. وفي صبيحة الافتتاح، كانت مجموعات بألوان مختلفة ولغات متعددة، تتدافع امام مدخل كاروسل اللوفر في باريس. أمّا في الداخل، فكانت الأمور المهمّة بدأت، مع إنطلاقة المرحلة الأولى من تلك البطولة. وفي هذا الوقت، كان الناس يتمشون عبر مساحة 7 آلاف متر مربّع مخصّصة لألعاب الفيديو. وتدافع أشخاص كثيرون أمام منصّة لعبة"غران توريسمو". في الحلبة الرئيسة التي أطلقوا عليها اسم"الحلبة الكبيرة"، جلس نحو مئة شخص في الصفوف الأماميّة من دون أيّ ضجّة، لكن في انتظار ظهور... بطل! ترقّب الجميع المباراة الكبرى من المرحلة الأولى للعبة"كاونتر سترايك". وقد تأخرت ساعة عن الوقت المقرر لانطلاقتها. 11 فتاة في فريق"فرنسا" لم تتمكّن فرق كثيرة استقلّت السيّارات، من الوصول في الوقت المحدد. إذ وقعت ضحيّة ازدحام سير باريسي خانق. فيما لم يواجه هذه المشكلة اللاعبون الذين اختاروا الحضور بواسطة المترو! وتلك كانت حال الفريق الفرنسيّ"بيت أوف ذي باست"الذي يشتهر بقوّته في لعبة"كاونتر سترايك". وقد بلغ عدد أعضاء ذلك المنتخب 38 لاعباً، بينهم 11 فتاة. ويشرح جان باتيست الشاب المتحمس للكومبيوتر ومدير الفريق الأمر على النحو الآتي:"بما أنّنا لم نواجه مشكلات في المواصلات، وصلت اللاعبات بهدوء هذا الصباح إلى اللوفر. وبالتالي حظيت كلّ واحدة بالوقت الكافي لتحضّر آلتها. في الواقع، لقد وجدن صعوبة في النوم في الليلة التي سبقت الافتتاح، لكنهن أبدين ثقة كبيره بأنفسهن. امتاز فريقنا بوحدته، وهي الميزة التي حفّزت منتخب فرنسا في كرة القدم في العام 1998. وشعرنا بأنّنا نستطيع إحراز هدف مهمّ. لم تضعنا القرعة ضمن مجموعة سهلة. وتوجّب علينا مجابهة الفريق الصيني القوي في المراحل الأولى من المسابقة". القسم العلمي بالتعاون مع مركز الترجمة - "دار الحياة"