"ليونيرا" من إخراج بابلو ترابيرو فيلم أرجنتيني من تمثيل مارتينا غوزمان - ايللي مديروس حين عرض هذا الفيلم، للمرة الأول، في مهرجان"كان"السينمائي، قبل شهور قليلة، توقع له كثر أن يفوز بإحدى الجوائز الرئيسة في الدورة. بل ثمة من رشحه لپ"السعفة الذهبية"، لكن المهرجان انقفض ولم يفز الفيلم بشيء. ولعل التعويض يأتي في العروض التجارية. فپ"ليونيرا"فيلم عاطفي وإنساني مشغول بدقة، ليتحدث عن موضوع وبيئة، ربما يكونان جديدين على سينما أيامنا هذه: موضوع الفيلم يدور حول الصبية جوليا، التي كانت حاملاً لبضعة أسابيع حين اكتشفت في شقتها جثة والد الطفل. جوليا التي تفقد ذاكرتها تماماً إزاء ما حدث، تودع في السجن بتهمة القتل، ليبدأ الفيلم الحقيقي: هناك تلد الطفل وتربيه، مغدقة عليه كل حنانها وأمومتها، هي التي تُخبر سلفاً بأنها لا يمكن أن تحتفظ به هناك، معها الى الأبد، بل سينتزع منها ما إن يصبح في الرابعة. وبالفعل تأتي والدة جوليا، في الموعد المحدد، كي تأخذ الطفل وتربيه... لكن جوليا لا تستسلم بسهولة الى فقدان طفلها. "24 ... مدينة" - من إخراج جيا جانكي فيلم صيني من تمثيل لو ليبنغ - يوان شن يتأرجح المخرج الصيني جيا جانكي في أفلامه بين ما هو وثائقي وما هو روائي. غير أن هذا التنوع بين توجهين أساسيين في عالم السينما، لا يجعله يبتعد كثيراً عن موضوع أساسي في سينماه: هجوم العمران على المدينة، كما على الأرياف، مدمراً التقاليد والحياة الهادئة لسكان لا يمكن أياً منهم أن يفعل شيئاً حيال ذلك. هذا الموضوع يشغل الحبكة الرئيسة في أفلام كثيرة له وخصوصاً"دونغ"وپ"طبيعة صامتة" وهو في هذا الفيلم الجديد، الذي عرض، كذلك، في دورة"كان"الأخيرة، يدنو منه في شكل يمزج بين الروائي والوثائقي، ليتحدث عن مدينة عمالية كانت تعتبر نموذجية، لكنها دمرت تماماً كي يقام مكانها مجمع سكني فخم يسمى "24 ... مدينة". وحكاية المدينة العمالية ثم المدينة الجديدة يقدمان إلينا في هذا الفيلم عبر ثلاثة أجيال وثماني شخصيات، تضم أثرياء جدداً وعمالاً عجائز... ما يجعل الفيلم يتأرجح، كذلك، بين الحنين الى الاشتراكية والتطلع الى آفاق جديدة. ويجعله بالتالي كناية عن تاريخ راهن للصين. "سينكدوش، نيويورك" من إخراج تشارلي كوفمان فيلم أميركي من تمثيل فيليب سيمور هوفمان - سامانتا مورتون بعد أن جرب حظه طوال سنوات - وحقق في معظم الأحيان نجاحات لا مراء فيها ? في مجال كتابة السيناريو لأقلام نخبوية غالباً وفنية الاتجاه دائماً، ها هو تشارلي كوفمان يقرر أخيراً أن يخوض تجربة الإخراج. ولذا حقق بنفسه هذا السيناريو المركّب، إنما الساحر لمن يحب هذا النوع من السينما، الذي الى حد ما يكاد ينتمي الى السيرة الذاتية، أو ما يدنو منها كثيراً. ذلك أن الفيلم يتحدث عن مخرج مسرحي نيويوركي يوشك الآن أن يموت، إضافة الى ان زوجته تركته الى برلين مع طفلتهما. غير أن هذا لا يمنعه من إقامة علاقة جديدة أتبعها بعلاقات متتالية. من دون أن يمنعه من ذلك مرضه الغامض الذي يدمره يوماً بعد يوم. وهو إذ يرعبه هذا الموت البطيء ورؤيته كل شيء يفلت من بين يديه، يقرر أن يقدم عرضاً كبيراً في مستودع نيويوركي حوله صالة مسرح ضخمة. والعرض يقوم على ممثلين يتوجب على كل واحد منهم أن يقدم هنا - بطريقة تمت بصلة الى مسرح بيرانديللو - شريحة من حياته، وسط ديكور يرسم صورة للمدينة ويكبر أمام أعيننا لحظة بلحظة. } "خط المرور" من إخراج والتر ساليس ودانييلا توماس فيلم برازيلي من تمثيل ساندرا كورفيلوني وآخرين ربما كانت كثيرات تتنافسن على الحصول على الجائزة المخصصة لأفضل تمثيل نسائي في دورة"كان"الأخيرة. وكان لكل فنانة أنصارها المراهنون على فوزها. ولكن حين أعلن أن بطلة هذا الفيلم هي الفائزة، صفق الجميع. بل تذكروا أن"خط المرور"يستحق أكثر من جائزة. ففي العمل الجديد لوالتر ساليس شراكة مع توماس، هذه المرة، فصول من الحياة اليومية لشعب الشريحة السفلى في المجتمع البرازيلي في ساوباولو: عائلة تتحلق من حول الأم كورفيلوني تتألف من أربعة صبيان متفاوتي الأعمار، وربما الآباء أيضاً. والأم حامل من جديد: لكل ابن حكايته وأحلامه وآماله المنتظرة حيناً والمحبطة حيناً آخر. والأم ضائعة، إذ تعمل خادمة بالكاد يمكنها تدبير حياة أبنائها، لا تعرف كيف يكون الغد، وما الذي سيكون عليه مصير كل ابن من أبنائها. في النهاية يسير كل شيء من دون نهاية سعيدة أو تعيسة. لأن الحياة، هي، دائماً هكذا، تمر رغماً عنا، شئنا أم أبينا. ولما كانت الحياة لا تتكيف معنا، نجدنا نحن دائماً متكيفين فيها، ولولا هذا التكيف، يقول الفيلم، لن تكون هناك حياة.